الأحد 2024-12-15 00:10 ص

النثائر المشعرنة

07:09 ص

تم توقيع ديوان شعري مؤخرا تضمن الديوان قراءات نقدية وقراءات تفكيكية ...والخبر منشور في كل الصحف اليومية وصورا كثيرة...والمهم أن الصحف نشرت القراءات النقدية في الديوان الشعري ودعوني أقتبس لكم مما نشرته الصحف اليومية لأحد النقاد عن الديوان حيث قال :- (يكشف عنوان الكتاب عن صيغة من التحدي والكبرياء والمقاومة حيث يكون الرقص ردا على الالم وهي صيغة مبطنة بالقهر السري وبعزيمة الدفاع عن النفس وبرغبة الانتصار على الحلم المشظى ولو بالمكابرة. هذه النصوص تنتمي الى الخواطر الشعرية العاطفية التي لا تتقيد بموسيقى الشعر ولكنها تجاذبه وتسايره وتتداخل بماهيته وايماءاته تداخلا مشحونا بالوهج الشعري، فهي نصوص من النثائر المشعرنة بالصورة الفنية أو الكناية المتقدمة أو الاستعارة الذكية، نصوص تتدانى من استحقاق الشعر الصافي مثل ينبوع جبلي مفاجئ يبحث عن مجرى ليصر نهرا . إنتهى الإقتباس))

استوقفتني جملة (النثائر المشعرنة)، وحاولت جاهدا أن أفهم معناها؟
يا ترى حين يجيز الزميل سمير الحياري مقالاتنا فهل يعتبرها من النثائر المشعرنة أم أنه يوقفها لأنها نثائر ولكن (مش مشعرنة) ...ومن الممكن أن نختلف أنا والحياري مثلا أقول له من قبيل الدفاع عن وجهة نظري :- يا أخي لاحظ الصيغ المبطنة بالقهر السري وبرغبة الإنتصار على الحلم المشظى ولو بالمكابرة ...فيرد علي رئيس التحرير قائلا :- نعم ولك للأسف أيها الزميل لا يوجد لديك استحقاق الشعر الصافي مثل ينبوع جبلي مفاجئ يبحث عن مجرى ليصب به .
تحتفي المكتبة بالنثائر المشعرنة، في الوقت الذي يمر به عام كامل على وفاة حبيب الزيودي شاعر الأردن والقامة العربية التي لا تدانى، ودون ذكر لهذا الرجل ..ودون حتى أن يسمى رف أو زاوية في المكتبة الوطنية باسمه، ... وتسخرهذه المؤسسة كل إمكاناتها لخدمة ما يسمى بالنصوص التي تتداني من استحقاق الشعر، دون حفل تكريم يذكر للشاعر حيدر محمود الذي كتب للأردن (شجر الدفى على النهر يغني) من غير خوف أو قلق وغنت له فيروز وغنت نجاة،ووصل لمرحلة ربما قرر فيها أن يستقيل من الشعر وحيدر لنعترف له بأنه كتب موقفا سياسيا حين كان الرصاص يغتال المواقف..
أنا لا أعترض على الديوان الشعري ولكن ما يسمى بهذه اللغة النقدية لم اشاهدها في معظم الصحف العربية ولم اشاهد ناقدا يستعمل مصطلح النثائر المشعرنة، تخيلوا أن هذه الجملة عرضت على صحفي فهل سيجيزها أم سيضحك مثلي ويعبر ...
في العالم كله لغة النقد هي لغة تبسيط وتفكيك للنص فيها عبور على الجو النفسي وفيها نظرة للنص من الناحية البلاغية، فيها رأي ....ولكن الغريب لدينا أن لغة النقد أكثر تعقيدا من النص نفسه، وأنا قدر لي أن أطلع على ديوان الشاعرة ..ولم أجد فيها أي مقومات للقصيدة هو مجرد نصوص خالية من الوزن من القافية، من القضية ومن المضمون الشعري، ولكن في النهاية تحتفل المكتبة بكتاب من الممكن أن نسميه محاولات نثرية ليس إلا مليئة بالأخطاء النحوية وما أحصيت منها يقارب الـ(100) خطأ .
وزيرة الثقافة الحالية هي في الأصل كاتبة ومثقفة وأديبة أردنية, وأتمنى عليها أن تقرأ الديوان أو ما يسمى بالديوان وتجيبني بلحظة صفاء هل يستحق هذا الأمر كل هذه القراءات النقدية وتشغيل كامل مرافق المكتبة وملاحق الصحف الثقافية لأجل أن نكتشف أن هناك شيئا ثالثا يتجاوز الشعر والنثر وهو (النثائر المشعرنة) ...وبالتالي علينا أن نضيف لوزارة الثقافة دائرة جديدة بجانب دائرة المسرح ونسميها دائرة (النثائر المشعرنة) .
النقد الأدبي له أصول وضوابط، وما يحدث الآن في الحياة الثقافية والأدبية الأردنية هو مشابه لما يحدث في الصحافة الإلكترونية، فمن الممكن أن يصبح (معلم شاورما) ناشرا ويدخل في صراع مع الحكومة ..وفي الحياة الثقافية من الممكن لكل من يعتقد نفسه بأنه شاعر بأن يطبع كتابا وفي النهاية المكتبة الوطنية جاهزة بكل مرافقها ...والصحافة جاهزة بكل نثائرها المصحفنة لنقل الخبر.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة