السبت 2024-12-14 21:40 م

(النقد الدولي): زيادة في صلابة الاقتصادات الصاعدة وتوسع في النامية وارتفاع المخاوف للمتقدمة

09:03 ص

الوكيل - أكد صندوق النقد الدولي أن الاقتصادات المتقدمة شهدت 100 عام من التعامل مع أعباء الدين العام المفرطة، حيث واجهت العديد منها أعباءً ذات مستوى مساو ٍ لمستوياته السائدة حاليا أو أعلى منها، وكان التباين كبيرا في المناهج المتبعة لمواجهة هذه الأعباء، جاء ذلك ضمن تقرير افاق الاقتصاد العالمي لشهر ايلول الذي صدر مؤخرا.

وبين الصندوق أن المخاوف قد زادت بشكل ملحوظ حول مدى استمرارية أوضاع المالية العامة بسبب انخفاض النمو واستمرار عجز الموازنة، والالتزامات المستقبلية والاحتمالية المرتفعة من جراء ضغوط الإنفاق المرتبطة بشيخوخة السكان، وضعف القطاعات المالية.
وتجدر الإشارة إلى أن مستويات الدين العام التي تتجاوز 100% من إجمالي الناتج المحلي ليست أمرا غير معتاد. فعلى مدار القرن الماضي، تعرض 14 بلدا من أصل 22 بلدا تضمها قاعدة بياناتنا لموجة واحدة على الأقل من ارتفاع المديونية إلى مستوى أعلى من 100%، وقد تعرضت عدة بلدان لموجات متعددة من هذا القبيل.
أما على مستوى الاقتصادات الصاعدة والنامية، فأوضح الصندوق هذه الاقتصادات زاد بشكل ملحوظ صلابتها مقيسة بمدى قدرتها على مواصلة التوسع الاقتصادي والتعافي السريع من حالة الهبوط، فالتوسع الاقتصادي يستمر لفترة أطول، وحالات الهبوط والتعافي أصبحت أكثر سطحية وأقصر أجلا. وكان العقد الماضي هو المرة الأولى التي يظل فيها التوسع فترة أطول في هذه الاقتصادات والتي تكون حالات الهبوط فيها أضيق نطاقا مقارنة بالاقتصادات المتقدمة.
ويُفسَّر ازدياد فترة التوسع على أساس جودة السياسات وانخفاض نسبة انتشار الصدمات الخارجية والمحلية. ذلك أن ثلاثة أخماس التحسن ترجع إلى تحسن السياسات، بينما ُتعزى النسبة الباقية إلى انخفاض تواتر الصدمات.
وأضاف الصندوق أن الاحتمال كبير للهدوء النسبي الذي شهدته هذه الاقتصادات على مدار العامين الماضيين يمكن أن يكون مؤقتا. فهناك مخاطر كبيرة تهدد بهبوط كبير آخر في الاقتصادات المتقدمة، أو ظهور جوانب الضعف الداخلية فيها مرة أخرى.
وقد ساهم اتساع مساحة الحركة أمام السياسات الاقتصادية بدور رئيسي في الوقاية من الصدمات الخارجية.
و في تحليل للتجارب الاقتصادات المتقدمة خلص الصندوق إلى عدة نتائج أساسية، وهي: تخفيض الدين العام يستغرق وقتا، وخاصة إذا كانت البيئة الخارجية ضعيفة، حيث هي عملية تشبه سباق الماراثون وليس سباق عدو سريع، وللنجاح في تخفيض الدين، يتعين ضبط أوضاع المالية العامة واستخدام مزيج من السياسات الداعمة للنمو. وتتضمن العناصر المهمة في هذا المزيج سياسة نقدية داعمة وتدابير تعالج جوانب الضعف الهيكلي في الاقتصاد.
وعند ضبط أوضاع المالية العامة، يجب أن يكون التركيز على الإصلاحات الهيكلية المتواصلة في المالية العامة وليس التدابير المالية المؤقتة أو قصيرة الأجل. وفي هذا الخصوص، يمكن أن تساعد قواعد المالية العامة على الاحتفاظ بأي مكاسب يتم تحقيقها.
واخيرا يجب إعطاء الأولوية القصوى اليوم إلى إكمال عملية الضبط المالي باتخاذ تدابير لدعم النمو، ولا سيما إجراء إصلاحات هيكلية واتباع سياسة نقدية على درجة عالية من التيسير.
وقد زادت المخاوف بشكل ملحوظ حول مدى استمرارية أوضاع المالية العامة، بسبب انخفاض النمو، واستمرار عجز الموازنة، والالتزامات المستقبلية والاحتمالية المرتفعة من جراء ضغوط الإنفاق المرتبطة بشيخوخة السكان، وضعف القطاعات المالية.
ولاحظ التقرير اختلافاً كبيراً بين تجارب البلدان التي ارتفعت نسبة الدين فيها إلى أعلى من 100%، وعدم هبوط نسبة الدين فيها بشكل عام إلا بوتيرة شديدة البطء.
وأوضح التقرير أن إصلاح الخلل المالي وتخفيض الديون يستغرق وقتا طويلا، وفي كثير من الاقتصادات المتقدمة لم يتراجع الدين إلا بنسبة هامشية في المتوسط بعد مرور 15 عاما من تجاوزه نسبة 100%، وأحد أسباب ذلك هو صعوبة تخفيض العجز الأولي بسرعة.
اقترح الصندوق واستنادا إلى التحليل الذي اجراه خارطة طريق للنجاح في تسوية أعباء الديون المفرطة الحالية، تتضمن بنودها:
- نظرا لضعف بيئة النمو، يعتبر دعم النمو أهم الأولويات لمواكبة الآثار الانكماشية المترتبة على الضبط المالي.
ويجب أن تركز السياسات على حل المشكلات الهيكلية الأساسية داخل الاقتصاد، كما يجب أن تكون السياسة النقدية داعمة قدر الإمكان.
- نظرا للوقت الذي يستغرقه تخفيض الديون، ينبغي التركيز في عملية الضبط المالي على التغييرات الهيكلية الدائمة. ويمكن أن تساعد في هذا الخصوص قواعد المالية العامة، كالمطبقة في بلجيكا، التي تعزز الشفافية والمساءلة في عملية الميزانية.
وفيما يتعلق بالاقتصادت الصاعدة والنامية، فبين التقرير أن هذه الاقتصادات لم تصبح محصنة من هذه الصدمات، وذلك أن الصدمات المختلفة، سواء منها الخارجية والداخلية، ترتبط بنهاية فترات التوسع في هذه الاقتصادات. ومن بين الصدمات الخارجية، نجد أن التوقف المفاجىء في التدفقات الرأسمالية، وفترات الركود في الاقتصادات المتقدمة، والارتفاعات الحادة في درجة عدم اليقين العالمي، وهبوط معدلات التبادل التجاري، كلها صدمات تزيد من احتمالية انتهاء التوسع. ومن بين الصدمات الداخلية، تؤدي فترات الرواج الائتماني إلى مضاعفة احتمالات تحول التوسع إلى هبوط بحلول العام التالي، بينما تؤدي الأزمات المصرفية إلى زيادة هذه الاحتمالات بمقدار ثلاثة أضعاف.
ولدرء مخاطر الصدمات الجديدة، ستحتاج هذه الاقتصادات إلى إعادة بناء احتياطياتها الوقائية حتى تضمن استعادة حيز واسع يكفل لها اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة هذه الصدمات.
وأشار التقرير أنه قد تحقق أداء جيد في كثير من اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية على مدار العقد الماضي وعبر الأزمة المالية العالمية، لكن السؤال الذي يدور حاليا في أذهان صناع السياسات هو ما إذا كان هذا الأداء القوي سيستمر.
وبين التقرير أن هناك من الأسباب ما يدعو إلى التفاؤل، بما في ذلك تحسن صنع السياسات واتساع «حيز الحركة» أمام السياسات الاقتصادية أي المساحة المتاحة لاتخاذ إجراءات تواجه بها الصدمات دون التأثير على الاستمرارية. لكن الأداء الجيد الذي تحقق مؤخرا يرتكز على عوامل متقلبة، مثل التدفقات الرأسمالية الداخلة القوية، والنمو الائتماني السريع، وأسعار السلع الأولية المرتفعة.
وأخيراً بين التقرير، انه للوقاية من هذه المخاطر، ستحتاج هذه الاقتصادات إلى إعادة بناء مساحة الحركة المتاحة أمام السياسات الاقتصادية حتى تستطيع التصدي للصدمات. ففي سياق الهبوط العالمي، اسُتخدِمَت مساحة الحركة المتاحة لهذه السياسات من أجل دعم النشاط، وهو إجراء صائب. وستكتسب هذه الاقتصادات صلابة أكبر أمام الصدمات إذا تم الحفاظ على التحسينات الأخيرة في أطر السياسات بما في ذلك زيادة مرونة أسعار الصرف واتباع سياسات اقتصادية كلية أكثر مسايرة للتقلبات الدورية بينما تجري إعادة بناء الاحتياطيات الوقائية.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة