الوكيل- عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت صدرت رواية جديدة للقاص والروائي إبراهيم أحمد، الرواية ضخمة،تقع ب675 صفحة من القطع الكبير وتتناول موضوعاً حساساً ومعقداً، عبر شخصية رئيسية محورية هي العجوز يونس ، الشيوعي العراقي القديم، الذي يحاصره رفاقه القدامى بعزلة خانقة، وحملة نبذ وتشهير بتهمة ينفيها هو، تقول أنه قدم تنازلات للسلطة في لحظة ضعف تحت التعذيب في سجن قصر النهاية أوائل السبعينات.
في محنة بطل الرواية الحزينة والمثيرة للشجن، نتلمس المسار الطويل والصعب لليسار العراقي بمختلف تياراته واتجاهاته، حيث نرى كيف أن الحزب الشيوعي نشأ وارتبط منذ ولادته، بالسوفيت ومصالحهم وصراعهم مع المعسكر الرأسمالي، بينما حاولت تيارات يسارية علمانية ولبرالية الحفاظ على استقلال نشأتها ومسارها الوطني الحر. في واقع سياسي اتسم بالاحتراب والصراع مع النفس ومع الآخر خاصة القوى الاستعمارية، وشركات النفط فيما بعد . يستعين يونس بصديقه القديم الروائي جلال العطار الذي عاصر نشوء وقيام الدولة العراقية وفصائل الحركة الوطنية لتتبع خيوط الصراعات السياسية والاجتماعية في تلك الحقب البعيدة. حيث يبعث مع الموت في ثورة للشهداء، مستذكرين أيام صعود الأحلام الوطنية سواء على أفق اليسار بمختلف اتجاهاته وارتباطاته أو على أفق الحركة الوطنية الأصيلة، ثم انكفائها وتحطمها وبدء الخراب العام والشامل. مقتفين أسباب ذلك قي أخطائها أو ضربات العدو. عبر إضاءة لزوايا التاريخ العراقي، ومنعطفاته الحادة وتفجراته المريرة. نكتشف ذلك عبر تقاطع مصائر شخوص الرواية بلغة روائية محكمة أخاذة. جاء في غلاف الرواية :
احدث انهيار الشيوعية في الاتحاد السوفيتي، وبلدان أخرى في العالم، انعكاسات حادة وعميقة على حياة ونفوس عشرات الآلاف من الشيوعيين العرب! مأساة العجوز يونس رحيم الشيوعي العراقي كانت مدخلاً له للوقوف لا على خيبته وحسب، بل وخيبة وطنه وأجيال أخرى؛ منيت بالخسارة والألم الكبير، في نكبات متلاحقة!
يروح بطل الرواية من بيته المتداعي في أعلى قلعة قديمة على الجبل يتأمل تاريخه الشخصي وتاريخ بلاده؛ عبر رحلة طويلة مع شهداء حزبه، مستعيناً بصديقه الروائي المخضرم جلال العطار الذي يبعث من الموت فجأة! تغوص الرواية معهم في تلافيف تاريخ العراق الحديث منذ الاحتلال البريطاني، وتكون الدولة الحديثة، نشوء الأحزاب والحركات الفكرية والثقافية، وبداية الصراعات الطائفية والقومية. وترصد من خلال شخصيات وجماعات كثيرة محاولة العراقيين الخروج من ركام الماضي الثقيل إلى رحاب الحضارة، والحياة الجديدة، وما رافق ذلك من عذاب وتضحيات! تقف الرواية بشكل خاص أمام الأعداد الهائلة للشهداء الذين قضوا دون أن يتحقق شيء من أحلامهم. على العكس: تحقق ما هو مجاف ومناقض لطموحهم. فيطرح يونس بجرأة سؤالاً مشروعاً: من يقطف عادة الثمار التي ترويها دماء الشهداء؟ وما جدوى الاستشهاد؟ ومن يحرض عليه وهو في مأمن ونعيم؟
الرواية إذا تبرز تجربة الشيوعيين وتحطمها على صخرة فكرتهم الصماء المستحيلة والتي خضعت لإرادة السوفيت، ودعوة جماعة الأهالي، واصطدامها بنزعة العسكر، والإرهاصات القومية المشتتة والمتصارعة. فإنما تقف بشكل جوهري أمام خيبة الإنسان، وتهاوي أحلامه الكبيرة، ووقوع الأمل في متاهته القاسية المريرة، وانتشار ضباب الحيرة والضياع تحت سماء أرتبط بها شروق الشمس!
تفتتح الرواية أحداثها مع العجوز يونس وهو في بيته الصغير الفقير في قلعة أربيل، خاضعاً لقرار الحزب بالعزل الذي جاء لإسكاته ومعاقبته على معارضته للانحراف الذي يرافق الكثير من الأحزاب الثورية، التي تتفسخ بشكل مريع بعد أن تتسلم السلطة فيؤدي أن انهيارها وسقوطها مع الأنظمة التي شيدتها بالتسلط والقمع؛ فتدفع الشعوب بذلك أثماناً باهظة. تتأجج في يونس دائماً ذاكرته المثقلة بالأحزان والعذاب والأمل المتلاشي. محاولاً عبثاً إثبات براءته. يدعي لافتتاح مقبرة للشهداء وهناك تبلغ ذاكرته ذروة مسارها حين يثور الشهداء ناهضين من قبورهم ليسألوا قادتهم المطمئنين إلى مسيرتهم وشعاراتهم: قولوا لنا لماذا استشهدنا، أي جدوى لاستشهاد هذا العدد الهائل من الشهداء، بعد انتهينا لهذا الخراب الشامل الكبير؟ هل ثمة فخر في زمن الفجيعة أن يسمى حزب، بحزب الشهداء؟ أي مجد تصنعه دماء تذهب سدى؟ تدور الرواية في السنوات الثلاث الأخيرة من العهد السابق لكنها تستشرف من خلال ذاكرة يونس أحداثاً تبدأ مع الاحتلال البريطاني للعراق. حيث نشهد بدايات تشكل اليسار وظهور الأفكار الاشتراكية وتأسيس الحزب الشيوعي، مع انتعاش بهذا القدر أو ذاك للمناخ اللبرالي العام وولوج المجتمع العراقي عصر الحداثة والتنوير. تتنازع شخوص الرواية تجاذبات مريرة وقاسية، قومية وطائفية ومعارضة سياسية حادة في تطلعاتها ومطالبها، وتخبط الدولة الحديثة في عملها في هذه الأجواء الضاغطة. كأن الرواية تتحدث عن الحاضر الماثل بكل تعقيداته وصراعات عبر أحداث المضي، لتقول ما يقع اليوم هو قد حدث في الماضي، ولكن جرى استيعابه وامتصاصه بشكل آخر! أية دولة قامت بعد الاحتلال البريطاني للعراق، وأية دولة قامت بعد الاحتلال الأمريكي؟ كيف تعاملت الطوائف والقوميات والنخب السياسية والثقافية مع ذلك العهد، وكيف تعاملت مع العهد الجديد بكل ما حمل من مفاجآت وتعقيدات وكوارث. كأن العجوز يونس إذا يعيد سرد التاريخ بلغته الحزينة يحاول تقديم إضاءة لعتمة الحاضر. الرواية تجعلنا نعرف بشكل أعمق حقيقة ما يجري اليوم في العراق، فهي تطرح سؤالها الأساسي: لماذا حل فيه كل هذا الخراب؟ ولماذا وصل وطن يحمل الكثير من مقومات الخير والجمال والسعادة إلى هذا التمزق والشقاء والدمار؟
في الرواية يمتزج الموتى بالأحياء، الخيالي بالواقعي والوثائقي، الاسم الحقيقي بالمستعار، الجو السياسي بالشعري والحلمي، والمأساوي بالفكاهي، في رحلة روح معذبة هائمة تشق طريقها بين الصخور والأشواك نحو شاطئ بعيد!
ورغم طول الرواية إلا أن تكنيك كتابتها على شكل فصول قصيرة،ومحطات مقاربة، جعل من السهل المضي في قراءتها دون ملل، بل أن تلاحق أحداثها وترابطه الخفي والمعلن يجعل متابعتها مشوقة وممتعة.
يتوقع أن تثير الرواية أصداء وانعكاسات مختلفة في الأوساط التي تناولت الرواية بعض من جوانب تاريخها أو آثارها الخاصة، فهي لا تهم عشرات آلاف الشيوعيين العرب وحسب، بل أولئك الذين يشغلهم أن يعرفوا سر هذا القلق العاصف في حياة العراقيين على هذه الأرض التي ارتوت بكثير من الدماء، ولم يثمر فيها حتى الآن سوى الحزن والشقاء، مجسدة الإحباط المتكرر، والوجود الإنساني القلق والمدمر!
وكان الكاتب قد بدأ النشر في الصحف العام 1965 وكتب الكثير من المقالات والتحقيقات الصحفية والإذاعية .نشر مجموعته القصصية الأولى (عشرون قصة قصيرة جداً )عام 1976
أصدرت وزارة الإعلام العراقية مجموعته القصصية( زهور في يد المومياء ) بعد مغادرته البلاد وقد حذفت منها عدداً من القصص والفقرات.
أصدر في المنفي الكتب التالية: صفارات الإنذار مجموعة قصص
بعد مجيء الطير مجموعة قصص،المرآة مجموعة قصص
طفل السي إن إن رواية ( صدرت في بيروت عن دار الكنوز الأدبية بتقديم عبد الرحمن منيف). وقد أحدثت أصداءً طيبة.التيه في أيس مجموعة قصص، لارا زهرة البراري مجموعة قصص
الانحدار رواية،قصة حب لزهرة الأوركيديا مجموعة قصص
أنت تشبه السيد المسيح،ترجمت له العديد من القصص إلى لغات مختلفة كالإنجليزية والألمانية والسويدية والروسية والنرويجية والدنماركية وغيرها وبعض قصصه نشرت ضمن كتاب مدرسي مقرر على طلاب المدارس الثانوية في السويد عن أدب الشرق الأوسط. صدرت له مجموعة قصص مترجمة إلى السويدية بعنوان( أنت تشبه السيد المسيح)
كتاب (محاولة في تحليل المسألة الطائفية في العراق) مجموعة مقالات.
لديه العديد من الروايات والمجموعات القصصية وكتب المقالات الثقافية والسياسية والتحقيقات الصحفية المعدة للنشر.عضو اتحاد الأدباء العراقيين منذ عام ،1970، عضو اتحاد الكتاب السويديين.عضو نادي القلم العالمي.
مارس العمل السياسي والثقافي المباشر لعقود طويلة. واضطر تحت الملاحقة لمغادرة العراق عام ، 1979 تنقل في المنافى بين الجزائر وهنغاريا واستقر منذ عام 1989 في السويد .نشر مقالاته في العديد من صحف العراقية والعربية التي تصدر في لندن وغيرها من البلدان.
كتبت الرواية في السويد، بغداد، القاهرة. الفترة بين آب 2000 نيسان 2013
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو