الخميس 2024-12-12 01:18 ص

انخفاض منسوب نهر الأردن "مخاطر بيئية وإنسانية"

05:39 م

الوكيل الاخباري - ممدوح النعيم : نهر الأردن الذي سجلت على ضفافه سطور من تاريخ الإنسانية التي تواكبت على العيش عند ضفافه بات اليوم مجرد مجرى وذكرى لنهر عظيم بسبب الاعتداءات على روافده المائية التي كانت ترفده بكميات من المياه وصلت في عقد الخمسينيات الى ما يقارب 1,3 مليار متر مكعب ليصل حجم تصريف المياه في مجراه بالوقت الحالي الى اقل من 30 مليون متر مكعب مما يهدد بقاء النهر وزواله اذا ما استمر الوضع على ما هو عليه .



نهر الأردن الذي يعد من الروافد الأساسية للبحر الميت الذي بات حاله من حال النهر بتراجع مساحته وانخفاض منسوبه , هجرته العديد من العناصر البيئية بسبب مخلفات المصانع الكيماوية الإسرائيلية والمياه المالحة والضخ الجائر لما تبقى من مياهه من قبل المزارعين على امتداد طول النهر البالغة 251 كيلو متر .


روافد نهر الأردن الأساسية تتكون من التقاء نهر الحاصباني من لبنان وبانياس واللدان من سورية , مرورا ببحيرة طبريا , مما يعني ان كل من الاردن وسوريا ولبنان وإسرائيل تتشارك بموضوع مياه نهر الأردن ومستقبله .


السياسي يطغى ,,,,, العلاقات الثنائية بين الدول العربية من جهة ومع إسرائيل انعكست سلبا على واقع النهر فلجأت هذه الدول إلى إقامة مشاريعها المائية الخاصة بها دون اخذ الاعتبار لحقوق الدول المجاورة في مياه النهر أو بشكل أدق لم تؤخذ بعين الاعتبار الحقوق الطبيعية والبيئية للنهر ,وشكل قيام إسرائيل بتحويل مجرى نهر الأردن في عقد الستينيات لتصب في منفعة المستوطنات ضربة أصابت النهر إصابة بليغة أدت إلى تراجع كميات تصريف المياه بمجراه الذي أصبح مجرد مجري مائي وبقايا لذكرى نهر عظيم.


الاهتمام بواقع نهر الأردن والسعي لإنقاذه ليس طرحا ترفيا كما يتصور البعض فهذا النهر المتصل بالتاريخ الإنساني والبعد الروحي لأصحاب الديانات السماوية الثلاث , إضافة إلى ما يشكله النهر في مكونات الثقافة الإنسانية , ومروا لأهميته الاقتصادية والاجتماعية والبيئية , كلها عوامل دفع نحو ضرورة الانتباه لواقع النهر الذي شكل ويشكل على الدوام عامل تثبيت الإنسان بالأرض .


ومن هنا نلحظ أن اهتمام العالم بنهر الأردن تعود للعام 1867 عندما قامت بعثة بريطانية بدراسة تتصل بإمكانية إقامة مشاريع على نهر الأردن والتي كان من بينها مشروع روتنبرغ الذي بوشر العمل فيه بالعام 1926 من اجل استثمار مياه نهري الأردن واليرموك عند نقطة تلاقيهما لإقامة مشروع توليد الطاقة الكهربائية,ثم تتابعت أفكار المشاريع التي تستهدف مياه نهر الأردن فكان بعدها تأسيس شركة المياه الإسرائيلية التي أسست على فكرة قيام الدولة اليهودية لم تكن موجودة بعد والأخطر من ذلك كان مشروع لوذر فيك بتجفيف بحيرة الحولة وتحويل نهر الأردن الأعلى شمال طبريا الى مناطق مرج ابن عامر مرورا بسهل بيسان ووصولا الى مناطق النقب .


دخل نهر الأردن صراع البقاء مع الجانب الإسرائيلي مبكرا حيث تم إفشال مشروع إقامة سد على نهر اليرموك في العام 1953 في منطقة المقارن بسعة تخزينية تصل الى 480 مليون متر مكعب إضافة الى سد العدسية الذي كان من المتوقع ان يروي ما يقارب 400 ألف دونم إضافة إلى إنتاج الكهرباء ويساهم في تثبيت أبناء الأغوار في أراضيهم .


في العام 1955 تم وضع خطة ما يعرف بخطة جونستون والتي عمدت الى تقسيم المياه بين العرب وإسرائيل على النحو التالي حصة الأردن 52 في المائة بمعدل عام يصل الى 720 مليون متر مكعب سنويا ,سوريا تحصل على 132 مليون متر مكعب, لبنان 35 مليون متر مكعب ولإسرائيل باقي التدفق بعد ان تحصل الدول العربية على كامل حصتها ,ونظرا لعدم اعتراف الدول العربية بإسرائيل لم يتم التوقيع على تلك الخطة .


الصراعات العسكرية والسياسية حولت نهر الأردن إلى ملعبا دوليا تتبارى على ضفافه القوى العظمى لتحقيق غاياتها في تحرير الأرض والإنسان , بينما على ارض الواقع دخل النهر صراعا مع قوى الطبيعة التي أحدثت تغييرات جذرية على واقعه,, سنوات من الجفاف حولته من نهر عظيم على نهر شبه عاجز يتيم .


يقول جيران النهر من الضفة الشرقية كان النهر بحرا ومعه كنا أقوياء , يضيف عبدالله الفالح البالغ من العمر 80 عاما ' كنت من هواة السباحة في نهر الأردن وكنا نسمع بطولات صيادي السمك الذين يرون بالمجالس مغامراتهم , كان النهر طموح وحلم الشباب في الصيد او السباحة,,, يضيف عبدالله,,, عندما شاهدت النهر في آخر مرة لم اصدق ان هذا نهر الأردن العظيم الذي تخشاه الرجال ,,, يالله ,,, لقد أصبح مجرد قناة صغيرة داخل ارض زراعية '.


يضيف أبو سلطان ' في فصل الشتاء يرتفع منسوب النهر لأيام اعتبرها من أيام العمر لأنها تعيدني الى الذكريات الجميلة عندما كانت الشريعة ' النهر ' شريعة لا يقترب منها الا المهرة بالسباحة والصيد اليوم لم يتبقى غير الذكريات '


يشير احد المزارعين في بعض الأحيان تنبعث من الشريعة ' النهر ' روائح كريهة' إضافة الى قيام الجانب الإسرائيلي بجر ما تبقى من مياه في مجرى النهر عبر أنابيب ضخمة إلى الجانب الغربي من النهر '


بدوره الخبير البيئي المتخصص في شؤون نهر الأردن رئيس جمعية أصدقاء الأرض المهندس منقذ مهيار قال ' نحن لا نملك أدوات الفعل السياسي الإجرائي الذي يمكننا من تحقيق الهدف الذي نسعى أليه وهو حماية نهر الأردن من الاندثار والزوال بسبب الاعتداءات الواقعة عليه من قبل دول الجوار خاصة عملية ضخ المياه لغايات الري وبطريقة جائرة تؤثر على كمية ونوعية المياه المتدفقة في مجراه وبالتالي يكون لها اثر كبير على العناصر البيئية ضمن محيط النهر إضافة الى عمليات التلوث التي تتم بشكل ملحوظ من كافة الأطراف المجاورة للنهر '


يضيف المهندس مهيار ' نهر الأردن مهمل بطريقة غير طبيعية , ونسعى ونبذل الجهود من اجل تحريك المسئولين , باتجاه العمل على فتح ملف نهر الأردن علما بأننا مع فتح ملف المياه بالكامل وليس نهر الأردن فقط لأننا نشعر أن حقوقنا في موضوع المياه لم نأخذها , ,,,,, كانت منقوصة من خلال المفاوضات ,ومياه نهر الأردن واحد من تلك الحقوق والملفات '


ويشير المهندس مهيار ' بخصوص عمليات سحب مياه النهر يفترض في سلطة وادي الأردن ان تعترض عليه , وان تكون هناك منظومة أمنية تمنع عمليات السحب '


وحول الإجراءات المتصلة بإعادة الحياة إلى نهر الأردن يبين المهندس مهيار' أقنعنا الإسرائيليين على ضخ المياه من بحيرة طبريا لأنه قبل العام 2013 كانت المياه التي تأتي من طبريا تقف عند منطقة تعرف باسم الو موت شمال منطقة الباقورة يكون فيها النهر داخل الأراضي الإسرائيلية وهناك يتم سحب المياه من خلال سد ترابي لإغراض زراعية, في العام 2013 تم الاتفاق مع الجانب الإسرائيلي على ضخ 9 مليون متر مكعب للنهر, على ان تصل مع نهاية العام الى 30 مليون متر مكعب ويرتفع الرقم خلال السنوات القادمة الى200 مليون متر مكعب '


الاستثمار ضمن المناطق المحاذية لنهر الأردن ضرورة اقتصادية واجتماعية وبيئية سوف تفرض على كافة الأطراف المجاورة للنهر الالتزام بالاتفاقيات التي تضمن ضخ المياه الى مجرى النهر من اجل رفع سوية الواقع البيئي الذي بات اليوم ضرورة أساسية من متطلبات دراسات الجدوى الاقتصادية وتشجع قيام الاستثمارات المجدية .


ولفت المهندس مهيار ' الباقورة منطقة عسكرية من جهتنا وعندما نتطلع الى ما يجري في الجانب الآخر من تطور , وسياحة تصل الى ضفاف النهر ,نتطلع الى جهتنا اننا غير قادرين على الوصول الى كيلو متر من الباقورة إلا عبر تصاريح '


ولفت مهيار يتهيأ لي بانه وحسب معاهدة السلام انه اتخذنا حماية الحدود على عاتقنا وليس على عاتقهم مما يصعب الوصول الى الباقورة وإقامة المشاريع هذا التوجه يجب ان يصحح لماذا حماية الحدود علينا وحدنا بينما في الجهة المقابلة يقوموا بإنزال السياح الى حد النهر '


وكشف المهندس مهيار عن إبلاغهم من قبل سلطة وادي الأردن بالموافقة على السماح بالعمل ضمن منطقة الباقورة والذي سوف يعقب ذلك الجلوس مع المسئولين لمعرفة المساحة التي سنعمل بها ...لافتا الى تقديم مشروع الباقورة كمعلم وطني تحتل المنظومة الأمنية فيه مرتبة متقدمة '


لم يبقى من النهر الذي تغنى به الشعراء , ,,, وحلم الشهداء ,,, غير بقايا من مياه تجري على خجل محملة ببقايا التلوث الكيماوي ورائحة برك الأسماك والصرف الجوفي والصحي والزراعي , رسالة لإنقاذ النهر المقدس الذي على جنباته عمد السيد المسيح عليه السلام وعبر فضائه الى القدس كان معراج سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام إلى السماء إنها قصة الأرض والإنسان والإيمان .





gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة