الضربات الاستباقية التي استهل بها مجلس وزراء الحكومة الجديدة اولى جلساته، ومن المتوقع ان يعلن عنها الرئيس، تستحق الترحيب، لكنها استنادا لما تم تسريبه من اخبار عنها ستكون غير كافية لتطمين الشارع على ان الدولة استعادت عافيتها، وان المسؤول التقط ذبذبات اصوات الناس، وان الاصلاح الموعود عاد الى سكته “الحقيقية”.
صحيح ان العودة عن بعض المقررات الخاطئة التي اثقلت على الناس وزادت اعباءهم(الرسوم على سيارات الهايبرد واقساط المدارس الخاصة والطبابة لمرضى السرطان وتسعيرة المحروقات مثلا) يدل على شجاعة الرجل في “اختيار” العنوان الصحيح الذي يفترض ان يتوجه اليه للتخلص من الانتقادات التي واجهته عند تكليفه بتشكيل الحكومة، وصحيح ان اطفاء بعض الحرائق التي اشعلت غضب الناس قد تكون مدخلا للتهدئة على هذه الجبهات الحيوية التي خرجت منها “الاحتجاجات” في الفترة الماضية، ثم صعدتها مفاجأة اشهار التشكيلة الحكومية، لكن الصحيح ايضا ان هذه الاجراءات والمقررات التي تبقى صغيرة ولم نسمع احدا يرددها على “الرابع”، ستفهم على انها تحصيل حاصل او في سياق التطمين وتقديم النوايا الحسنة، وستظل معزولة تماما عن سياق “الاصلاح الحقيقي” الذي ينتظره الناس، ما لم تتزامن مع “تغيير” حقيقي في السياسات، وما لم تتوجه الى فتح “الملفات” الكبرى التي ساهمت في صناعة “الازمة” التي نعاني منها جميعا، واهمها ملف المديونية وعجز الموازنة والعبث بالمقررات والمال العام، وملف “الفساد” الذي اصبح الاردنيون يعرفون تفاصيله، وملف الاصلاحات السياسية والتشريعية، وملف الاخطاء التي رافقت “تجربتنا” الديمقراطية في المرحلة الماضية.
لا نريد -بالطبع- ان تستغرق الحكومة في “نبش” التركة الثقيلة التي وجدتها أمامها، أو ان تنشغل “بمحاسبة” المسؤولين عنها، فما حدث في الماضي يمكن ان تسند مهمة “استقصائه” والمحاسبة عليه للجهات المعنية بذلك، ولكننا نريد منها ان تتطلع الى المستقبل، وان تبدأ “باختيار” العناوين الصحيحة لكي تثبت للمواطن انها جادة في تحقيق “اصلاح حقيقي”، وانها قادرة على اعادة ثقة الناس بمؤسساتهم، وان مهمتها ليست “اطفائية” فقط، ولا لمجرد امتصاص غضب الناس واحتجاجاتهم، وانما مهمتها “التغيير”: تغيير السياسات لا الوجوه، تغير المقررات لا الاجراءات، تغيير اتجاه البوصلة لا تغيير اتجاه العجلات فقط.
إذن، اختبار الحكومة الجديدة عنوانه “القضايا الكبرى” لا التفاصيل، والافعال لا مجرد التوجهات والوعود، فما تقدمه الآن كان يمكن ان يكون “انجازا” قبل شهرين، لكنه “بلغة المرحلة الجديدة” تحصيل حاصل، فسقوف المطالب ارتفعت، وأمل الناس “بالاصلاح” أصبح أكبر من ان تشبعه الدعوة الى “حوارات وطنية”، مهما كانت طبيعتها، والوقت - ايضا - لا يعمل في مصلحة الحكومة، فكل يوم تتأخر فيه عن الدخول في “معركة” الاصلاح يكلفنا أكثر مما نتوقع.
بوسعنا أن نقول: شكرا للحكومة على خطواتها وقراراتها، ولكننا نريد اخبارا اخرى، اخبارا دسمة، وتنسجم مع “الاصلاح الحقيقي” الذي وعدتنا به.. وتقنع الناس بأن محطة الانطلاق تغيرت فعلا، وبأن قطار “التغيير” يسير بسرعة أكبر، ويجب ان يكون في الاتجاه الصحيح الذي تعرفه الحكومة.. ويعرفه الناس أيضا.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو