السبت 2024-12-14 01:17 ص

بطاقة مكتوبة بالفحم !

08:30 ص

هناك سنوات في التاريخ لا رأس لها ولا ذيل، لأنها مجرد امتداد لما سبقها وما يتعانق فيها لحظة انتصاف الليلة الاخيرة من العام الماضي عقربان لا علاقة لهما بالزمن والساعات لأنهما عقربان ممتلئان بالسم ويبحثان عن ضحية، لكنهما حين لا يجدانها يلدغ كل منهما توأمه !

وهذه السنة على غرار شقيقاتها الخمس الماضية، بلا رأس، تماما كما ان الفوضى التي عصفت بنا جميعا وتمددت الى الماضي لتدمير شواهده واطلاله والى المستقبل لتحويل احفادنا الى رهائن هي ايضا بلا رأس، وما يضاعف من الشجن القومي هو هذه اللامبالاة وكأن الجسد الذي يتعرّض للعضّ وبتر الاعضاء هو جسد ديناصور او ضفدع استرالي، فالديناصور يقال ان سبب انقراضه هو القطيعة بين وعيه واعضاء جسده كما ان الضفدع العجيب لا يشعر بالألم الا اذا حزّ السكين عنقه، لهذا غالبا ما يطهى لدى من يأكلونه حيا لأنه لا يعرف الاحساس بالألم .
تمرّ الاعياد من مختلف الاسماء والالوان ونتبادل فيها عبارات رثّة تهرّأت طيلة قرون من الاستعمال بمعزل عن دلالاتها، ومن يقولون في تعزية بعضهم : يسلم راسك، لا يدركون انهم من تلامذة جحا الذي قال ان سلامة رأسه هي فقط ما يعنيه، لكنه دفع اخيرا ثمن انانيته ولامبالاته .
نعبر من عام الى آخر مثقلين بحمولة باهظة من الدم والدّمار لكن بلا دموع، ربما لأن قناة الدمع جفّت، اما ما تذرفه التماسيح في المناسبات من دموع فله حكاية اخرى يتولاها علماء الاحياء الذين يقولون ان دموعه هي لتسهيل عملية هضم ضحاياه !
هذا العام قد يختلف عن الاعوام التي سبقته فقط لأنه يتزامن مع عدة مئويات منها سايكس ـ بيكو وعلى بعد عام آخر من وعد بلفور اضافة الى سقوط الباب العالي، فالقرن الذي نودعه عبر ولم يشعر به المستغرقون في سباتهم الكَهْفي وكأننا خلاله كنا نراوح على طريقة « محلّكْ سِرْ «، فما جرى تقسيمه كبطيخة بسكين عمياء يعاد تشطيره الان الى كسور عشرية، وهناك من لا يهمهم الامر، حتى لو اصبح لكل حارة علم ونشيد وبرلمان .
كم كنّا نتمنى لو ان هذه المناسبات الجليلة لا تتزامن مع كل ما يحدث فهي تستحق كتابة اخرى، لكن التواطؤ بلغ ذروته !


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة