الجمعة 2024-12-13 23:57 م

بين الرصاص والحبر

10:49 ص

في الصف الثاني بدأت أجيد الكتابة , كان لدي قلم رصاص وممحاة , وحين كنت أكتب حرفا ناقصا أو حرفا غير صحيح على الورق كنت أشطب الحرف عبر الممحاة وأكتب غيره ...ميزة أقلام الرصاص أنك تستطيع عبرها أن تمحو ما كتبت , ولهذا محوت أشياء كثيرة في الطفولة .

في الصف السادس تم إلزامنا من قبل المدرسة بإستعمال أقلام الحبر, والحبر لايمحى أبدا , وقد تورطت في الأخطاء وقتها وكانت واضحة على الورق وتورطت في رسائل الغرام , التي ضبطت ..تورطت في اشياء كثيرة .
الحبر يشبه القدر الذي لا تستطيع الهروب منه , أما الرصاص فأنت تمحو ما سبق وتعيد الكرة مرة أخرى .
التاريخ يشبه الحبر لو أحضرت أية ممحاة في الدنيا فلن تستطيع طمسه , بالمقابل الغرام يشبه حروف الرصاص , فأنت إن فشلت فيه تستعمل ممحاة القلب وتمضي .
في حياتي لم أقرأ كلمة إسرائيل في الإعلام أو على صفحات الجرائد إلا وشممت رائحة أقلام الرصاص ...أنا شخصيا لا أعرف لماذا اشعر دائما أنها مكتوبة بقلم رصاص ..حتى لو تم صب الحديد عبر قوالب لكتابة إسمها ولكني دائما أحس أنها مكتوبة بقلم رصاص ...
وفلسطين دائما اشعر أنها وطن مكتوب بالحبر , ولو أحضرنا أكبر (ممحاة) في العالم فلن تجرؤ على طمس الإسم أو تغير معالمه ...
سورية أيضا وطن كتب إسمه في التاريخ بأقدم حبر عرفته البشريه ...لن يطمس ولن يمحى ولن يذوب مع الأيام ...
علينا أن نعرف أن هناك تاريخا يكتب بأقلام الرصاص وقابلا للمحي , وهناك تاريخ يكتب بحبر صاف وكل الدنيا لا تقوى على محوه ...
وعلى الكل أن يدرك في لحظة أن الزعتري إسم مؤقت في تاريخ دولتنا ومكتوب بالرصاص ويجب أن يمحى , ليس بمعنى الإزالة ..ولكن بمعنى عودة الناس لأرضهم وبيوتهم ووطنهم ...
من يريدون أن يتعاملوا مع اللجوء السوري على أنه واقع , كتب بأقلام الحبر فهم واهمون ...لأن المؤامرات دائما تكتب بأقلام الرصاص , ولأن إرادة الحياة وإرادة الشعوب قادره على طمسها ..وعلى محيها من سطور التاريخ


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة