السبت 2024-12-14 15:49 م

تبلّد حاسّة الشمّ عندنا

07:28 ص

بالأمس.. تفاجأتُ وأنا أسوق سيّارتي بشارع طويل عريض مليء بمياه المجاري.. شممتُ الرائحة بداية الأمر واعتقدتُ أن الموضوع طارئ.. لكنه استمرّ طويلاً رغم أنني استعجلتُ واستعجلتُ واستعجلتُ.. الرائحة تقلب المعدة.. أريد أن أقيء..! ولم تفلح كل محاولاتي لحبس أنفاسي..



اعترف أنني بعد أن وصلتُ البيت فشلتُ في نسيان الرائحة.. ليس لأنني فاشل كما يعتقد كثيرون.. بل لأنني ناجح تماماً في الشعور مع الآخرين..! قد تسألون: كيف؟ وما علاقة هذا بهذا..؟؟ حسناً.. سأجيبكم بمثالية لن يصدقها كثيرون منكم؛ لكنها الحقيقة.. والذي يصرّ على عدم التصديق فليراجع قدرته الأخلاقيّة..:-


لم تكن مشكلتي مع المسافة القصيرة التي اجتزتها بسيارتي وسط المجاري.. بل سؤالي لنفسي السؤال التالي: كيف يعيش الناس الذين سالت في شوارعهم ؟؟ كيف يتنفسون بشكل صحيح..؟ كيف يفكرون ويأكلون وينامون ويتسامرون بشكل صحيح..؟! تصورتُ أن الأمر دائم.. لذا بقيتْ الرائحة عالقة في حواسي استحضاراً..!


هل يتبلّد الإنسان مع الرائحة الكريهة..؟ هل تصبح تلك الروائح من «العاديّات» والأشياء التي لا تؤثر على مجرى الأمور..؟ بالمشرمحي: هل يتبلّد الشمّ وتصبح رائحة رحيق الورود شاذةً ومنكرةً وخروجاً عن المألوف..؟؟!


كل ما حولنا رائحة غير جميلة.. أنوفنا مزكومة.. تبلّدت حاسةُ الشمّ.. وإن تبلّد الشمّ؛ صارت رائحة الموتِ أقوى من رائحة الحياة.. وصارت كل القرارات عصبيّة المنشأ ولكنها بتركيز..لاحظوا (عصبيّة بتركيز)..!


أعطونا هواءً نقيّاً.. درّبونا عليه.. لكي تعودَ فطرتنا إلينا.. كي نشمّ رائحة رحيق الانسان الذي غطّت عليه كل روائح المخططات التي سكبوها في شوارعنا..!! أرجوكم: أخرجونا من مأزق الرائحة.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة