الوكيل - قانون “غير مفعّل” لمنع التدخين في الأماكن العامة يسنده خفض حكومي لأسعار السجائر، يضاف إليها ضعف خدمات عيادات إقلاع التدخين الحكومية المجانية، وسطوة إغراءات شركات التبغ “الخصم العنيد” على جمهور المدخنين، كل ذلك جعل الاردن الأعلى عربيا في معدلات التدخين.
على مدار سنوات ماضية طويلة، أطلقت منظمات صحية محلية وعالمية، وأرقام وإحصاءات، التحذير تلو التحذير، من الوصول الى مرحلة “كارثة وطنية” في الاردن، جراء انفجار معدلات انتشار التدخين، وخاصة بين الفئات الشابة، ما يزهق أرواحا بشرية، وخسائر اقتصادية كبيرة، بيد أن كل تلك التحذيرات لم تجد صداها في البيئات التشريعية والمجتمعية حتى الان، لتترسخ المشكلة الى درجة الاستعصاء، كما يرى خبراء.
وفي ظل دخول “تكنيكات دخانية” جديدة، انتشرت شعبيا بصورة لافتة أردنيا وعربيا، النرجيلة او “الشيشة”. تصنف منظمة الصحة العالمية الخسائر البشرية للتدخين بـ”الخطيرة والقاتلة”، خاصة بعد ان كشفت دراساتها الحديثة، عن ان الدخان يقتل كل أربع ثوان مدخنا، وبمعدل خمسة ملايين ضحية سنويا، تحدث اغلبها في الدول منخفضة الدخل ومتوسطته، وسط توقعات بأن يقتل التبغ قرابة نصف أعداد مَن يتعاطونه.
بحلول العام 2030، سوف يقتل التبغ، وفقاً لتقديرات المنظمة العالمية، أكثر من 8 ملايين شخص كل عام، فيما تصل الخسائر الاقتصادية في الاردن الى اكثر من مليار دينار، تنفق على علاج المدخنين، لاسيما وان 33 % من إصابات السرطان مرتبطة بالتدخين.
شركات التبغ وخفض الأسعار
عمليا وطبيا، فإن إحداث تغييرات بيئية وتشريعية وطنية حقيقية على صعيد مكافحة التدخين والحد من انتشاره، من شأنه ان يقلل من الإصابة بحوالي 50 % من أمراض القلب في الاردن، و30 % من أمراض السرطانات (الرئة والفم والحنجرة والدم والرحم)، حيث بات السرطان يتصدر المرتبة الثانية في سلم مسببات الوفاة اردنيا، وبنسبة 14 %، بعد أمراض القلب (35 %)، وهي اسباب يمكن الوقاية منها عن طريق تغيير السلوك، وأنماط الحياة لدى المواطنين.
في المقابل، يتعين على الحكومات أن تجعل أولى أولوياتها وقف تلاعب دوائر صناعة التبغ بالمدخنين، لحماية جيل الشباب من ادمان النيكوتين، وفق ما حث عليه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وذلك في رسالته لجميع دول العالم باليوم العالمي لمكافحة التدخين الذي صادف 31 أيار (مايو) الماضي.
الامم المتحدة حثت على فرض حظر شامل على جميع أشكال الإعلان عن التبغ والترويج له، او رعايته تسويقيا، وقال بان كي مون “إن استخدام التبغ يعد أحد أكبر التهديدات المحدقة بصحة الإنسان، إذ إنه يقتل نصف الذين يستخدمونه”.
يجابه مكافحة التدخين في الاردن، تيار “شد عكسي” أسهمت في تقويته قرارات حكومية صدرت مؤخرا، كانت مفاجئة للأوساط الطبية، وهي قرارات قضت بخفض أسعار التبغ، ما ساهم في زيادة الإقبال على التدخين، بدلا من رفع الرسوم والضرائب على منتجات التبغ، بناء على الاتفاقية الاطارية الدولية التي وقع الاردن عليها العام 2004، والتي تفرض عليه القيام بخطوات حثيثة وسريعة التأثير لمكافحة انتشار التبغ.
حظر التدخين في الاماكن العامة.. مكانك سر!
في العام 2010 باشر الأردن بتطبيق قانون حظر التدخين، في كافة الأماكن العامة والمؤسسات والدوائر الرسمية والحكومية والمستشفيات والمدارس والمعاهد والمطارات، وذلك تحت طائلة العقوبة للمخالفين، والتي تصل الى حد السجن لمدد تتراوح ما بين أسبوع، وحتى شهر، إضافة الى غرامة مالية.
ورغم عدم الالتزام بصورة كاملة بهذا الحظر للتدخين في الاماكن العامة، وحدوث اختراقات واسعة له، كما يجري تحت قبة البرلمان من قبل مشرعي الاردن، فإن قرار خفض اسعار منتجات الدخان فاقم من حجم الانتشار للتدخين، وزاد من الاضرار المتوقعة لذلك، خاصة أن دراسات صحية عالمية، ذات بعد اقتصادي، أكدت ان رفع سعر علبة السجائر، بنسبة 10 %، يقلل نسبة المدخنين بما يعادل 3 %.
مدير مكافحة التدخين في مركز الحسين للسرطان د. فراس الهواري يؤكد ان منظمة الصحة العالمية تتوقع ان يصل العبء الاقتصادي، الناتج عن معالجة السرطان عالميا، ما بين 1,5 - 1,9 تريليون دولار (الترليون هو الف مليار)، متسائلا: “لماذا خفضت أسعار التبغ لدينا، فيما أعداد المدخنين في ارتفاع مستمر!”.
ويرى الهواري أن قرار خفض اسعار التبغ “سيخلف أضرارا صحية مباشرة وشديدة على صحة المواطن”، وهو ما يعني زيادة حالات الوفيات، الناتجة عن أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان، المرتبطة بالتدخين.
ويطالب الهواري بـ”رفع أسعار التبغ، عوضا عن خفضها، حتى يساعد ذلك على خفض نسبة الإصابة بالأمراض المزمنة، المرتبطة بالتدخين”، ويحذر من أن “زيادة هذه الأمراض نتيجة التدخين ترفع نسبة الوفيات بين الأردنيين بنسبة 25 %.”
ويؤكد الهواري لـ”الغد” أن مركز الحسين للسرطان شرع في المساهمة بعلاج كل راغب في الإقلاع عن التدخين، وذلك من خلال العيادات المختصة بذلك، ضمن سعيه لخفض عدد المدخنين الى ما نسبته 30 %.
بدورها، قامت وزارة الصحة، وفق مدير التوعية والإعلام في وزارة الصحة د. مالك حباشنة بمخاطبة رئاسة الوزراء، لإعادة النظر في قرار خفض أسعار التبغ، كون الأردن صادق العام 2004 على بنود الاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ. بيد أن الحكومة لم تضع هذه التوصية “الصحية” ضمن اولوياتها، امام الملفات الاقتصادية الضخمة التي تنظر فيها، على ما يقدر الحباشنة.
عندما تصبح النرجيلة 'خير جليس' للكثيرين
أحد “تكنيكات التدخين” الجديدة، التي غزت في السنوات القليلة الماضية المجتمعات العربية، بما فيها الأردني، هي النرجيلة، التي باتت تلاقي قبولا اجتماعيا، بين الاوساط الشبابية، بل وباتت تتسيد جلسات وسهرات الكثير من المنازل والاسر الأردنية، يجتمع حولها أفراد العائلة، كبارا وصغارا، أو يدخنها البعض برفقة الأصدقاء، وبخاصة في المقاهي، واذا ما تعذر ذلك فانها تطلب للبيوت “ديلفري”!
يترافق انتشار النرجيلة في الاوساط الشعبية والشبابية وسط تبريرات اجتماعية، غير علمية، تتحدث في بعضها عن أن تدخين النرجيلة “مزاج”، وآخر يرى في تدخينها “بريستيجا”، فيما يقنع البعض نفسه بأن تدخينها “ليس إدمانا، وأن مضارها غير خطيرة على الصحة كالسيجارة”، حتى ان المراقب للمشهد، صار يلحظ أن النرجيلة غدت “خير جليس” للكثيرين!
ويؤكد ارتفاع معدلات التدخين أردنيا، أن نسبة مدخني السجائر، من فئة فوق سن 18 عاما، وصلت الى 30 %، وان نسبة مدخني السجائر، في الفئة العمرية من 13 إلى 15 سنة، بلغت 13.6 %، فيما وصلت نسبة النساء اللواتي يدخنّ النرجيلة الى 12 %، مقابل 10 % بين الرجال، حسب الدكتور هواري، الذي يوضح أن التعرض للتدخين السلبي يزيد احتمال الإصابة بأمراض القلب والسرطان، بنسبة 30 %، ويعرض طفل المدخنة لتدخين سيجارة واحدة، من بين أربع سجائر تدخنها إلى جانبه.
أحدث دراسة علمية متخصصة العام الحالي 2013، حصلت “الغد” على نسخة منها وأجراها مركز الحسين للسرطان حول التأثيرات الناجمة عن تدخين النرجيلة على وظائف القلب والرئة، والقدرة على ممارسة الرياضة، تكشف ان تدخين النراجيل “يخفض من وظائف الرئة، بشكل كبير ويساعد على حدوث (الربو) أثناء ممارسة الرياضة، ويخفض من قدرة القلب على ضخ الأوكسجين”.
علب أدوية ونرجيلة، هي اهم ما تركه الخمسيني أبو عمر لعائلته، التي ظلت ترقبه لسنوات وهو يتناول سموم التبغ، حتى إصابته بمرض سرطان الرئة، الذي فتك بحسده، ليقضي مستسلما لمصيره مع هذا المرض.
تقول زوجته مها (42 عاما): “لم يمتثل زوجي لنصائح الأطباء، وإلحاح الأقربين، بضرورة الإقلاع عن التدخين، الذي أحاله سبعينيا، وهو ما يزال (حينها) في الخمسين من عمره”.
“صاحب التدخين عشرين عاما، حتى قضى عليه”، تبين مها بألم، وهي تنظر لنرجيلة زوجها المرحوم، التي لم تتوان يوما، وهي تجيب أطفالها الاربعة اليتامى، عن التأكيد لهم انها (النرجيلة) هي “قاتل والدهم”.
ووعد الابن البكر عمر (16 عاما) بأن يترك التدخين، وان يخفض تدخينه اولا الى سيجارتين يوميا فقط ، وذلك بعد سلسلة عذابات عايشها مع والده، وهو يصارع سرطان رئة، عشعش في رئتيه “السوداوتين”. ليضطر عمر بعد وفاة والده الى ترك مدرسته، ليساعد والدته واشقاءه الصغار، فراتب الوالد التقاعدي بالكاد يسد احتياجاتهم اليومية، ليخلف التدخين “كارثة اجتماعية” في أسرة ابو عمر.
وحسب الاطباء، فإن التدخين يخفض العمر الافتراضي للمدخن بـ15 عاما، في حين ان هذا المتوسط في مستواه الوطني يصل الى 65 عاما، مؤكدين ان “الشخص المقلع عن التدخين يحتاج الى 12 سنة ليتخلص من المواد السامة في جسمه”.
كل منتجات التبغ تحتوي على 4 آلاف مادة كيميائية، منها ما لا يقل عن 60 مادة مسرطنة، و200 مادة سامة، حسب الدكتور الهواري، الذي يشير الى ان اغلب المدخنين يجهلون او يتجاهلون هذه الحقائق.
وهو يشدد على ان سبب الاصابة بسرطان الرئة عند المدخن أعلى 20 ضعفا عنه عند غير المدخن، اما سرطان الحنجرة فيكون خطر الإصابة به عند المدخن أعلى بـ 7 أضعاف عند غير المدخن.
تفعيل قانون حظر التدخين
وفيما يرى أن نجاح مكافحة التدخين اردنيا يكمن في نشر الوعي والإرشاد بين الناس، وممارسة الضغط على أصحاب القرار، ليتم تفعيل حظر التدخين في الأماكن العامة، والمرافق السياحية، فان حباشنة يؤكد أن المساحة المخصصة لغير المدخنين في الاماكن السياحية المغلقة، بدأت بـ30 %، وارتفعت الى 50 %، ومن المقرر ان تزيد هذه النسبة بعد شهر حزيران (يونيو) من العام الحالي، لتصل لنحو 75 %، وصولا الى أماكن خالية كاملة من التدخين.
ويصف الدكتور حباشنة تطبيق قوانين حظر التدخين في الاماكن العامة بـ”الجيد”، ويقول “لقد قمنا بتحويل العديد من الأشخاص المخالفين للمحكمة، وتم إنذار 520 منشأة غير ملتزمة، من مطاعم سياحية وفنادق، وأشخاص غير ملتزمين بعدم التدخين في المؤسسات الحكومية”.
كما اوجدت الوزارة عيادات في عدة محافظات، تساعد المدخنين على الاقلاع عن التدخين. بُدئ العمل بأولاها في عمان العام 2008، وانتقلت من الوزارة للمركز الصحي الشامل في ماركا، وهي تقدم المشورة والعلاج يومين في الأسبوع، معربا عن أمله بأن تنتشر خدمات الاقلاع في 12 مركزا العام المقبل، بالتعاون مع المنظمة العالمية ومركز الحسين للسرطان.
بدائل النيكوتين متوفرة مجانا في العيادات الحكومية، أما بالنسبة للمراكز الخاصة بالإقلاع عن التدخين، والتي تقدم العلاجات بالأدوية أو الإبر الصينية وغيرها، فقد تكون نافعة أو غير نافعة، فالوزارة لم تجر أي دراسات عن الإبر الصينية وأثرها على الإقلاع عن التدخين، حسبما يشرح حباشنة.
فيما توضح رئيسة مكافحة التدخين في مركز الحسين للسرطان د. هبة أيوب، دور العيادات المتخصصة للإقلاع عن التدخين في مساعدة المدخنين، وتشجيعهم وحثهم على الإقلاع عن التدخين، وعدم العودة مرة أخرى لتلك العادة السيئة.
ويعتمد العلاج، بحسب أيوب، على إرادة المدخن، وزيارته للعيادة بعد أسبوع، حيث يتم تقديم المساندة له في مرحلة تغيير سلوكه عند الإقلاع عن التدخين، وتدريبه على مهارات حياتية مفيدة، تساعده في التخلص من هذه العادة وآثارها الضارة، حتى تتحسن صحته العامة على المدى القصير، إلى جانب المتابعة النفسية المستمرة له.
وترى أيوب ان أفضل طريقة للإقلاع عن التدخين هي “القطع مرة واحدة”، إضافة لتحديد بعض الأدوية المساعدة. وتلفت إلى أن المدخن المصاب بالسرطان “يحتاج لكميات أكبر من المسكنات مثل (المورفين) مما يحتاجه المريض غير المدخن، وعند تعرضه للأشعة تكون نتيجة فعاليتها أقل منها عند غير المدخن.
حملات التوعية وعرض الصور المنفرة
لن تستطيع حملات التوعية، وعرض الصور المنفرة على علب السجائر أن تقنع جيوش المدخنين بالإقلاع عن هذا الداء، الذي أصبح مرضا عالميا.
ويؤكد حباشنة ان الصور المنفرة، وخاصة صور السرطان، تسبب الرعب والخوف لدى المدخن، وعليه قامت الوزارة بطباعة أربع صور جديدة، مختلفة عن أضرار التدخين، وبمساحة 40 -50 % من المساحة الكلية لعلبة الدخان، وتأمل ان “يساهم ذلك بشكل فاعل في دفع المدخنين للإقلاع عن التدخين”.
ورغم العبارات والصور المنفرة، التي فرضتها وزارة الصحة على علب السجائر، لم يتم حتى الآن قياس أثرها في تخفيض نسبة التدخين، بحسب ما يشير حباشنة، الذي يؤكد على “أهمية التشبيك مع كافة الجهات الرسمية، والمجتمع المدني للحد من تفشي ظاهرة التدخين في الاردن”.
اما رئيس جمعية مكافحة التدخين الاردنية الدكتور زيد الكايد، فيركز على دور الجمعية التثقيفي التوعوي لمكافحة المشكلة، مبينا أنه “ليس هناك أية صلاحيات للجمعية في متابعة التجاوزات الخاطئة المتعلقة بالتدخين”.
وبعد ان اشاد بقرار منع التدخين في الأماكن المغلقة، فإن الكايد يرى ان ذلك يحتاج أيضا لآلية تنفيذ فاعلة من قبل الجهة المسؤولة عن متابعة التزام القطاع الخاص التجاري، بالحفاظ على بيئة مغلقة خالية من التدخين.
تقوم الجمعية، حسب رئيسها، بزيارات ميدانية للمدارس في المحافظات المختلفة، ضمن جهودها لمكافحة التدخين. ويشير الكايد الى ان جمعيته وبمتابعة العديد من الطلبة المدخنين في إحدى مدارس الزرقاء، والتواصل مع الطلبة في المدرسة ومنازلهم، تمكنت من الوصول الى إقناع 7 طلبة بالإقلاع عن التدخين بشكل قاطع.
إبراهيم (18 عاما)، طالب مدرسة أثرت فيه الصورة المنفرة على علب السجائر كثيرا، بحسب ما يقول لـ”الغد”، ويشير الى انه “لم يرغب بان يتحول الى جثة هامدة ملفوفة بكفن ابيض، كما يظهر المدخن في صورة علبة السجائر، او ان يبقى حبيسا في دائرة الادمان”. يرسم إبراهيم، الذي سينتقل الى المرحلة الجامعية بعد عدة أشهر، تصوراته واماله بمستقبل ابداعي في عالم الهندسة او الطب، معتبرا ان التدخين يحطم احلام الشباب، ببناء مجتمع صحي ، وقال “ان تلك الصور المنفرة تؤدي رسالة واضحة ومرعبة للمدخنين، مفادها: انكم تقتلون انفسكم بأيديكم، ولا بد من الاتعاظ”.
الخوف من الموت البطيء
رغم معرفة أغلب المدخنين بالأضرار التي تنتج عن سلوك التدخين والأمراض غير السارية المرتبطة به، من امراض سرطانية وقلبية ونفسية، إلاّ أن أغلبهم يؤمن بأن إقلاعهم عنه صعب، ويحتاج الى عزيمة وصبر، ما يفت من عضد الراغبين بالإقلاع ويثنيهم عن مجرد المحاولة، كما يرى مختصون، ممن ينصحون بضرورة مراجعة عيادات الاقلاع عن التدخين، التي تساعد في نجاح تجربة الإقلاع.
بينما يذهب العديد من المدخنين الى الشكوى من انهم لا يعلمون بوجود عيادات حكومية مجانية متخصصة، للعلاج من إدمان تدخين السجائر “كون الحملات الإعلانية عنها متواضعة”.
الشاب علي العبد، مدخن لأكثر من 10 أعوام، لا يعلم بوجود عيادات خاصة لمكافحة التدخين، تساهم بعلاج الأعراض الانسحابية، التي تصيب الشخص عند محاولته الإقلاع عن التدخين، وقال “حاولت أكثر من مرة ترك هذا السلوك، الذي يحتاج إلى عزيمة وإصرار شخصي، قبل كل شيء، ونجحت بذلك في إحدى المرات، وتركت السجائر لعام ونصف لكنني عدت اليه، بينما اكتفي حاليا بالنظر الى الصورة المنفرة على علبة السجائر، اخاف من أن ينتشر السرطان في رئتي وفمي، فالتقط السيجارة بسرعة واخفي الصور عن ناظري”.
أما الاربعينية سوزان، فقد وثقت قصة نجاح في عيادة الاقلاع عن التدخين في مركز الحسين، عندما استجابت لنصيحة طبيبتها بترك عادة التدخين، بعد أن ادمنت منذ 20 عاما.
كان قرار سوزان صعبا، بعد ان خيّرها الاطباء بـ”ترك الدخان أو الخضوع للعلاج الكيماوي” لمعالجة مرض السرطان، فاختارت ان تتلف علب سجائرها وتعود الى ابنائها، واقفة على قدميها، متعافية من أي نيكوتين او كيماوي في جسدها.
استجابت “المرأة الحديدية”، كما يطلق عليها ابناؤها، لعلاجات ساعدت في اختفاء الورم من ثديها، الذي اكتشف في مراحله الاولى. وتستذكر، بحرقة، صديقتها المدخنة، التي توفيت قبل سنوات مضت، بعد ان صارعت سرطانا أصاب حنجرتها.
كانت سوزان تستهزئ بحملات توعوية، تذكّر المدخنين بأضرار التبغ وعواقبه، أما الان فقد تحولت الى سند كبير لحملات التوعية، بأسلوبها الخاص، عندما بدأت بدعوة الاهل والأصدقاء لترك هذا السم، الذي يقتل ببطء شديد.
الإعلام والفن شريكان أساسيان في مكافحة التدخين
ووسط تأكيدات المختصين على أهمية الإعلام والصحافة والفنون في جهود التوعية والتثقيف لمكافحة التدخين، تتفاوت الآراء في المدى الذي يمارسه هذا الاعلام.
الإعلامي، والوزير السابق سميح المعايطة يقول “نحن في الأردن مدخنون شرهون، ينفق الفقراء، مثل الاغنياء، بكرم وسخاء على التدخين، ولتأمين حصصهم من السموم، ومع أن أحدهم يبخل على ابنه بحذاء لضيق ذات اليد، فإنه لا يبخل على جسده بحصة من المرض والقتل البطيء”.
ويعتبر المعايطة ان حملات التوعية والإرشادات والإعلانات الصحية “عاجزة عن مكافحة التدخين بالصورة المطلوبة، وربما نحتاج الى منظومة قيم أخلاقية، تردع عن شراء السموم ونشرها في أجسادنا”.
الفنانة جولييت عواد لم تتردد بأن تكون جزءا من حملات توعوية لمكافحة التدخين. وتقول “الفنان قدوة للآخرين، وأي نشاط أو رسالة يشارك بها، من المفترض أن يكون غير مدخن، حتى تكون الرسالة صادقة ومؤثرة في المجتمع”.
“عدم التدخين” أثناء العمل، شرط نفذته عواد وسط مجموعة “مشروع آرام المسرحي التوعوي”، أثناء تأدية عمل افراد المجموعة، الذين يخرجون به للمناطق النائية بهدف توعية الأطفال بقضايا مجتمعية تنموية مهمة.
التوعية بالمدارس ولجميع فئات المجتمع عن أضرار التدخين، وعواقبه، هي ما تسعى اليه الفنانة عواد، فهي دائمة التذكير لهم بفترة الانتداب البريطاني على الأردن، وكيف أغرى الانتداب الفلاحين بزراعة الأرض بـ(التتن)، وهو التبغ، بدلا من القمح، وعملوا بذلك، فاضطروا فيما بعد، لاستيراد القمح من الخارج.
الغد
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو