سجى البرغوثي - رمي النفس في مهاوي الردى ، ذلك هو الإنتحار الذي بدأ ينتشر في الأخبار اليومية الأردنية ، سواءا على المواقع الإلكترونية ، أوالصحف المطبوعة ، حتى الوسائل المرئية والمسموعة ، تداولت أخبارا عن محاولة إنتحار أو إنتحار شخص أودى بحياته ، بدأت هذه الظاهرة تنتشر بشكل كبير، بأساليب متعددة بسلاح ناري أو بتناول مواد سامة أو الشنق أو الرمي من اماكن عالية كجسر عبدون في مدينة عمان وعمارة الداخلية وبعض الابراج المرتفعة في المملكة ، وشهد أواخر عام 2016 حالتين إنتحار من جسر عبدون ، ومحاولة إنتحار منه .
وأفادت تقارير جنائية إحصائية من مصدر أمني لموقع الوكيل الإخباري أ وضحت حالات الإنتحار منذ عام 2009 إلى عام 2016 ، ووصلت حالات الإنتحار إلى 34 حالة في عام 2009 ، وأرتفعت إلى 49 حالة في 2010.
تراجعت حالات الانتحار إلى 39 حالة في عام 2011 ، وبلغت 100 حالة في عام 2012 ، وزدادت 108 حالات في عام 2013 ، وأما عام 2014 عادت إلى 100 حالة ، وعام 2015 وصلت إلى 97 حالة ، وأشارالمصدرالأمني إلى أن العام الماضي 2016 سجل لغاية الاول من نيسان 27 حالة انتحار من مختلف الفئات العمرية.
وفي عام 2014 توزعت حالات الإنتحار في عدة مدن ومحافظات حيث بلغت في عمان 36 حالة و 16 حالة في محافظة الزرقاء، و15 حالة في محافظة البلقاء، و6 حالات في محافظة مأدبا، و4 حالات في منطقة الرصيفة والتي تقع في محافظة الزرقاء ، و16 حالة غرب مدينة إربد ومحافظة المفرق ومحافظة جرش ومحافظة عجلون، بحيث وقع 4 حالات في كل منطقة.
وفي حديث مع دكتورعلم الإجتماع محمد الجربيع لموقع الوكيل ذكر ان مشكلة الانتحارشكلت خلال السنوات الاخيرة احدى اهم التحديات التي اصبحت تواجه المجتمعات ، وتثير القلق لدى الدولة بكافة مؤسساتها، وتفاقم هذه المشكلة يشير إلى خلل ما في طبيعة حياة المواطنين كالإصابة بالإحباط والإكتئاب وفقدان الأمال بالرغبة في الحياة ، والضعف على مواجهة متطلبات الحياة الإجتماعية والإقتصادية والسياسية ، بالاضافة الى تغيير أدوار ووظائف مؤسسات التنشئة الاجتماعية وابرزها الاسرة والمدرسة وبالرغم من أن مشكلة الإنتحار يرافقها مجموعة من الأعراض مثل الإكتئاب والأنطوائية واليأس والإحباط وضعف الإندماج من الحياة الأسرية والإجتماعية ، الا أن الأهل عاجزين عن فهم ذلك وعدم قدرتهم على إمتلاك تداخلات وقائية علاجية مثل الإستعانة بالأطباء النفسيين قد يكون من أسباب ضعف وعي الأسرة وقلة متابعتها وإهتمامها لأبنائها وإنشغال الأسرة بمتطلبات الحياة بالإضافة الى سوء فهم دور الأطباء النفسيين او الخوف من الذهاب الى الأطباء بإعتبار ذلك يشكل عارا إجتماعيا قد يرافق الأسرة والأبناء معاً .
وأضاف الدكتور الجربيع أن ظاهرة الإنتحار الأكثر شيوعاً بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم مابين (18-24) عاماً ويكون أسبابها اماعاطفية نتيجة لفشل العلاقات الغرامية او الفشل الدراسي وعدم القدرة على تحقيق النجاح وضعف مساندة الاسرة لابنائها في هذه المرحلة سواءا لجهل الاسرة وعدم وعيها او لابتعاد الاسرة وانشغالها في امورا حياتية اخرى وتعتبر هذه الفئة الحد الفاصل بين مرحلة الشباب ومرحلة النضوج والدخوال الى معترك الحياة وتحتاج الى متابعة حثيثة بالاضافة الى انها تكون معرضة للانحراف والادمان على المخدرات او ارتكاب السرقات او غيرها من الانحرافات. .
وأشار ان الذكور هم الاكثر إقداما على الانتحار مقارنة بالاناث نظرا لغياب الدعم النفسي الذي يحصل عليهم من اسرهم مقارنة مع الفتيات بالاضافة الى طبيعة تفكير الشاب وعقليته والتي تكون محاطة بفكرة الرجولة والفروسية المغلوطة والتي تأخذ احيانا ارتكاب اعمالا تؤذي حياتهم كما ان الذكور هم اكثر جرأة من الفتيات ولديهم مساحات للتحرك دون مراقبة من الاهل بعكس الانثى التي بالعادة تكون محاطة بمتابعة ومراقبة الاهل .
وبين الدكتور الجربيع ان صفات الأشخاص المصابين بالاكتئاب يكونوا عادة انطوائيين وفي عزلة عن الاهل والاصدقاء وويشعرون بالخمول والطاقة السلبية وعدم الرغبة بأي شيء والاستسلام بالاضافة الى بعض الاعراض الجسدية كالخوف والقلق والاوجاع المختلفة، وهنا ياتي دور الاسرة الواعية بمتابعة ابناءها وهذا يتطلب وجود ثقافة صحية واجتماعية عالية تؤمن بمراكز الدعم النفسي والاجتماعي ، الا ان ثقافة المجتمع التقليدية وضعف وعي الاسرة والخوف من الاعراف والعادات الاجتماعية وضعف الوعي بمثل هذا النوع من الظواهر يجعل الاسرة تتخوف من مراجعة المراكز والاطباء النفسيين .
وأكد الدكتور ضرورة قيام الحكومة بتوفير مراكز نفسية واجتماعية واطباء نفسيين في كافة المؤسسات التعليمية بالاضافة الى وجود عيادات الدعم النفسي في المراكز الصحية وان تكون جزء لا يتجزأ من مراكز المستشفيات الصحية ، وأشار إلى تأهيل الامهات والآباء للتعامل مع ابناءهم ومعرفة المشكلات التي قد تواجههم، ورفع الوعي بالثقافة الصحية لدى الاهل من خلال الورش والندوات ا للشباب والاهل ، وأكد دور الإعلام الريادي من خلال نشر المعلومات عن مشكلة الانتحار ومؤشراتها وكيف يمكن معرفة الاشخاص المصابين بالاكتئاب وضرورة مراجعة الاطباء النفسيين ويكون وقائيا ينشر الوعي والمعرفة لدى الجميع .
واضاف ان عدم توفر وسائل الترفيه ، وطرق لتفريغ الطاقة في القرى ، ساهم هذا بإرتفاع نسبة إنتشار مشكلة الإنتحار في مناطق الريف أكثر من المدن .
ومن الجانب الديني تواصل موقع الوكيل الاخباري مع الأمين العام لدائرة الإفتاء العامة عطوفة الدكتور محمد الخلايلة ليطلعنا على الحكم الديني للإنتحار ، وكيفية معالجة هذه المشكلة ، والوقاية منها .
حيث قال الخلايلة أن حكم الانتحار حرام شرعاً، وهو من أكبر الكبائر بعد الشرك بالله تعالى؛ لأنه قتلُ نفسٍ حرمها الله عز وجل، قال الله تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما) صدق الله العظيم .، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم:: 'مَنَ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِى يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِى بَطْنِهِ فِى نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا وَمَنْ شَرِبَ سَمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِى نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِى نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا' متفق عليه.
ومعلوم أن نفس الإنسان هي ملك لله تعالى وليس لصاحبها، وقد نهى الله تعالى عن قتل النفس الإنسانية بغير حق بقوله: (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق) وقد نهى الإسلام المسلم أن يتمنى الموت لضُرٍّ نزل به، لقوله صلى الله عليه وسلم: 'لاَ يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ مِنْ ضُرٍّ أَصَابَهُ، فَإِنْ كَانَ لاَ بُدَّ فَاعِلاً فَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ أَحْيِنِى مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِى، وَتَوَفَّنِى إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِى' رواه البخاري.
وذكر الخلايله بعض النصائح للوقاية من التفكير بالإنتحار وأولا على المؤمن الأستعاذة بالله من الشيطان الرجيم والاستغفار والإكثار من عمل الطاعات وتذكّر الآخرة وما أعد الله فيها للصابرين من أجر وثواب، لافتا إلى قول الله تعالى: 'ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون' صدق الله العظيم ، والمطلوب من المسلم أن يصبر، ويصبّر نفسه، وأن يطلب الأجر والثواب من الله عز وجل على ما أصابه من مصائب الدنيا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ، وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حُزْنٍ وَلاَ أَذًى وَلاَ غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ) رواه البخاري
وأكد أن ثقافة الانتحار من الثقافات الوافدة على مجتمعنا الإسلامي؛ لأن المسلم يمنعه إيمانه بالله من الوقوع في مثل هذه الأعمال، والله تعالى أعلم .
الأهل ، المدرسة ، الحكومة .. ثلاثة عوامل تساعد على الحد من الإنتحار ، وعلى الأهالي السعي لرفع المنسوب الثقافي الصحي لديهم ، كي يتمكنوا من مخاطبة الأبناء ومراقبة سلوكياتهم ،ولإلتفات إلى سلوكيات الذكور ومراقبتهم كالأناث ، نظرا لإقدام الذكور على الإنتحار أكثر من الأناث ، وعلى الحكومة توفير المراكز الصحية النفسية ، ودعم المشاريع الصغيرة في القرى لحصول سكان الأرياف على وظائف ، للحد من البطالة ، والبعد عن الإنتحار ، ونشر الوازع الديني بين أبناء المجتمع. . .
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو