الإثنين 2024-12-16 01:59 ص

تقاعد مبكر في «العصفورية»

09:17 ص

المراقب السياسي الجاد لما يحصل من تنوعات وتبدلات وتناقضات في المواقف العربية، يكاد يرمي ببوصلته السياسية بعد أن عجزت عن تفسير تفاصيل ما يجري في المطابخ السياسية من تخبيص. وأنا متأكد بان اي كاتب سياسي يأخدنا عربيا على محمل الجد سيحصل على تقاعد مبكر في «العصفورية» .

اذ بالاضافة الى سياسة (دحّه) و(ككا) التي تجبرنا عليها امريكا ، الا ان الكثير من تناقضاتنا هي منا وفينا أيضا:
تقول الحكاية، ان واليا عربيا يهوى الكلام باستخدام اسلوب السجع، جلس وسط كبار رجال الدولة في ولايته، وقد رغب الوالي بالحديث، فوجه كلامه الى قاضي القضاة الذي كان اسمه لسوء حظه؛ «فقم». قال الوالي:
- أيها القاضي فقم...
ثم توقف الوالي عن الحديث لأنه لم يجد موضوعا يتحدث به لا سجعا ولا نثرا، وبعد فترة صمت نظر الى القاضي فقم وأكمل حديثه قائلا:
- ايها القاضي فقم ..... قد عزلناك... فقم!!
أما فقم الأخيرة، فهي فعل أمر يعني انه يطرده من المجلس، لأنه معزول من المنصب .
راح منصب القاضي نظرا لضرورات القافية، لكن الوالي العربي الذي يعزل وينصب .. يرفع ويسقط.. يهب ويسلب، ما يزال على رأس عمله في كل مكان... لا بل ان الوالي العربي لم يعد يلتزم حتى بضرورات القافية، وصار يمارس سلطته المطلقة لغايات التسلية أو قلة الشغل او الاحساس بالانجاز ربما.
وفيما ينهمك المراقبون في تفسير اسباب التغيرات الدراماتيكية في دولة ما او ولاية ما، يكون الامر في الواقع ابسط بكثير من جميع توقعاتهم . ويا ما اكثر التغييرات والتبديلات والترميجات والتعيينات التي لم يكن لها حتى مجرد قافية ....!!
هذا هو الأمر تماما حينما لا يضطر المسؤول الى تقديم تفسير ..اي تفسير او تبرير امام المواطنين او المجالس التي تمثلهم... فهو قادر على فعل اي شيء وكل شيء ، ويمارس افعاله هذه للتمتع بقدرته المذهلة على تحريك وتحوير وتبديل كل شيء.
وكان ان تناسل القاضي (فقم) ليصير شعوبا وقبائل تمتد من الخليج الى المحيط، شعوب لا تملك حولا ولا قوة ... تبقى بقافية أوتذهب بلا قافية .


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة