السبت 2024-12-14 21:00 م

تمرير أم إقناع؟

07:32 ص

أخيرا ارتاحت الحكومة وأقرّت بمباركة مجلس النواب حزمة القرارات الصعبة التي تشمل رفع أسعار الخبز وقائمة طويلة من المواد الغذائية والسلع والخدمات.



الكل ساعد الحكومة على استكمال الخطوة، كل بطريقته، فالنواب القريبون من الخط الحكومي صوتوا بذلك علنا، وهذا مقبول، لكن المستغرب سلوك كتلة الإصلاح النيابية التي تمثل حزب الإخوان المسلمين، فهم كغيرهم أعانوا الحكومة بتمرير ما تريد بعرض أقل ما يقال عنه إنه سطحي ومكشوف.


بانتظار إقرار الأعيان لمشروع قانون الموازنة العامة للعام 2018، تكون الحكومة أنهت الشوط الأطول من القصة، لتبدأ بعده بإعداد القوائم المستحقة للدعم، وبعد ذلك توزيعه قبل أن تسري قراراتها وتدخل حيّز التنفيذ.
لا جديد فيه ولا مريب فيما سبق، إلا موقف كتلة الإخوان التي لا أدري كيف ستقنع قواعدها بالغياب عن التصويت على قانون مهم وقرارات مصيرية.. وما دون ذلك كان متوقعا.


ولأن الحكومة لا تكتفي، ودائما تسعى خلف مزيد من إيرادات تأتي من جيب المواطن، وكأن الأخير يحتاج المزيد من الضغوط، نسمع اليوم، ومن جديد، سيمفونية حكومية تعزف لإعادة فتح قانون الضريبة، والهدف الحقيقي خلف هذا العزف يتمثل بزيادة الضريبة على الأسر والأفراد. لمَ لا! فهذه أسهل الأهداف، وتطبيقها لا يحتاج إلا إلى مجلس نواب مطيع، وكبسة زر على لوحة مفاتيح الكمبيوتر لموظف الضريبة.


زيادة الضريبة على الأسر والأفراد تجمّله الحكومة بهدف ثان يتمثل بمحاربة التهرب الضريبي، وملاحقة المتهربين وتغليظ العقوبات عليهم، والغاية كما تقول الحكومة مرتبطة برغبتها بمحاصرة هذه المشكلة والحد منها، وهذا مفيد.. لكنه غير واقعي.


كما أن الهدف الحقيقي والأهم هو توسيع قاعدة دافعي الضريبة من الأسر والأفراد، وفق اشتراطات صندوق النقد الدولي، إذ يرى الأخير أن الأردنيين لا يدفعون ضرائب كافية، رغم أن الإيرادات المحلية التي تضم الضرائب والرسوم على اختلاف أشكالها وتسمياتها تبلغ حوالي 7.7 مليار دينار.


المعلومات تقول إن التفكير ما يزال في وزارة المالية لإعداد المقترح والأسباب الموجبة له، تمهيدا لتحويله لمجلس الوزراء وبالتالي ديوان التشريع الرأي، والتوقعات تشير إلى أن الفكرة لن تختمر قبل شهر نيسان (أبريل) المقبل.
بين التفكير والخطوات العملية لتنفيذ الفكرة ثمة أربعة أشهر زمنية يفترض أن تستثمرها الحكومة في عقد حوار وطني موسع حول المبدأ لتحديد الأولويات، وجعل التعديل مفيدا، خصوصا أنه يأتي بعد حزمة من القرارات الصعبة ستدخل حيز التنفيذ خلال الفترة القصيرة المقبلة، وسيظهر أثرها على حياة الناس، عداك عن أن السنوات القليلة الماضية كانت كلها صعبة وقاسية على الناس.


فتح الباب لتعديل القانون، يعني حكما المسّ مجددا بمداخيل الأسر، والسؤال الذي يلزم طرحه قبل الأسباب الموجبة للقانون: هل سيتحمل الأردنيون قرارا بهذه القسوة؟ وكم سيساهم مثل هذا القرار بزيادة منسوب الغضب والإحباط عند الأردنيين الذين يرون أن كل القرارات تمس جيوبهم فيما تتجنب الخطط الاقتراب من الأبواب المغلقة؟ وكم سيؤثر سلبا على البيئة الاستثمارية؟


دعونا نتفق على أسس محددة؛ أولا: المطلوب مراجعة النظام الضريبي، وثانيا: محاربة التهرب الضريبي والفساد الإداري، وأخيرا وبعد تنفيذ كل ما سبق: التفكير بزيادة الضرائب على الأسر والأفراد. إنْ اتفقنا على ترتيب الأولويات فنحن نسير في طريق الإصلاح الحقيقي، بغير ذلك يكون هدف الحكومة الجباية من الطريق الأسهل وهو جيوب المواطنين من أصحاب المداخيل الثابتة.


تمرير القانون وتعديله لم يعد قصة صعبة في الأردن، فكل الأدوات مطواعة، ومشكلتنا العويصة إنْ كان همّ الحكومات تمرير القرارات على الناس وليس إقناعهم بها!


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة