السبت 2024-12-14 21:40 م

ثورة ضد الأسد وأخرى ضد مرسي

12:30 ص

الفرق شاسع بين الرجلين وبين طبيعة الثورتين ، ثورة سوريا تسعى للإطاحة بالديكتاتور و( الثورة المستمرة ) في مصر تسعى لمنع الرئيس من التحول الى ديكتاتور . الأولى تستخدم المقاومة المسلحة بمواجهة قمع النظام وحربه على الشعب والثانية سلمية سلاحها المظاهرات والاعتصامات ومايشوبها احيانا من عنف هو الاستثناء .

ما يجمع بين الحالتين المصرية والسورية ، استمرار حركة التغيير التاريخية التي فجرها الربيع العربي . فالنظام القديم في سوريا يفشل في وقف هذه الحركة بكل ما أوتي من قوة ، فيما تعيد احداث مصر انتاج الحكمة القائلة بان القمع والتفرد بالسلطة هما الخطر الذي يؤدي بالثورات الى اكل ابنائها والى مصيرها المحتوم الذي لا يمكن تجنبه .
أخطأت جماعة الاخوان المسلمين في مصر عندما أدارت ظهرها لضرورات الإجماع الوطني حول الدستور الجديد وأقامت حساباتها على معطيات المرحلة الراهنة التي جاءت بها صناديق الاقتراع فيما قللت من قيمة النظرة الاستشرافية القائمة على رؤية وطنية شاملة لمستقبل مصر في ظل ثورة 25 يناير ، التي قامت ضد طبيعة النظام الديكتاتوري ونظام الحزب الواحد بغض النظر عن الاشخاص والمفاهيم .
لقد اهملت الجماعة دور ومكانة نخب مصر السياسية والاجتماعية والثقافية وكذلك التيارات الثورية الشبابية صاحبة الفضل الاساسي في تفجير الثورة التي طالبت بان يشارك الجميع في كتابة الدستور ، بدون إقصاء او استثناء، لقد تمسك الاخوان بحجة الاغلبية في صناديق الاقتراع ، متجاهلين ان اهم دساتير العالم كتبها مفكر أو عالم واحد . وبذلك أثار الاخوان الشكوك حول مفهومهم للدولة المدنية والنظام التعددي .
وبينما كان تسلسل الاحداث في العالم العربي يرشح اخوان مصر لقيادة دفة مرحلة يتصاعد فيها دور التيارات الاسلامية ارتكبت الرئاسة الاخوانية الكثير من الاخطاء التي فجرت المخاوف بين الشعوب في دول الربيع وخارجها ، لانها فهمت بانها محاولات لاحلال ديكتاتورية باسم الدين قد تكون اشد وأقسى من حكم مبارك .
لقد خسرت التيارات الاسلامية كثيرا نتيجة ما يحدث في مصر وليبيا وتونس ، وفي سوريا التي ظهرت فيها جماعات اعلنت جهارا سعيها الى إقامة دولة دينية .
الوضع العربي مختلف اليوم تماماً عن الخمسينيات والستينيات عندما كانت الاحزاب الشمولية ومتعطشو الديكتاتورية يقفزون الى الحكم على ظهر بضع دبابات وبيان إذاعي كفيل بتحويل ولاء الشعب الى الحاكم الجديد , الذي يبدأ عهده بمصادرة الحريات العامة باسم مصالح الوطن والزعم بانه يعمل من اجل الشعب .
الوعي بالحرية الفردية والتعددية وبالكرامة وحقوق المواطنة اصبح اليوم تيارا شاملا في العالم العربي ولن تعود حركة التاريخ الى الوراء من اجل عيون حزب او جماعة أومغامر اخر ، لقد سقطت الديكتاتورية من العقول قبل ان تسقط عن الأرائك . ومن الحكمة ان تستغل التيارات الاسلامية ، السياسية والمسلحة ، الفرصة التاريخية التي لن تتكرر وتقوم بعملية مراجعة واصلاح شامل لمسارها باتجاه الانخراط في اطار نظام تعددي لا يسمح ابدا لاي فرد او جماعة الاستئثار بالسلطة الى الابد لا على طريقة علمانية آل الاسد ولا بوضع الدين في غير مواضعه في عالم السياسة وأحابيلها واغراءاتها .


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة