أضرب المعلمون، في توقيت حساس جداً، أي بداية العام الدراسي الجديد، ومطالب المعلمين أغلبها منطقي، والتعبير عنها يتم بشكل خاطئ.
معنى الكلام أننا لا نجرِّم إضراب المعلمين، لأن طلباتهم مشروعة في كثير منها، لكنهم يعالجون مظالمهم بطريقة سيئة أيضا، ويردون على ظلمهم بظلم مليون طالب، فبماذا يختلف هنا المظلوم عمن ظلمه، وهذا هو السؤال؟!.
تسييس الإضراب، أمر قابل للنقاش والتأويل، وربما يراد اتهام المعلمين بكونهم يسيسون إضرابهم في سياقات أخرى، من أجل ردهم عن مطالبهم، ومن أجل خفض سقوفهم، لكننا في كل الحالات أمام قصة معقدة، ويصح أن يقال اننا مع المعلمين وضد الإضراب.
مع المعلمين لأن حياتهم صعبة، وظروفهم قاسية، ويستحقون تحسينا لكثير من ظروف حياتهم وحوافزهم، ومن يعتبر حياة المعلمين جيدة، يتعامى عن الواقع، فمن هو المعلم الذي يأتي معجنه بالخبز اليوم، ويصير مطلوبا منه تقديم أجيال مبدعة، وهذا يعني أن خراب هذه الأجيال نتاج للعملية التربوية ولأوضاع المعلم الصعبة؟!.
يقال هذا الكلام بشكل موزون من حيث تحليل المشهد، لكننا أيضا نأخذ عليهم، تجهيل أبنائهم أولا، لأن أغلب أبنائهم في مدارس أخرى أيضا، والمعلم هنا لا يتوقف عن تعليم أبناء الناس فقط، لأن زميله المضرب معه، يقوم بتجهيل أبناء الزميل الأول، وهذه مفارقة، إذ يؤذي المعلمون أبناءهم أولا، قبل أبناء الناس.
ثانيا، لا يصح إمساك الناس من لحمهم الطري، عبر تشريد ابنائهم في الشوارع، وعبر تجهيلهم، واضراب المعلمين هنا، لا يختلف في دلالاته عن إضراب الممرضين، فهذه إضرابات غير أخلاقية، لأنها تؤذي الملايين، في تعليمهم وصحتهم، وهذا ضغط يقول إن كل شيء متاح، ولا توجد محرمات، وعلى العكس، فهكذا إضرابات تؤدي الى انقلاب الناس ضد هذه الإضرابات، ويفقد العاملون فيها أي تقدير أو احترام.
لكننا لا نضع اللوم على المعلمين، فقط، لأن الجهات المختصة كان عليها، ان تصل الى حلٍ مبكر مع هذه القطاعات، وتحقيق طلبات كثيرة، واللوم هنا مقسوم على المعلمين، وعلى من يتعامل مع المعلمين ايضا، لأنه يعرف أن أوضاعهم لا تسر عدوَّا ولا صديقاً، ولا يصح توجيه النصح والإرشاد للمعلمين فقط عند الإضراب وتركهم بقية العام عندما لا يكون هناك اضراب!.
في ذات الوقت كنا نتمنى على المعلمين إبداع شكل آخر في الإضراب، وتدريجي، أي الاضراب مثلا عن الحصة الاخيرة، لفترة، ثم زيادة حصتين، وهكذا، بدلا من هكذا طريقة تؤذي الناس، وتقلب مزاجهم ضد المعلمين، وتسمح باتهام المعلمين بكونهم أداة سياسية،وتذكرني طريقتهم بذات اضراب الممرضين، الذين تركوا المرضى على الأسرة، ليتألموا من اجل زيادة مالية، فالعنصر الأخلاقي يجب ألا يغيب في هكذا اضرابات.
كان الاصل أن يصرَّ المعلمون على مطالبهم، مع الضغط لأجلها بطريقة أذكى، واليوم يتم تركهم بذكاء ليضربوا بهذه الطريقة لأجل اثارة غضب الناس في الأردن ضد المعلمين، وتحديدا ضد الحاضنة السياسية التي تدير النقابة، والتي رفعت شعبيتها مؤخرا، فبات الإضراب هنا، سببا بإيذاء شعبيتهم،لأن أبناء الناس يؤذون هنا، وهذه مفارقة لا يتنبَّه اليها الداعون للإضراب، ويتم استدراجهم اليها بشكل واضح.
خلاصة الكلام إن الإضراب مشروع، وشكله صادم وغير مقبول ولا متدرج، وطلبات المعلمين مشروعة في أغلبها، والتقصير واضح رسميا في ادارة القصة مع المعلمين، ولا يمكن هنا، طرق المعلمين باللوم والاتهامات، فرادى، دون غيرهم من اطراف العملية، في الوقت الذي يتحمل فيه الجميع جزءاً من مسؤولية هذا المشهد.
مليون طالب في الشوارع، واهاليهم ينظرون بغضب الى المعلمين، والى حاضنة النقابة السياسية، وهذا هدف سياسي يتحقق مجانا لجهات أخرى، وبدلا من رسالة المعلم التي تصون حقوق الناس يقال اليوم، إن المعلم جاهز لفعل اي شيء، لحقوقه او لغايات اخرى.
مع اضرابهم وضده في ذات الوقت، ومن المؤلم ان يتحول المظلوم الى ظالم، لتحصيل حقوقه، ممن ظلمه، وعند أغلبنا بات الظالم والمظلوم سواء، ولابد من انصاف المعلمين حق الانصاف، مع دعوتنا اليهم، بأن ينصفونا ايضاً.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو