الإثنين 2024-12-16 02:09 ص

حالة اللادولة!

01:43 م

تعرفنا عن كثب على تفصيلات ثورة السلاّل في اليمن، وتداخلات مصر والسعودية في حرب أهلية لم تتغير ملامحها كثيراً منذ عام 1962، رغم تغيير الأسماء والمسميات. وقد انهكت هذه الحرب مصر، فدخلت حرب حزيران وفي اليمن قوات تعادل اعداد القوات في سيناء.


وقد اقنعت الهزيمة الحزيرانية كل الاطراف العربية (واليمنية) بالوصول الى تسوية أدت الى خروج آخر امام زيدي، وهو البدر ابن الامام احمد المتوكل على الله، من اليمن الى المنفى، وواجهت جمهورية اليمن مجموعة انقلابات عسكرية وصراعات مسلحة في الشمال والجنوب انتهت الى وحدة، والى حكم علي عبدالله صالح طيلة ثلاثة عقود، وقد خرج الرجل الباهت من القصر الرئاسي بتسوية، لكن جزءاً منه بقي يحكم باسم حزبه وحرسه الرئاسي.

الآن يعود جيش الامام البدر من صعدة، ويصل الى صنعاء والحديدة وتعز ويقتحم حاشد وبتيل وجيش اليمن بتحالف عجيب بينه وبين علي عبدالله صالح، ورغم ان هذا الاقتحام لم يصنع عهداً جديداً او يفرض السيادة على كل اليمن الا ان احداً غير مستعد لحرب أهلية في بلد القبائل التي لم تعد ذات نفوذ كما كانت، والسلاح الذي يظهر على اكتاف المارة.. لكن احداً لا يريد استعماله.

الجديد في الموضوع اليمني عدم حماس دول الخليج – ربما عدا قطر – في دخول الصراع الداخلي لانه مكلف مادياً، ولأن القبائل اتقنت لعبة الحرب وابتزاز المال، وكنا نسمع منذ نصف قرن كيف كانت القبائل «تجمهر» نهاراً، وتنقلب الى «ملكية» في الليل.. وتقبض من مصر والسعودية.

الضربة الآن جاءت من سحب السفارات من العاصمة صنعاء، والأخطر سحب السفارتين: السعودية والألمانية، لأن البلدين هما الممول الاكبر لموازنة الدولة، وانسحاب السفارتين معناه قطع المال عن الموازنة وقطعه عن القبائل وصراع الديوك التقليدي.

الوسط الدولي يترك اليمن الى حالة الانهاك بادارة الظهر له، وعدم الاهتمام بالصراعات الداخلية فيه، واذا كانت ايران معنية.. فانها ستدرك في اقرب فرصة انها لن تكون قادرة على تمويل حرب قدرها ان لا تنتهي بالحسم العسكري.

ستبقى الأمور في حدود سيطرة الحوثي على شمال الشمال، وسيبقى بعيداً عن النفط، كما ان الجنوب سينظّم اوضاعه على اساس الابقاء على الوحدة، طالما انها غير موجودة، ومقاومة القاعدة بالتحالف مع أميركا، اما السعودية ودول الخليج فستبقى تقوم بدور المتفرج، وعلى طريقة تعامل هارون الرشيد مع السحابة التي تمطر حيث تشاء، فخراجها له.

عندنا الآن اكثر من مكان لا دولة فيه في عالمنا العربي.. ومع ذلك فاجتماعات الجامعة العربية مستمرة وشعارات الوحدة قائمة، البند الوحيد الذي يزايد في هذه المعادلة هو اعداد اللاجئين، وحجم الجوع والعري والمرض.. وكثرة الأولاد دون مدارس.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة