زمان كان المول عبارة عن بقالة صغيرة في كل حي فيها من الكاز الى اللحمة، ومع ان التجارة بحاجة الى تركيز وانتباه وحسابات الا انه كان يجلس في كل بقالة رجل (ختيار) بجانبه كيس دواء اكبر من كيس السكر!
نظرا لتقدمه بالسن كان السمع على الله، اما النظر فاعتقد أنه ستة على مافيش، وكانت الركب مثل الصابون السائل، مهمة شراء الحاجيات كانت توكل لنا نحن الصغار، وهنا زيادة الطين بلّة فلا نحن نعرف ما نريد ولا الختيار كان قادرا على ان يستوعب ما نريد.
كان من الطبيعي ان تكتب لنا الوالدة على الورقة كيلو سكر فلا يجيد الختيار قراءتها فنعود لها ببكيت منظف غسيل، وحين كانت تطلب ملحا كان الختيار يستبعد من وجع ركبه مشوار الملح لانه على رف بعيد فيعطينا من جانبه رب بندورة، اما اذا تعطل السمع فكنت حين تطلب كيلو بندورة تحصل على وقية قضامة !
اما بالنسبة للحساب فكانت قصة أخرى، كان من الطبيعي ان تذهب الى هذا الختيار بدينار فتعود بباقي عشرين او العكس، اما اذا كنت تشتري بالدين من هذا الختيار ولا تنتبه لنفسك فحين تذهب لسداد الدين قد تجد انك لو اشتريت سيارة من احد المعارض اوفر بكثير من شراء لحمة وسردين وكمون من هذا الختيار، فقد تكون صفحتك الاولى في دفتر الدين وكل الحارة تأكل وتشرب على حسابك، فنظر الختيار لايسمح له بالبحث عن الاسماء فيستسهل الصفحة الاولى التي قد تكون لك ويسجل عليها كل مشتريات الحارة!
لا ادري كيف بهذه الحسابات المعقدة كانت البقالة تستمر بالعمل وتربح وتقرض كل الحارة الى ان يموت الختيار، فاذا ما استلمها احد ابنائه الشباب وقد يكون خريج محاسبة تبدأ البقالة بالخسارة ولا تستمر لعدة اشهر وتغلق، مع ان الختيار استطاع إدارتها على البركة لعقود وكانت بمثابة صندوق النقد الدولي لكل الحارة !
يبدو أن الحكومة ايضا سلامة تسلمك، فإدارة ملف دعم الخبز تشبه تماما إدارة الختيار للبقالة على البركة دون أسس، فقد تذهب الى الحكومة بسيارة فارهة ثمنها مئات الآلاف من الدنانير وتحصل على الدعم، بينما قد تذهب بسيارتين ثمنهما لا يكفي لتركيب كوشوك للسيارة الفارهة ولا تحصل على الدعم.
هل امتلاك بعض العائلات لسيارتين ترف؟ فقد يكون امتلاك سيارتين لتوفير فرص عمل لابنائها في توصيل الطلبات مثلا مع انتشار البطالة.
لماذا لا تفحص الحكومة دم الأردنيين، من يأكل لحمة او تفاح او موز مرة في الاسبوع فهذا شبعان ولا يستحق الدعم، او من يملك حسابا على مواقع التواصل الاجتماعي فهذا فاضي البال ولا يستحق الدعم، وبإمكانها ان تحصي عدد الجرابات لكل أردني، من يملك ثلاثة أزواج فاكثر غير مثقوبة فهذا برغد ونعيم ولا يستحق هو ايضا الدعم!
مثلما كان الختيار ينسى الطلبات نسيت الحكومة أنها تدعم الخرفان والأبقار والماعز وتدعم أعلافها، مع أن بعضها للتصدير وكيلو اللحمة أثبت من النظام الأميركي فهو لا يتزحزح عن أقل من عشرة دنانير.
لماذا لم تفكر بتوجيه الدعم مباشرة لصغار المزارعين وترفع الدعم عن الأعلاف، فمن غير المقبول أن يكون الخاروف مدعوما والمواطن غير مدعوم، إلا اذا كانت الحكومة راضية كل الرضى عن الخرفان لأنها لا تسمع منها إلا: ماااااااااع!
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو