الإثنين 2024-12-16 02:49 ص

دفاعاً عن «عمال النظافة»

10:12 ص

ليست المشكلة بالتسمية ، بل المشكلة بثقافة الناس وعدم تغير منطقهم وتطور عاداتهم نحو الأفضل تبعا لتغير ظروف حياتهم نحو الأفضل في النواحي المادية والتعليمية ، فمهما حاولنا تغيير المسميات لمصطلحات « أرقى « تبقى للأسف النظرة عندنا هي الأدنى ، وهذا ما يحصل مع جماعة « عمال الوطن « فهؤلاء هم من ينظفون « قذارتنا العامة « في الشوارع ، و أمام بيوتنا ، وفي مكاتبنا حتى ، تماما كما ينظف الطبيب النفسي حالة القلق والإضطراب النفسي عند كثير منا ، ممن يتعاملون بمعايير مزدوجة مع الواقع الذي لا يتغير بتغير نظرتنا اليه للأسف .

ليلة العيد ، كنت والزميل عماد الحمود شاهدين على وضع منطقة وسط البلد وساحة الجامع الحسيني وشارع طلال ليلة العيد ، فقد قفلنا عائدين عند الساعة الثانية والنصف من فجر ذلك اليوم ، في آخر ليلة ختمت ليالي شهر رمضان الكريم ، وكان زحام الناس والباعة المحتلون للأرصفة وأصحاب «البسطات « منتشرين على طول شارع الملك طلال من الساحة الهاشمية حتى نهاية « سوق السلاح « ، وكان المواطنون لا يزالون يسعون في مناكب وسط البلد كأنها ساعة الظهيرة ، وكان واضحا عدم قدرة أفراد شرطة السير وعمال النظافة القيام بمهامهم كما هي العادة ، لأن الزحام في الشوارع لا يسمح لراجل ولا راكب أن يتحرك بسهولة .
لذا من الطبيعي أن تسطع شمس العيد و الشوارع لا تزال تشهد بقايا ما تركه أصحاب « البسطات « خلفهم ، فكل ذهب الى بيته يحمل ما جمعه من رزق ،أو ما اشتراه من بضاعة ، أو ما حمله من انطباع ، ولم يتذكر أحد أن المواطن العادي عليه واجب المحافظة على نظافة مدينته وبيئته ، والمسؤولية لا ترمى على عاتق عامل نظافة يهرول خلفنا ليجمع أعقاب سجائرنا ، لهذا وجد المتواجدون في المنطقة أن الشوارع لا تزال بقايا النفايات والأكياس وصناديق الكرتون مبعثرة فيها هنا وهناك و» عمال الوطن « لم يسمح لهم الظرف كي يقوموا بعملهم .
الزميل ماهر أبو طير فصّـل مشكلة فنية تواجه المسجد الحسيني في مقالته يوم الجمعة في الزميلة « الدستور « ، فقد كشف أن المسجد بحاجة ماسة الى توسعة و إعادة ترميم من الداخل وتنظيف حجره الخارجي وساحته من غير المرغوب فيهم ، وهي ملاحظات ذكية ، بينما الجميع يريدون الصلاة أو البيع والشراء وفعل ما يشاؤون دون تذكر أن لهم واجبا في المحافظة على جماليات المكان من مسجد وساحة وشوارع وأرصفة .
أمانة عمان تتحمل الجهد الأكبر في محاولة حثيثة لاسترجاع الجانب الجمالي للمدينة ، ويبذل عمال الوطن فيها جهودا جبارة في شوارع العاصمة ، بل يبذل العمال جهدا مباركا في جميع مدن المملكة ، رغم أننا لا نساعدهم في عدم رمي النفايات من نوافذ سياراتنا و أمام المحال التجارية ، ولو تعود كل منا أن ينظف أمام بيته أو متجره أو مكتبه أو « مدرسته وجامعته « أو مسجده ، لما احتجنا الى عامل واحد يلهث لإرضائنا ، ولكن ماذا ستفعل الأمانة وكوادرها في ظل تعطل نصف آلياتها منذ سنوات وأزمتها مع حاويات النفايات، مع أنها أعلنت في خبر لها أنها جمعت يوم العيد فقط ما يعادل 4500 طن من النفايات ، فما هو مقدار الجهد والتكلفة التي تتحملها الأمانة وبلديات المملكة وجيب المواطن سنويا لتنظيف القمامة التي هي مخلفات المواطنين ؟!
علينا جميعا أن نكون « عمال نظافة « وأن تقوم المدارس والجامعات والمؤسسات وأن يقود الوزراء والمدراء موظفيهم في حملات نظافة لشوارع مدننا ، ومشاركة القطاع الخاص في تزيين الأرصفة والجدران الاستنادية للشوارع العامة ، وعلينا أن نفهم أن « عمال النظافة « ليس من مهمتهم تعليمنا «قيم الحضارة « بل هم يسترون عيوبنا التي ننثرها في الشوارع .
على وقع القول المأثور « أجمل من في الوطن من يعمل لوطن أجمل « نرفع القبعات تحية الى عمال الوطن الذين يحاول البعض الانتقاص من قيمتهم وتحميلهم ذنبنا ، عافاهم الله وجزاهم عنا كل خير في كل مكان في هذا الوطن الأغلى على الجميع .


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة