السبت 2024-12-14 20:50 م

دولة تحت التهديد

04:14 ص

تلوح في افق العلاقة بين الدولة وبعض الحراكات والاحزاب والمجموعات لغة تهديد من طرف واحد، وعلى عكس المتعارف عليه فإن الدولة بكاملها اليوم تخضع لاختبار الرد على التهديد المعلن بايام قادمة صعبة وساخنة جدا سوف تشهد تظاهرات عارمة بلا قيود ولا حدود، حتى ان نقابة المعلمين تكرمت على الدولة بتعليق الاضراب وليس إلغاءه، ويا له من كرم نشكر عليه النقيب والنقابة، وبالمحصلة فهو تعليق مشروط باستجابة الحكومة لاشتراطات عمرها سنة لكنها مؤجلة تقديرا للظروف الصعبة التي يمر بها الوطن..!

الجهة المسالمة في هذه الحالة هي الحكومة التي تكتفي بالرجاء والنداءات المتواصلة ودعوات الرأفة بالاردن, ثم الاغلبية الصامتة التي إن قالت شيئا خرجت في تظاهرات تأييد في اسوأ الاوقات والمناسبات, وبالنتيجة تعلق مصير البلد بطرفين اثنين, مجموعة الحراكات والاحزاب والمجموعات الغاضبة التي تهدد وتنفذ وليس في نيتها تحمل المسؤولية عما قد تسفر عنها هذه التهديدات, ثم بالحكومة الكاظمة الغيض والملتزمة بالمعايير العالمية للتعامل مع الاحتجاجات, مع ان المعايير واضحة وتؤكد بكل وضوح على مشروعية اية دولة تمر بظروف كظروف الاردن اعلان الاحكام العرفية فورا واجبار الناس على عدم استخدام السيارات الا في حالات معينة وقبل ذلك اجبار الاردنيين على العمل دون تخيير وفي كافة مجالات العمل اليدوي مقابل الحفاظ على ما تعرف بالكرامة الوطنية, لان البديل شحدة المعونات وطرق ابواب الاشقاء والاصدقاء طلبا لنجدتنا من كسلنا.
من تجارب الشعوب الحرة ان بريطانيا وبعد الغارة الاولى للطيران الالماني على لندن في الحرب العالمية الثانية طلبت من المواطنين التوفير والتقشف لمساندة المجهود الحربي لدرجة التعميم على المواطنين عدم استهلاك أكثر من ملعقة سكر واحدة في اليوم للشخص الواحد, فالتزم الشعب الانجليزي بكافة احزابه الحاكمة والمعارضة ونقاباته ومجموعاته السياسية والفكرية المعارضين والموالين بمن في ذلك المؤيدين لاستسلام بريطانيا المبكر وتوقيعها اتفاقية سلام مع هتلر لضمان حياد مشرف لبلادهم العظمى, ويذكر التاريخ ان كندا النائية التزمت بسياسة التقشف ذاتها رغم ان المحيط الاطلسي ومعه نصف القارة الاوروبية يفصلها عن المانيا ويجعلها بمأمن من شرور هتلر.
اي ظرف اتعس من الظرف الذي نمر به في بلد يحتاج الى كل شيء تقريبا, الكاز والغاز والسولار والبنزين وازفلت الشوارع والقمح والشعير والدبس، واي ظرف اسوأ من هذا الظرف اذا كانت نسبة العمالة الوافدة في القطاعات التي تدر افضل العائدات على العاملين فيها محجوزة بالكامل للاشقاء المصريين والسوريين، وهي الزراعة والبناء والصيانة والخدمات المباشرة، ويستغرب المراقب وهو يسمع او يقرأ دعوات مكتوبة لاستئناف خيار طلب المعونات مجددا وبالحاح هذه المرة باعتبارها حق لنا وليست منة من احد، في تزامن مع دعوات الاحتجاج والتظاهر لشل حركة البلاد وتهديد الدولة، ووالله لو اشتغلنا طوال ايام التظاهرات والاضرابات والاعتصامات منذ سنتين في الوظائف التي نتأفف عليها وتركنا الآخرين ليشتغلوا في متاجرهم ومنشآتهم لوفرنا مليارا على الأقل وهذا يساوي ضعف ما ستوفره الدولة من رفع الدعم عن المشتقات النفطية محل اختلافنا في هذه المرحلة.
بلد ينوء تحت التهديد بشله من الداخل, ومن الخارج بالشروط التعجيزية من الدول المانحة تارة، وتارة أخرى من صناديق الاقراض، ثم بعد ذلك تتمايل صفوف المحتجين في ساحة النخيل تطالب بالسيادة الوطنية المطلقة واستقلال القرار الاردني..!


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة