علينا أولا أن نحيي الزملاء المصورين الصحفيين على مهارتهم في صيد الرسائل الورقية المتبادلة بين الوزراء والنواب، وبين الرئيس وفريقه الوزاري.
وكما كان متوقعا، ففي اليوم التالي لنشر عديد صور الرسائل في 'الغد' ومواقع إخبارية، من بينها صور للزميل فارس خليفة بموقع 'سواليف'، اتخذت سلطات الأمن وأمانة مجلس النواب إجراءات مشددة للتضييق على المصورين، ومنعهم من التحرك بحرية على الشرفات. وهو الإجراء الذي دفع بالمصورين إلى الانسحاب احتجاجا.
بررت إدارة المجلس موقفها بالقول إن المراسلات بين النواب والوزراء تنطوي على قدر من الخصوصية التي لا يجوز التعدي عليها.
من وجهة نظري، هذا تبرير غير مقنع أبدا؛ فالمصورون لم يلاحقوا الوزراء والنواب في مكاتبهم، ولم يفتشوا في أوراقهم. الصور التقطت خلال جلسات رسمية تحت قبة البرلمان، وليس من شيء يمكن تصنيفه تحت بند الخصوصية في جلسات علنية ورسمية، تنقلها المحطات التلفزيونية بثا حيا على الهواء مباشرة. ولا المكان الذي تتطاير فيه الرسائل تنطبق عليه شروط الخصوصية؛ فلا هو منزل ولا مكتب خاص.
اللافت في الأمر أن صور المراسلات التي تناقلتها حسابات التواصل الاجتماعي بكثافة، طغت على مناقشات النواب لبيان الثقة في الحكومة، وسرقت الأضواء من خطابات النواب؛ الساخنة منها والباردة. وربما يكون هذا دافعا إضافيا لتحرك النواب والحكومة لمحاصرة المصورين الصحفيين، ومنعهم من تكرار ما حدث في مناقشات اليوم الأول.
لكن مشكلة النواب والوزراء أنهم لا يتعلمون من تجارب أسلافهم. فعلى مدار الدورات البرلمانية السابقة، كان المصورون يتفنون في اصطياد الرسائل المتبادلة. وفي أكثر من مناسبة، تسبب نشر مثل هذه الصور بأزمات بين النواب ووسائل الإعلام، لعل أشهرها صورة الرسالة التي نشرتها 'الغد' أيام المجلس السابع عشر، وصورة سابقة للزميل المصور محمد رفايعة، وتضمنت عبارات سخر فيها رئيس وزراء من نواب وشخصيات سياسية.
هذا القدر الكبير من الشفافية الذي أظهره، أول من أمس، نواب ووزراء وهم يطالعون الرسائل 'السرية'، ومعظمها طلبات ملحة عادة ما يضغط نواب لتحصيلها قبل التصويت على الثقة، تؤكد أن تجارب الماضي قد فاتتهم، وما يزالون لا يدركون أنهم ليسوا تحت القبة فقط، بل تحت عدسات الكاميرات، وعليهم أن يحترسوا.
وربما يكون من المناسب تذكير السادة الوزراء والنواب، أنهم الفئة الوحيدة في المجتمع التي تنتمي إلى عهد مضى كانت فيه الرسائل الورقية وسيلة التواصل بين الناس. لقد ولى عهد الرسائل الورقية، في زمن الـ'واتساب'، ومن قبل الرسائل النصية عبر الهواتف النقالة.
هل بقي هناك من يخط رسالة على ورقة ويبعث بها لشخص يجلس على بعد أمتار منه؟ مواقع التواصل الاجتماعي تربط البشر بين القارات، وكأنهم يعيشون في غرفة واحدة، بينما نوابنا وحكومتنا، يتصرفون وكأنهم في عصر الخطاطين الأوائل.
وما دمنا بصدد التصويت على الثقة، وبرقم قياسي كما يقول بعض المراقبين، فلا بأس من ترجمة هذه الثقة، بتدشين 'جروب' على الـ'واتساب' يجمع الوزراء والنواب، لقطع الطريق على المصورين المكّارين، وللتأكيد على العلاقة الوحدوية بين السلطتين.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو