الوكيل - «اتلولحي يا دالية، يمّ غصون العالية... اتلولحي عرضين وطول، اتلولحي لقدر اطول... يا عريس يابو الربطة... من وين صايد هالبطة... يا عريس يابو العقال... من وين صايد هالغزال.. ودرّج يا غزالي... يا رزق الحلالي... ودرّج يا حبيبي... ريتك من نصيبي...». «زفة العريس» تحيي الأهازيج الشعبية المنسية في زمن التكنولوجيا.
على وقع هذه الكلمات وما شابهها كانت تلتئم جموع أبناء الحي فرحة في موكب زفة العريس وتجواله بين أزقة الحي انطلاقا من مقر استحمامه ليجوب الشوارع وسط فرحة عارمة تملأ قلوب الأقارب والجيران رجالا ونساء وأطفالا.
زفة العريس مشهد يحمل في طياته الكثير من الذكريات الجميلة، فهاهنّ صبايا الحي يرقبن موكب الزفة من على الأسطح مبتهجات؛ أملا في فرحة ليلتهن الكبرى... نساء ينثرن على الزفة «حلو وملبس» بعضه يصطدم بالرأس في مواقف طريفة تعلق في الذاكرة ولو بعد حين، وجزء يستقر على الأرض يتنافس الصغار للمسارعة إلى التقاطه بوصفه غنيمة كبرى.
«لن أنسى زفة عرسي ما حييت» بهذه العبارة بدأ الأربعيني أبو ثائر كلامه مستذكرا زفة عرسه التي جابت شوارع الحي، مرة وهو يمتطي جوادا، وتارة أخرى محمولا على أكتاف الأحبة، مبديا أسفه على تراجع الإقبال على زفة العريس هذه الأيام.الستينية أم وائل تشير إلى أن «الزواج ليس كأي مناسبة»، مبينة أنها زفت ابنها قبل 10 أعوام بالطريقة التقليدية التي تجد فيها فرحة لا توصف؛ إذ «يحتفل في زفة العريس الصغير والكبير ويعبرون عن سعادتهم من خلال زفّه مشيا على الأقدام وما يتخلل الزفة من زغاريد ورقص حتى يصل الجميع إلى مقر العرس».
ولا تنسى أم وائل حمام العريس الذي يسبق الزفة، وتعود بالذاكرة إلى الوراء لتستحضر ما يقال للعريس وقت خروجه من الحمام «طلع الزيـن من الحمام... الله واسم الله عليه... ورشوا مـن العطر عليه... وكل ارجاله حواليه».موكب الزفة، وفق أم وائل ، ينطلق من البيت الذي استقبله ليحمل على الكتفين أو يمتطي الفرس، أو يشبك يده بأيدي الوالد والمقربين باتجاه مكان العرس، مستظلا في الغالب بالشمسية التي تزهو بما يحيط بها من بالونات.وما يميز زفة العريس، بحسب المختص بالتراث محمود الصرايرة ، أنها تسهم في اشتراك جميع أبناء الحي من رجال ونساء وأطفال، ما يعطي طابعا جميلاً للزفة لطالما صدر عنها الكثير من الموروثات الشعرية والعادات والتقاليد والطقوس التي استمرت لعقود طويلة.ويتفق أستاذ علم الاجتماع في جامعة عمان الاهلية ابراهيم شحادة مع الصرايرة في الرأي بأن الزفة اتسمت سابقاً «ببساطتها وتكاتف المجتمع واشتراك أبناء الحي والأقارب فيها»، وما رشق الحلويات، وفق الصرايرة، إلا بهجة حقيقية ودليل على السعادة المصاحبة للزفة التي باتت في «عداد التراث وتراجع الإقبال عليها».
عبد المحسن الذي تختزن ذاكرته جمالية وبهجة زفة العريس يلفت إلى أن ابنه يرفض هذه الفكرة مستعيضا عنها بالزفة التي تقام عند مدخل الصالة.
الستيني عبدالمحسن يبدي انزعاجه من بديل الزفة التقليدية، عازيا ذلك إلى «أن زفة العريس تقليد جميل ولكل شعب عادات وتقاليد يجب ألا ينسلخ عنها».
بالرغم من اهتمام العروسين بأدق تفاصيل العرس إلا أنهما لا يكترثان في الغالب للزفة التي تسبق الدخول لقاعة الاحتفالات، وفق مدير إحدى صالات الحفلات سميرطورة ، الذي يشير إلى أنه يشهد الأحاديث المتبادلة بين الزبائن حول هذا الموضوع معتبرين الزفة التقليدية «تلاشت وغير مناسبة للوقت الحالي».
وفي المقابل هناك من يهتم بالزفة التقليدية إذ لا ينسى طورة زفة أقامتها فرقة الصالة منذ قرابة خمسة أعوام في أحد الأحياء الشعبية؛ إذ كان لها طابع شرقي مميز، وحضرها جميع أبناء الحي وفرحوا بها.
يؤكد الصرايرة أن قيم الحياة تختلف بحجم المتغيرات التي تطالها، مضيفا أن الزفة على الطريقة الشعبية كانت تشكل للشباب العربي وعائلاتهم «طموحا»؛ إذ يترقبون هذا اليوم ويعدون له أشهرا لينتهي العرس بالزفة التي هي بمنزلة «حلم جميل يرسخ في ذاكرتهم حتى عند تقدمهم في العمر».
زفة العريس أصبحت «تراثا من الممكن محاكاته في مسلسل تلفزيوني لكن لا يمكن تطبيقه على أرض الواقع لدى معظم الشرائح، وفق الصرايرة الذي يشير إلى أن «الظروف المادية والنمط الاستهلاكي لا يساعدان على التفكير بماهية الزفة؛ إذ ينشغلون بحجز القاعة التي يقام فيها العرس».وفيما يتعلق بتراجع الإقبال على الزفة الشعبية فيرده الصرايرة إلى «انشغال المجتمع بثورة التكنولوجيا، وتنوع نمط البناء واختلافه كلياً، فضلا عن تآكل بعض العادات والتقاليد في مختلف الجوانب ومنها العرس».
وفي السياق نفسه يعزو شحادة قلة الاهتمام بالزفة إلى «المدنية والعزلة والتطبع بالحياة الحضارية»، إضافة إلى تأخر سن الزواج؛ حيث يصبح الفرد متحرجا من إقامة زفة وقد تقدم به العمر.
الراي
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو