السبت 2024-12-14 23:50 م

زهراتُنا تتحدى

12:57 م

الوكيل الاخباري- رنا المحتسب - اسمها الشفاف ينبضُ بأكثر من حياة ، زهرةٌ بعمر الورود وبجمالِ بتلاتها .


((عائشة))

'كُنتُ العروسَ الأجملَ ، الأسعدَ رغمَ سقوطِ شعري،رغم المرض 'هكذا روت عروسنا حامدةً الله على كل حال .

سرطان الثدي :

سرطان ' التحدي' كما اصفهُ ويتفق معي بهكذا وصف ، الدكتور مروان الزغل (رئيس قسم الكشف المبكر عن سرطان الثدي بوزارة الصحة)

حيث صرح واستناداً للسجل الأردني لسرطان الثدي والإحصاءات الشاملة أن نسبة الوعي لدي المجتمع المحلي بخطر المرض في ازدياد مضطرد والحمد لله ، ويعود ذلك للبرامجِ المختلفة التي يقوم بها البرنامج الأردني لسرطان الثدي ومؤسسة الحسين للسرطان بالتعاون مع وزارة الصحة والقطاعات الصحية المختلفة ؛ من إعلام وتثقيف على مدار العام وخاصة ((حملة اكتوبر)) ، ومع ذلك فإننا نطمح بالمزيد من رفع الوعي المجتمعي ،مُسلّطين الضوء على سيدات مجتمعنا ومسخّرين طاقاتنا لخدمتهن .

تروي عروسنا قصتها

'في البداية منعني ((الخوف ))من مراجعةِ الطبيب بالرغم من وجود ((ألم)) في الثدي ، لكني اقنعت نفسي بأني بخير ، كنتُ منشغلةً بعملي وخطبتي ! '

(( الخوف )) ويضيف اليه الدكتور أحمد أبو عين (رئيس قسم الأشعة بمستشفى الأمير حمزة ) ((الحياء)) قائلاً : ' إن الخوف من اكتشاف المرض يسيطر على تفكير السيدات لعدةِ اسباب منها بنظرهن؛ الخوف من اهمال اسرهن واطفالهن خلال فترة العلاج ونظرة المجتمع للمريضة، والحالة النفسية التي قد تصير اليها المريضة نتيجة العلاج واثاره الجسدية عليها ،لكن الحقيقة تكمن في أن العناية وحب الأسرة يتمثل ببدء العلاج دون تأخير وبدء الكشف المبكر قبل الإصابةِ من الأساس ،حيث أن الكشف المبكر يرفع نسبة الشفاء الى 93% في حال الإصابة لا قدر الله ،واشار د.ابوعين إلى أن ((الحياء)) يكمن في المجتمعات القروية لكنه ذريعة باطلة أمام المرض وضرورة الكشف المبكر، و توافقه بالرأي الدكتورة غدير الطويل(رئيسة وحدة تصوير الثدي بمستشفى الأمير حمزة )

مشيرةً الى أن الكوادر العاملة و منذ اللحظة الأولى التي تقابل السيدة هي كوادرنسائية مؤهلة ومدربة ضمن معايير وشروط تلائم وتتفهم طبيعة السيدات كما تأتي بمخرجات ذات جودةعالية ضمن اطر طبية عالمية لتضمن افضل تشخيص .

تستطرد عائشة :

بعد عدة شهور خضعت والدتي لفحص (( الماموغرام)) ككشف احترازي ، وكانت نتيجتها سليمة والحمدلله ، وذلك منحني قليلاً من الشجاعة لأزور الطبيب ولكن بعد فترة زمنية ليست بالقصيرة ؛ خاصةً أن (( كتلة محسوسة))ظهرت مرافقة ذاك ((الألم)).

خضعتُ ((للفحص السريري)) الطبي ، ومن ثم للفحصين : الشعاعي ((الماموغرام)) والأمواج فوق الصوتية ، وشعرت بأني قد أكون حقاً ((مصابة)) ، طلبَ مني الطبيب القيام بفحص أخر وهو أخذ عينة من نسيج الكتلة ، وفعلاً خضعت لهذا الإجراء الطبي !

عن فحوصات الكشف المبكر والفحوصات التشخيصية تتحدث الدكتورة غدير الطويل

'((الفحص الذاتي)) اولاً واخيراً ،فالبداية من السيدات انفسهن بتعلم طريقتهِ الصحيحة والمواظبة عليه شهرياً والاستعانة بالطبيبة اوالأخصائية عند وجود أي تغير أوشك فيما اعتادت عليه السيدة بالثديين.

أما ((الفحص السريري)) والذي تقوم به الطبيبة اوالأخصائية مرة واحدة سنوياً ، وهي زيارة روتنية يجب أن تتمسك بها السيدات عند البلوغ من باب الإهتمام بأنفسهن وصحتهن وشددت الدكتورة الطويل على ضرورة وأهمية الخضوع لفحص ((الماموغرام )) للسيدات عند سن الأربعين سنوياً ،مشيرةً الى وجود فحوصات تكميلة قد تحتاجها السيدة التي تخضع للماموغرام وتحتمل نتيجتها شكاً ولو بسيطاً بكونها غير طبيعية اوسليمة .

سافرت عائشة بضعةَ ايامٍ لإداء مناسك العمرة لحين ظهور نتيجة (( الخزعة)) ، لتعود وتجد أن والدها وخطيبها قد استلما النتيجة التي تؤكد اصابتها بمرض سرطان الثدي !

الصدمة كبلتها فقررت الإمتناع عن العلاج ، والغاء الزفاف !!

إلا أن المحبة التي تزرع لا بدَ أن تحصد ، فكان الحب اقوى والإيمان اشد من كل ماديات الدنيا ومنظورات الضعف مهما اتشح لونها.

تقول عائشة بفخر ' رفض خطيبي الغاء الزفاف ، رفض أن اتركه و وقف اهله يشدون على يده ويقولون 'هذه ابنتنا 'متمثلين بإنسانيتهم العظيمة وجمال أرواحهم ، كما حظيت بدعم أهلي وحنانهم الفائقين ،متوكلةً على الله ليبقى موعد الزفاف قائماً بموعده ، ويبدأ مشوار(( العلاج)) .

تقول الدكتورة تمارا كيله ( اخصائية الجراحة بمستشفى فلسطين) واصفةً المرض وعلاجه 'برحلة التعرف على الذات'، وعن نظرتها الشخصية حيال علاج المرض خاصةً أن الثدي رمزانثوي وامومي تؤكد 'أن التغلب على سرطان الثدي بات ببساطة كاستئصال أي غدة دهنية حميدة في الجسم إن تم اكتشافه في مراحله المبكرة ،لذا نركزعلى ((الفحص المبكر)) ، وتتابع د.كيله بأن مفهوم الأنوثة أعمق وأوسع من الشكل، لكن ذلك لا يعني أن نقلل من الحفاظ على هذا الغلاف بأجمل شكل ممكن ،ويكمن ذلك ((بالفحص الدوري)) لدى الجهة الطبية الصحيحة للتأكد من سلامته ،واصلاح اي عطل فيه اوقصور قبل أن يتفاقم.

وللتطور الطبي في عالم جراحة الثدي من خيارات تجميلية وحتى الأساسية منها واثره على تقبل المصابة للعلاج ،تشير مجدداً د.كيله 'أن هذا الأثر يتجلى في تشجيع نساء كثيرات على العلاج ومدّهن ((بالشجاعة )) اللازمة للتغلب على المرض ،اذ لم تعد عميلة استئصال الثدي كاملاً ضرورية الا في الحالات المتقدمة من المرض وحتى هذه المرحلة بات لها حلول تجميلية '

وعن دور الأهل والمجتمع في علاج مرض سرطان الثدي يشير الدكتور محمد بشناق (مدير الأكادمية العربية للرعاية التلطيفية واستشاري علاج الألم والرعاية التلطيفية) مشدداً أن المجتمع ينقسم لدائرتين الأولى متمثلة بالكادر الطبي الذي يلازم السيدة المصابة منذ اللحظة الأولى وهكذا خلال مشوار العلاج ، والثانية هي دائرة المريضة الخاصة من عائلة واهل واصدقاء ومعارف وهذه الدائرة هي الركيزة الأساسية التي يفترض بها أن تمد السيدة بالعناية والعطف والإهتمام .

ونوّه د.بشناق الى أن التعامل مع السيدات المصابات بسرطان الثدي هو فن ومهارات قد يحتاج البعض لاكتسابها وتعلمها أساساً أو تشجذيبها وتوسيع مدارك المجتمع الروحانية متمثلةً بما تمليهِ علينا تعاليم الأديانِ السماوية وعادتنا وتراثنا ، من تراحمٍ ومحبةٍ وتعاطف ،فالرعاية تعني التعامل مع المعانة بمنع وقوعها أو علاجها بما يتناسب مع طبيعة كل سيدة واحتياجاتها ،لإصالها لبر الأمان، وختم د.بشناق تمنياته أن يصل هذا الجانب الطبي الروحاني الأساسي لكافة القطاعات الطبية تماشياً مع الكفاءة والحرفية الطبية التي تقدم لسيداتنا في هذا الوطن الحبيب.

عائشة اليوم تنعم بصحة وعافية بعد شفاءها بفضل الله اولاً وعدم تأخرها ((بالكشف المبكر)) وتلقيها كامل العلاج ،وايمانها وحبها لذاتها واهلها ، وتنتظرأن ترزق بطفلٍ يملىْ بضحكتهِ دنياها فتعطيه كامل العطاء واكثر.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة