نشرت العديد من المواقع الإخبارية، أمس، قوائم بأسماء مئات الضباط وضباط الصف والأفراد، من مختلف الوحدات العسكرية في القوات المسلحة؛ استخبارات ودروع ومدفعية وسواها من التشكيلات، ومثلهم من المخابرات العامة والأمن العام. والمناسبة، هي حصولهم على أوسمة ملكية، تقديرا لجهودهم في الخدمة العامة.
لا خلاف أبدا على مبدأ التكريم؛ فضباط وأفراد الجيش العربي والأجهزة الأمنية يستحقون التكريم كل يوم على ما يقومون به من عمل رائع دفاعا عن حدود الوطن وأمنه.
لكن لم أسمع من قبل عن بلد ينشر، هكذا على الملأ، أسماء ضباطه في الجيش والمخابرات والاستخبارات، ومن أربعة مقاطع، في وسائل الإعلام، مضافا إليها الوصف الوظيفي الدقيق لكل منهم.
ببساطة شديدة، يمكن لأي جهة معادية أن تُدخل الاسم الرباعي على برنامج في الكمبيوتر وتحصل من خلاله على عناوين هؤلاء الضباط وأماكن سكناهم وأرقام سياراتهم، وكل ما ترغب فيه من معلومات تفصيلية ومجانا.
لسنوات مضت، حظرت الدولة على الصحف نشر إعلانات التهاني بترفيع ضباط الجيش والأمن العام. لكن الظاهرة عادت من جديد وبقوة، وها نحن نضيف عليها جرعة غير مسبوقة من الشفافية؛ بنشر قوائم كاملة وشاملة بكل الأسماء، حتى لضباط الاستخبارات والمخابرات الذين من المفترض أن لا يعرف أحد هويتهم.
الشفافية حسنة ومطلوبة من أجهزة الدولة في أمور كثيرة، لكنها تصبح ضارة ومؤذية عندما تأخذ هذا الشكل. ولعلها مفارقة فعلا أن تتشدد المؤسسات الحكومية في تقديم معلومات عادية في مواضيع تهم الرأي العام، بينما تتساهل في تسريب قوائم كالتي طالعناها بالأمس؛ تمس بالأمن القومي للبلاد، وتعرّض حياة بعض من تم الكشف عن أسمائهم للخطر، خاصة في هذه المرحلة الحساسة التي تشهد تحديات أمنية غير مسبوقة للأردن.
ومن مظاهر الشفافية الضارة التي برزت في الآونة الأخيرة، نشر الاسم الصريح لقادة تشكيلات عسكرية في الأخبار المتعلقة بنشاط وحداتهم، خلافا لما درجت عليه العادة سابقا؛ إذ كانت الأخبار تقتصر على الوصف الوظيفي من دون ذكر الاسم الصريح.
أمس، ونحن نطالع قوائم المكرمين، بدا الأمر مدهشا حقا، خاصة تفاعل القراء ممن تباروا في تهنئة أقاربهم؛ فكشفوا المزيد من المعلومات عنهم، وخيل لي وكأننا في حفل تخريج لطلبة مدرسة أو جامعة.
هناك احتمال أن تكون المواقع الإخبارية قد حصلت على قوائم المكرمين بالأوسمة من الجريدة الرسمية، التي تُنشر فيها عادة القوانين بعد صدور الإرادة الملكية بسريانها، ومثلها ترفيعات الضباط وكبار المسؤولين، وغيرها. لكن في مثل هذه الحالات ينبغي اتخاذ إجراءات خاصة، كالاكتفاء بنشر الإرادة الملكية من دون تفصيلات.
التكتم والسرية اللذان كانا يحيطان بعمل المشتغلين بالمؤسسات العسكرية والأمنية، يضفيان قدرا من الهيبة عليها، ويشعران الرأي العام بحساسية وجسامة المهمات التي يؤدونها. أما الانفتاح المبالغ فيه على هذا النحو، فهو ضار حتما، ولا يساعد تلك المؤسسات على أداء دورها، لا بل يجعلها عرضة للانكشاف.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو