لا يتوقف بعض السياسيين والحزبيين وخصوصاً الكتّاب في الصحف العربية ذات التوجهات المعروفة والمرجعيات الكارهة لكل ما هو «وطني» (اقرأ المثقلة بعقدة الخواجا والساعية الى نيل رضى السيد الاميركي والمسلّمة بالتفوق الاميركي ونهاية التاريخ وان عصرنا هو العصر الاميركي وان لا أحد قادر على لجم الاميركيين او ايقافهم عند حدودهم وافهامهم أن عالمنا قد تغيّر وأن «الحلم» الاميركي مجرد وهم وأساطير وان القيم الاميركية التي يجري الترويج لها بالاساطيل وقاذفات القنابل والمارينز ليست سوى أكذوبة كبرى وأن همروجة حقوق الانسان اسطوانة مشروخة لا تصمد في امتحان النتيجة، سواء في افغانستان والعراق ام في غرينادا وجمهوريات اميركا اللاتينية وخصوصاً في فلسطين وفيتنام).
نقول: لا يتوقف هؤلاء عن الغمز من قناة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والحطّ من قيمته وتسخيف طموحاته في وضع حد لممارسات (اقرأ ارهاب) الكاوبوي الاميركي وعدم السماح له بتعريض الأمن القومي الروسي للخطر او المسّ بمصالح بلاده المشروعة، ما اثار حفيظة هؤلاء الذين يسجدون لكل ما هو اميركي وعلى قناعة بان «كف» أي شعب في العالم غير قادرة على مقاومة «المخرز» الاميركي كلي القدرة والقوة والمعرفة.
ما علينا
«الجريمة» التي ارتكبها الرئيس الروسي، هو قيامه بقلب الطاولة على جماعة اميركا والاتحاد الاوروبي التي قامت بالانقلاب، ساعات قليلة بعد التوقيع على اتفاقية بين الرئيس المُنتخَب يانوكوفيتش وقادة المعارضة الاوكرانية، بحضور الترويكا الاوروبية المكونة من المانيا وفرنسا وبولندا يوم 21 شباط الماضي، عندها فهم القادة الروس ان خديعة قد تمت وان ساعة الصفر للانقلاب قد تم تحديدها مسبقاً ولم يكن مطلوباً سوى ايهام انصار يانوكوفيتش وخصوصاً في قوات النخبة ووحدات الجيش، ان الانفراج قد حصل وان الجميع سيحترم قواعد اللعبة الديمقراطية بعد ان قدم يانوكوفيتش تنازلات جوهرية تمثلت باجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة وقبل نهاية العام.
اهداف الانقلابيين لم تكن سرّية وكانوا «يلهجون» بها في اعتصامهم بميدان الاستقلال وهي «أوْرَبة» اوكرانيا والانضمام الى حلف شمال الاطلسي، وهما خياران لا تلتقي عندهما غالبية الشعب الاوكراني والاكثر اهمية هي ان وجود الاطلسي على حدود روسيا يعني حصاراً محكماً لروسيا وتحجيما جيوسياسيا لها والاسراع في تحويلها الى مجرد دولة عادية تمتلك سلاحا نوويا والسلاح النووي - كما بات معروفا - لا يصنع دولة قوية كما هي حالة باكستان التي نَظّر لها العرب والمسلمون وقالوا انها اول قنبلة اسلامية، فاذا بها عبء على اصحابها، واذا بها تخضع للمراقبة الاميركية المباشرة ومُخزّنة في اماكن يعرف الاميركيون الذين «يحرسونها» كوداتها وارقام تشغيلها السرية، بل هي غير «مذخّرة» وممنوع «ذلك» على اصحابها.
هل نضيف الصين ايضاً التي لم تسعفها اسلحتها النووية في تمثيل الشعب الصيني في مجلس الامن، بل احتلت موقعها جزيرة منشقة عنها اسمها «تايوان»، شاء الاميركيون والغرب الاستعماري ان تجلس على المقعد الدائم صاحب «الفيتو» كي تكون ذخراً استراتيجياً للغرب وتحجيما لدولة المليار نسمة ونيف، الى ان تبدلت العلاقات الدولية، فعادت الامور الى سياقها الطبيعي كما عادت «الدمية» المسمّاة تايوان الى حجمها المعروف.
اين من هنا؟
الذين يحملون على بوتين ولا يتوقفون عن شيطنته واتهامه بالمغامرة وغير القادر على مواجهة «العملاق» الاميركي، احسبهم يغرفون من معين الانظمة العربية، التي رفعت ايديها وسلّمت بـ «الفرادة» الاميركية، ورأت في طلب حمايتها عقلانية واراحة للأجساد المترهلة ما دامت الاموال كفيلة بتأمين أمنها، اما حكاية السيادة والكرامة الوطنية والقرار المستقل وحقوق الشعوب في الحرية فهي آخر اهتمامهم، ناهيك عما يحمله هؤلاء من حقد وكراهية لكل من يؤمن بثقافة المقاومة ورفض الاحتلال والتدخل في الشؤون الداخلية، الرافض للنهب والخصخصة والخضوع لارادة الشركات عابرة القارات وتحالف السلطة ورأس المال.
يسجل للرئيس الروسي انه يقول «لا» ويقرن القول بالفعل، ويرفض الخضوع لاملاءات الغرب الاستعماري، وهو يحظى بتأييد شعبي روسي وازن، على عكس ما تحظى به معظم الانظمة العربية، ناهيك عن تمسكه باصرار وثقة، بحقوق بلاده ومصالحها وعدم تنازله عن التعامل بـ(نديّة) مع دول الغرب وخصوصاً واشنطن، وهو هنا - كما يجب التذكير - يريد افهام اليانكي الاميركي، أن روسيا اليوم ليست روسيا يلتسين، او تلك البلاد التي انعدم فيها الامن وسادت فيها عصابات المافيا واجهزة الاستخبارات الاميركية والاوروبية، واوشك جيشها ان يتفكك..
هذا ما اراد الرجل ان يقوله والباقي تفاصيل، لهذا ايضاً ودائماً، تشتد عليه حملات التشويه والاستخفاف وترتفع التهديدات بالعقوبات والعزلة وغيرها من التلميحات الفارغة، التي نحسب ان سيد الكرملين قد حسب لها حسابا قبل ان يخوض معركته الحاسمة هذه، وسيعرف المعجبون بالغرب الامبريالي متى وكيف سيتلون فعل الندامة.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو