الجمعة 2024-12-13 11:48 ص

ضحايا الرصاص الطائش .. فريسة لبطولات مصطنعة

12:40 ص

الوكيل - شكلت جريمة اقدام عريس على قتل طفل عمره ست سنوات في منطقة اربد إثر إطلاق عيار ناري «بالخطأ» مشهدا مأساويا أساء لكثيرين بعد تداول مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الشهر الحالي يظهر إصابة الطفل بعيار ناري .


تدوال المقطع لم يكن هو الشاهد الوحيد لظاهرة إلاطلاق العشوائي للعيارات النارية خلال العام الحالي، بل هناك عشرات الحالات التي دفعت بشرائح اجتماعية عديدة إلى اطلاق نداء استغاثة لوقف هذه الظاهرة وسن قانون وتعليمات مشددة لمحاسبة مطلقي العيارات النارية.

مديرية الأمن العام كشفت في اخر احصائية لها عن الاشهر الستة الاولى من العام الحالي عن تسجيل 34 قضية من بينهما وفاتان و25 اصابة وسبعة أشخاص ضبطوا يطلقون العيارات النارية دون وقوع إصابات».

ويقول الناطق الرسمي باسم مديرية الامن العام المقدم عامر السرطاوي «ان هناك صعوبة في القاء القبض على مطلقي العيارات النارية وخصوصا غير الثابت منهم في مكان محدد حيث تتحرك الدوريات في حال ورود أي شكوى لتجد ان المطلق قد اختفى او تم اخفاؤه متعمدا من اصحاب العرس».

الا ان احصائية الجرائم الجنحوية المنشورة على الموقع الالكتروني لمديرية الأمن العام تشير إلى أنه في عام 2013 قد وقعت 1869 جريمة جنحوية بسبب اطلاق العيارات النارية ،وفي عام 2014 ارتفعت هذه الجرائم الى 2413 جريمة أي بزيادة 544 جريمة وبنسبة زيادة 30% عن العام السابق ،ليكون مجموع الجرائم خلال عامين أربعة آلاف و282 جريمة .

اللافت أن بعض ذوي المناسبات الاجتماعية يقومون باستئجار السلاح بأنواعه المختلفة لاطلاق العيارات النارية ،ويقول شاب رفض ذكر اسمه إن :» بعض أصحاب الأفراح يستأجرون المسدسات والأسلحة الرشاشة من مالكيها مقابل بدل مالي يصل إلى 40 دينارا للمسدس و60 دينارا للكلاشينكوف والأنواع الأخرى من الرشاشات «.ويلفت إلى أن :» المبلغ يكون مقابل استخدام مخزن واحد محشو بالرصاص «.

ويبين أن :» المستأجر يوقع على أوراق ومبالغ مالية تكفل عودة السلاح لصاحبه مهما كانت الظروف «. ويشير إلى أن :»المستأجر للسلاح يتحمل المسؤولية المالية والقانونية والعشائرية في حال وقعت إصابات نتيجة استخدام هذا السلاح «.

تزايد الظاهرة مرده إلى غياب تطبيق القانون بحزم على جميع مطلقي العيارات النارية في مختلف المناسبات. يقول الشيخ هاني الحديد :»نسمع جعجعة ولا نرى طحنا « . ويضيف ان :»اطلاق العيارات النارية في افراحنا وصل الى حد التباهي واستعراض القوة والمنافسة في من يطلق اكثر ومن يحمل سلاحا احدث».

«الرأي» رصدت حالات مأساوية وقعت العام الحالي والأعوام السابقة ،لضحايا العيارات النارية التي قتلت وأصابت اطفالا ورجالا ونساء وحولت الاعراس الى مآتم.

رصاص الأفراح الطائش هو الأكثر شيوعا بين الطبقات الاجتماعية المختلفة،وقد ادى إلى نتائج وخيمة ومآسي عديدة ،ومثال ذلك ،إصابة « أربعيني من منطقة غرناطة في مادبا بطلق ناري طائش، نقل اثرها إلى مستشفى النديم الحكومي ويقبع في قسم العناية الحثيثة وحالته الصحية حرجة» .

ومن الحالات المأساوية ايضا وفاة شاب يبلغ من العمر 16 عاما وذلك جراء اصابته بعيار ناري طائش في حفلة عرس بمنطقة كفرابيل بمحافظة اربد .

ولعل رصاص احتفالات المواطنين بنتائج الثانوية العامة لا يقل شيوعه عن رصاص الأعراس ،فقد :» أصيبت فتاة في اربد من سكان بلدة عمراوة بلواء الرمثا بطلق ناري طائش في بطنها وخرج من ظهرها مسببا لها تهتكا في الأحشاء»إلى جانب :»إصابة رجل أخر من اربد في الوقت ذاته «.

اطلاق العيارات النارية دفع اهالي بلدة دير السعنة بلواء الطيبة في محافظة اربد إلى تنفيذ مسيرة احتجاجية في الثالث من رمضان الماضي عقب اصابة الطفلة بيلسان السنجلاوي من البلدة بعيار طائش ما أدخلها في غيبوبة في مستشفى مدينة الحسين الطبية .

المتحدثون الذين نفذوا وقفتهم طالبوا بتغليظ العقوبات على مطلقي العيارات النارية في المناسبات الاجتماعية للقضاء على الظاهرة التي باتت مؤرقة للمجتمع في اعقاب تكرار الحوادث المميتة التي يتعرض لها ابرياء جراء هذه الافعال.

وعلى اثر الحادثة السالفة أطلقت مديرية الأمن العام حملة «مبادرة لا تقتلني بفرحك» ، إلا أن مواطنين يتابعون القضية أكدوا على ضرورة اتخاذ الأجهزة الأمنية إجراءات رادعة وقاسية بحق كل الأشخاص الذين يقومون بإطلاق الأعيرة النارية خلال أفراحهم.

اطلاق العيارات النارية لم ينحصر بإلحاق الضرر بالمواطنين ، بل تعداه الى الإضرار بالتيار الكهربائي باصابة خط الضغط العالي في محافظة مادبا قبل شهرين بعيار ناري ليخيم الظلام على سكان منطقة الفيصلية وبلدة عفنان واليسرى الجديدة والتركمانية.



تشجيع اجتماعي

«في كل عام نسمع حناجر النخوة الاردنية من كل صوب لوقف اطلاق العيارات النارية في الاعراس الا ان الفرح يمر ولكن في حال وقعت اصابة او وفاة او مشاجرة نقيم الدنيا ونقعدها على الجهات الرسمية» هكذا يقول المعلم سالم العبادي الذي يقطن محافظة البلقاء.

ويضيف العبادي ان :»سماع اصوات زخات اطلاق العيارات النارية اصبح من الاشياء الاعتيادية لدينا حيث يشيد الجلوس والحاضرين في الفرح باطلاق العيارات النارية دون ان يتدخل عاقل او مسؤول او وجيه او شيخ او حتى مختار العائلة».

ويعتبر الشيخ عبدالله الشاويش العجوري بأن :»ما يجري هو تراخ من الجهات الرسمية في سن قوانين رادعة لوقف هذه الظاهرة وغياب المبادرات الاجتماعية الفعالة التي تقضي بعدم حضور أي حفل او مناسبة فيها اطلاق العيارات النارية». ويضيف الشاويش :» المطالبات تظهر بعد وقوع اصابة او وفاة شخص ما نتيجة إصابة بعيار ناري طائش «.

ويقول الشاويش «انني شاركت في عشرات المصالحات العشائرية التي نتج عنها اصابات بعيارات نارية طائشة اودت بحياة المواطنين ومن اشدها قسوة وبشاعة كانت الجرائم التي تقع اثناء الاعراس والتي تحوله الى كارثة مأساوية «.

ويضرب الشاويش مثلا على ذلك بقوله :»انه قبل سنوات قام اخوة العريس باطلاق العيارات النارية في منطقة القويسمة فأفلت الرشاش من يد مطلقه ليوقع ثلاث اصابات «. ويضيف الشاويش ان :»هذه الحادثة وقعت قبل يوم من العرس ،فألغي الغداء ،علما أن كلفته بلغت اكثر من 20 الف دينار،فقد سجن اخ العريس وصودرت الاسلحة،وبدأت بعدها سلسلة مفاوضات الصلح مع ثلاثة عشائر ينتمي اليها المصابون « .

ويقول المختار احمد العدوان – وهو من سكان منطقة الجعيدية - ان :»مطلب وقف اطلاق العيارات النارية في الافراح اصبح صعب المنال «، ويضيف العدوان ان:» كثيرا ممن يطلقون العيارات النارية في الافراح يتعاملون مع السلاح بشكل غير سليم ،وصور التعامل مع السلاح في الأفراح تعكس حالة استهتار كبيرة وبخاصة في ظل اكتظاظ سكاني كبير تشهده مناطق الأفراح «.

ويرى رئيس رابطة الولاء والانتماء والناشط السياسي في مدينة سحاب ياسر الجلاد ان بعض المبادرات التوعوية حول منع اطلاق العيارات النارية قد نجحت في الحيلولة دون إطلاق النار في بعض الأفراح .

ويوضح الجلاد انه سيتم تعميم هذه الفكرة على مختلف انحاء المملكة من خلال جولات ميدانية على كافة الجهات المعنية لوقف هذه الظاهرة.

ويشير إلى أن المبادرات الاجتماعية والفردية كانت تدعو لوقف اطلاق الاعيرة النارية في المناسبات وانتشر بعضها على مواقع التواصل الاجتماعي لما لهذه الظاهرة من آثار مدمرة على مجتمعنا من إصابات و قتل للأبرياء.

وتركزت اهداف هذه المبادرات –بحسب الجلاد - على توفير خط ساخن في الأمن العام للتبليغ عند سماع أي إطلاق للعيارات النارية, حيث يتصرف الأمن بشكل فوري ويلقي القبض على مطلق النار و سجنه و فرض غرامة مالية كبيرة على أصحاب المناسبة لعدم ايقافهم اطلاق العيارارت النارية.

ويشدد على أن المبادرات تركز على الامتناع عن حضور أي مناسبة فيها إطلاق نار أو الانسحاب في حال حدوث ذلك و إشراك أكبر عدد ممكن من الأفراد في هذه المبادرة لنشر الوعي اللازم .



تشديد الإجراءات



وكانت مديرية الأمن العام قالت في بيان لها بثته عبر موقعها الإلكتروني؛ إن :»المديرية تشدد على مراقبة ظواهر إطلاق العيارات النارية والألعاب النارية والحزم في التعامل معها لما تشكله من خطورة كبيرة على الآمنين «.

من جانبها أصدرت دائرة الإفتاء فتوى بتحريم وعدم جواز إطلاق العيارات النارية، لأسباب عدة أبرزها “لما فيه مِن تخويف وأذى للناس، وأنه إتلاف للمال بلا فائدة، وأن العتاد الذي يُستهلك إنما صُنع للدفاع عن الدين والوطن والمواطنين، فلا يجوز استعماله بهذه الطريقة العبثية البعيدة عما صنع هذا السلاح من أجله».

وفي السياق ذاته ، اعدت وزارة الداخلية مشروع قانون جديد للاسلحة والذخائر ورفعته الى ديوان التشريع والرأي في رئاسة الوزراء، ويهدف المشروع الى تغليظ العقوبات على مطلقي العيارات النارية ومنع ترخيص الاسلحة الاوتوماتيكية ووضع اسس جديدة لموضوع اقتناء وحمل الاسلحة منوها انه سيتم دراسته قريبا تمهيدا لاقراره.

ويشدد وزير الداخلية سلامة حماد في تصريح سابق له حول المشروع بأنه :»وجه مديرية الامن العام والحكام الاداريين لتعزيز إجراءاتهم الرقابية والميدانية على تداول وحمل واستخدام الاسلحة النارية وتكثيف جهود وحداتها الشرطية المختصة على المستوى العملياتي والتوعوي، والضرب بيد من حديد على مستخدمي الاسلحة النارية بصورة مخالفة للقانون من خلال جمع المعلومات وتنفيذ حملات ومداهمات امنية تستهدف كل من يملك او يحمل او يستخدم او يتعامل بالاسلحة النارية بصورة غير قانونية».

من جانبه كشف النائب العام لمحكمة الجنايات الكبرى زياد الضمور ان وزير العدل وجه كتابا لرئيس النيابة العامة طلب منه توجيه اعضاء النيابة العامة بضرورة ملاحقة مرتكبي جرائم اطلاق العيارات النارية وان رئيس النيابات العامة هو الذي عمم على المدعين العامين بهذا الشأن.

وقال الضمور في تصريح صحفي له ان مسألة احالة مطلق العيارات النارية لمحكمة الجنايات الكبرى اذا نتج عنها وفاة انسان او اصابة جسدية للنيابة العامة ستكون بتهمة القتل العمد أو الشروع به وتكون الجريمة من اختصاص محكمة الجنايات الكبرى وفقا لاحكام المواد 326و68و70 من قانون العقوبات وبدلالة المادة 64 من ذات القانون بتوافر القصد الاحتمالي.

ويضيف انه في ضوء هذا التعميم سنتعامل مع قضايا التسبب بالوفاة الناجمة عن اطلاق عيارات نارية على انها قضية قتل قصد اوالشروع بالقتل.

ويقول المحامي احمد النجداوي المتخصص في قضايا الجنايات الكبرى في تصريح له «ان كتاب الوزير لن يضيف شيئا لان اختصاص محكمة الجنايات الكبرى محدد بالقانون».

ويلفت إلى أن :»اي اطلاق للعيارات النارية يعاقب عليه وفق القانون حيث يعتبر جناية تسبب بالوفاة الا اذا كان اطلاق العيار الناري مقصودا او توافر احتمالية القتل كأن يطلق عيارات نارية امام جموع من الناس في المناسبات الاجتماعية عندها يتوقع مطلق العيارات النارية ان يصاب احد المتواجدين اما اذا اطلق النار في الهواء وعادت الطلقة واصابت شخصا تبقى القضية جنحة التسبب بالوفاة وهذه القضية من اختصاص محاكم البداية», ويشر إلى أن :»المقصود بهذا البلاغ هو القصد الاحتمالي».

ويؤكد المحامي النجداوي انه لا يمكن التعامل مع كل قضية اطلاق عيارات نارية على انها قضية جنايات فاذا اصيب الشخص في مكان غير قاتل ولم يثبت توافر القصد الاحتمالي تكون القضية عندها ايذاء غير مقصود وهذه من اختصاص محاكم البداية ايضا.

إلى جانب تطبيق القانون بصرامة على كل مخالفيه ،فإنه لا بد من تنفيذ حملات إعلامية واسعة النطاق في مختلف الوسائل للتوعية بمخاطر استخدام السلاح في مختلف مناحي الحياة على حياة المواطنين .

الراي


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة