في الصراع المحتدم داخل البيت الخليجي تبرز ظاهرة في غاية الخطورة وهي تصنيع معارضة داخل الدول للضغط على الأنظمة وإجبارها على تقديم تنازلات، أو تأليب الرأي العام ضدها والتحريض على إسقاطها.
وفي غياب أي دور لتشكيلات المجتمعات الحديثة في هذه الدول من أحزاب ونقابات ومؤسسات مجتمع مدني، يكون البديل تحريك العصبيات القبلية والعائلية لإحداث فتنة داخلية لعلها تنتهي بإنقلاب على الحاكم.
في غضون أسابيع قليلة فقط بتنا نسمع عن معارضة قبلية لنظام الحكم في قطر. وعلى نحو مفاجئ أصبحت وسائل إعلام خليجية شديدة الحساسية تجاه حق المعارضة القطرية في التعبير، وتمنحها حيزا واسعا من تغطياتها الإخبارية.
ولخلق المبرر لهذه التغطية كان لابد من تصنيع المعارضة أولا، بناء هيكل شكلي لها عن طريق تنظيم مؤتمر لرموزها في الخارج. قادة هذه المعارضة المصنعة كانوا حتى الأمس القريب أشخاصا مجهولين لايعلم بهم أحد، غير أن مؤسسات العلاقات العامة الغربية التي تستثمر أحسن استثمار في هذه الأزمة اشتغلت على تلميعهم وجعلهم مناضلين من أجل الحرية والشرعية والديمقراطية يتفوقون في سيرتهم الكفاحية على مانديلا وتشي جيفارا!
وكان لابد أن نشهد ردا قطريا مماثلا، بتسليط الضوء على معارضين مغمورين في السعودية، وتصنيع حراك سعودي منظم تمثل بحركة'15 سبتمبر' التي دعت السعوديين للتظاهر في الشارع ولم يستجب لدعوتها غير بضعة أشخاص من بين ملايين السعوديين.
لأطراف النزاع الخليجي تجربة راهنة ومريرة مع تصنيع المعارضة في سورية. كان في سورية على الدوام معارضة قوية ضد النظام تنتمي لمدارس فكرية وسياسية مشهود لها في الكفاح من أجل سورية. لكن على حين غرة ولدت في سورية بعد انتفاضة درعا معارضات من نوع مختلف تماما، رموزها في الخارج وفي معظمهم أشخاص لا تاريخ لهم؛ ففي غفلة من الزمن أصبح بائع تلفونات خلوية في عاصمة خليجية قائدا فذا لفصيل معارض يلعب بالملايين. وتقدم ضابط صف هارب من الخدمة الصفوف باعتباره منظر الثورة وزعيم سورية المقبل.
على مستوى الداخل السوري أفرزت معارضة الداخل فصائل مسلحة جل عناصرها من الإرهابيين المدانين وبائعي الخردة وتحولوا بقدرة قادر إلى مجاهدين مؤمنين.
التجربة البائسة تكلفت مئات الملايين، وانتهت بسورية والمنطقة إلى الكارثة، وارتدت بنادق 'المجاهدين' لصدور الممولين وصناع المعارضة.
ينبغي على أطراف الصراع الخليجي أن تتعلم من تجاربها فلا حاجة لاستنساخ الكارثة السورية خليجيا، ودفع دولها لأتون حروب قبلية وطائفية فقط من أجل تصفية الحسابات والثأر.
ودول الخليج تشهد على حدودها القريبة تجربة مأسوية لاتقل كارثية عن سورية وهي اليمن. وفي الآونة الأخيرة انعكس الصراع الخليجي على اليمن بشكل بشع، فقطر التي كانت جزءا من التحالف العربي لتحرير اليمن انتقلت إلى المعسكر الآخر بعد الأزمة مع الدول الأربع، وأصبحت اليمن ساحة لحرب بالوكالة بين الدول الخليجية وقودها الشعب اليمني.
العبث بتركيبة الدول العربية وتحريض مكوناتها الاجتماعية للثورة لمجرد تصفية الحسابات ستحرق الجميع في نارها.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو