السبت 2024-12-14 21:30 م

عبد الهادي راجي المجالي يكتب عن تاريخ "الكنادر" في تحرير الشعوب!

02:57 ص

الوكيل - عبدالهادي راجي المجالي

اخي العزيز جميل النمري ...


لقد قرأت ما جادت به قريحتك في الرد على ما كتبته أنا في حادثة النائب يحيى السعود وأزعم يا صديق الحرف والعمر المتعب أنك أخطأت في فهمي ...أنا يا رفيق كنت أدافع عن حق يحيى السعود في عمله ولم أكن أهاجمك ...ولكن وبما أنك يا صديق يساري الطبع والفكر فقد قرأت المقال بشكل معكوس من اليسار الى اليمين وأنا أكتب من اليمين الى اليسار .

صديقي جميل

الأحذية تصنع التاريخ أحيانا...أما المثل والقيم والمبادىء فهي ترمى في لحظات مفصلية ... هل تذكر حذاء (خروتشوف) وكيف فرمل قرارا أمميا كان العرب سيسطلون بناره؟...هل تذكر حذاء منتظر الزيدي وكيف كان ردا سياسيا على زيارة بوش ..للعراق ...وكذلك خلاف يحيى السعود يا صديق العمر المتعب والمثقل بالأوجاع ..صدقني أنه كان موقفا وأنا انحزت اليه حين أنحاز الكل لصفك ليس دفاعا عنك وأنما رأي حر ...وتذكر أن المواقف الأعلامية أحيانا في باطنها يكون الأمر شفقة في ظاهرها يكون ...الحرف موقفا ....اما يحيى فهو لا يحتاج لدفاع من أحد كونه ابن التراب الأردني وابن البؤس المصفى .. ونتاج حي الطفايلة ...وهناك يولد الناس رجالا بالموقف هناك تستطيع أن تنجب مقاتلا وتستطيع أن تنجب نائبا والأردن هناك حي لا يخضع للمساومات ...وحين يكون الفقراء مزروعين في الأرض يكون الرفض الحقيقي يا صديق.

أنا قرأت ردك ويبدو أنك لم تعد تفرق بين ما جرى والموقف منه وقد أغواك البعض ..فقمت باستغلالك للحادثة لجني مكاسب فوق المكاسب .

اخي العزيز وصديقي .

ودعني اعرف لك النائب الحقيقي ..قبل أن تتورط في ردود لا تعرف حجم بؤسها بعد ...قبل سنوات كنا في مطار أوروبي ...وكان عبدالكريم الدغمي يحاول عبثا أن يعبر من جهاز التفتيش ..وكلما مر أطلق الجهاز صافرة ..أعادوه (4) مرات (وابو فيصل ) اعترف أخيرا لهم أنه قد وضع شبكة في شرايين القلب ...ضحكت من كذبة بيضاء أطلقها الرجل والوفد الذي معنا صدق الأمر ...لم تكن شبكة كما ادعى فقلب عبدالكريم أبيض مثل الورد ولكن في فخذه الأيمن يوجد طلقتان ..من ايام الدراسة في بيروت أستقرتا هناك ولم تغادرا العظم ...وعبدالكريم رضع اليسار وقرأ الديالكتيك ..واستعذب ماركس وحفظ كل الشعر الثوري ...

وصلنا الفندق وقدر لي أن اشاهد قدمه , قدر لي أن أشاهد ظهر عبدالكريم وآثار التعذيب في جهاز أمن عربي حين كان شابا وعلق من يديه (23) يوما ...وبالرغم من كل تاريخه لم يتورط يوما مع الأردن ولم يبدل عشقه لتراب المفرق.. ...وعبدالكريم حين كان شابا في الثامنة عشرة أوكل والده الشيخ فيصل الدغمي للأولاد والبنات والأعمام مهمة ...تزويد الجيش بالمؤن حين استباحت الكتائب السورية ..جزءا من شمالنا ..وظل يركب سيارته يوميا كي يوصل المؤن لجنود القائد عطا الله غاصب ويعبر طريقا عن يمينها يسكن الموت وعن شمالها يسكن الدم ..

لم اشاهد يا صديقي عبدالكريم الدغمي يتحدث يوما عن عائلته ولم يرو لنا تفاصيل اصابته في الرصاص ...ولم يتكىء على العشيرة وحدها ..ولم يشارك في حراك ..هل تعرف لماذا لايشارك عبدالكريم الدغمي في الحراك ....لأنه اذا نزل للشارع فهو بشخصه بذاته حراك كامل ...

صدقني أني لا أكتب مدحا عن عبدالكريم ..ولكني أحاول أن أشرح تعريفا مختصرا لمعنى من يصنع عملا تشريعيا ويصنع حياة سياسية في الأردن...أحاول ان اخبرك شيئا محددا وهو هل تجرؤ الرجال أن ترفع عقالا أو صوتا في وجه (ابو فيصل)..ثمة مقولة بدوية أجزم أخي جميل أنك لا تعرفها بحكم هوسك باللغة الأيطالية ..كانت تقال عن فارس من الجنوب أسمه سعود وهي :- ( سعود اللي تهاب الخيل طارية) ...وصدقني أن عبدالكريم في زمن ذوبان الهوية في زمن الوطن المهدد وفي زمن التراب الذي يحاول البعض استباحته ...صدقني أن (عبدالكريم تهاب الخيل طارية) ...وثمة فارق بين من يرعب (صيته) الخيل وبين من تشفق عليه الخيل .

أما أنت ..يا صديقي فتذكر ماذا فعلت بنا في مطار خليجي حين كنا مدعويين الى مؤتمر ..وأوقفوك لحمولة ..ويومها تركك الكل وبقيت أنا معك وأخبرتهم أن الموجود لديك هو ما قلت ..مرروك لأمر واحد هو أن الضابط الكويتي كان تلقى تدريبه في عمان والضابط الذي أشرف على دورة الصاعقة هو ابن عمي ...مرروك لأنهم أحبوا جيشنا ...ومن يحب الجيش ويعيش من خيره لا يحتاج شيئا.

أطمئنك أني حصلت على جائزة منصفة ..كما تقول وهي رضا الناس في حي الطفايلة ورضى الوطن الأردني النبيل ...وحصلت على رضا الذات وأتحداك أن نشهر أنا وأنت ذمتنا المالية فالرصيد يكشف من هو صاحب الجوائز ...وانا ليس لدي حرج من أن أقول أني متعثر بالديون ..وأنت ليس لديك حرج من أن تبتدىء تاريخك بمشروع تحرير فلسطين وتنهيه بمقال تؤكد فيه أنك (تحجز) في شباب العشيرة ....وتمنعهم من الرد ...

وقلبي صدقني يهفو (للنمرية) اكثر منك فهم منذورون للوطن والملك والشعب ....وهم العشيرة الأغلى والأعز ...لماذا تحشرهم اذا في خانات التأييد لك فقط ؟

أما أنا فما زلت صاعدا في دروب الحرف ...وأدعوك أن تستفيد من نصائحي ذلك أن الكبار حين ينصحون ...فهم ينصحون بصدق غيرهم حين ينتفضون يظنون في لحظة أن شفقة البعض عليهم هي موقف ..علما أنها سلوك انساني نبيل ..وثمة فارق كبير بين ما يصعد على الأثير تعبيرا عن موقف رجولي وبين بوابات سفارات ومنظمات....لمأسسة الشفقة وربما تحويلها الى شيء أبيض ...

وأعتذر لصديقي عبدالكريم أني حشرته في المقال ...ولكني أحبه فأنا وهو من طين الأرض من تفاصيل الوجع ونعاقر الحياة كل يوم عجرفة على الموت والألم ...ونسكب في ريحان القلب بعضا من طيب أهلنا ..ونخاف على الأردن ...فهو وطن لا يرضى الا من هم بحجمه او موقفه .....وعبدالكريم ما زالت (الخيل تهاب طارية )....


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة