السبت 2024-12-14 16:29 م

عرار .. خواطر في احتفال صغير !

07:01 ص

كنّا في جامعة اليرموك، والأصح مدينة جامعة اليرموك. وكان الاحتفال محدوداً مع أن مناسبته عظيمة، وتستحق رعاية الأمير الحسن. فقد أزاح «كرسي عرار» الستار عن كتابين ليس فيهما متون ولا شرح، من أوراق ورسائل مصطفى وهبي التل الشاعر والمناضل الوطني.. والمفكر. وقد فاجأنا د. زياد الزعبي حارس تراث عرار، والأشد اخلاصاً لشخصه وتمرده وثورته الدائمة. بأن الرجل لم يكن مجرد شاعر وإنما هو مناضل وطني حقيقي: يعارض، ويذهب إلى جدة والعقبة منفياً ومحبوساً، ويوظف ويعزل.. لكن لمعارضته خطاً أحمر هو الإيمان المطلق بالكيان الوطني، والولاء المطلق لسيده وأخيه... عبدالله بن الحسين. هكذا كان يسميه، وهكذا كان يتلقى «غضب الدولة» عليه، فلا يني رحمه الله إلا أن يضم الشاعر المتمرد بذراعيه .. يا مصطفى!!. لقد احترت فيك!!.

.. الغريب أن أبا وصفي كان مهملاً في أشياء كثيرة، لكنه كان يحتفظ بملفات كاملة لكل شيء مكتوب في حياته. ومن يشاهد الرسائل أو قصاصات الصحف في صور الكتب التي أصدرها الكرسي.. كرسي عرار، يلاحظ أنها كانت مخرومة لتوضع في الملف.. وحسب الأصول!!.
كان في الاحتفال د. سعيد نجل عرار، وحفيده د. طارق، والكريم الصامت د. محمد خلف التل.. وأصدقاء كثيرون.. وعلى رأسهم رئيس الجامعة ورئيس كرسي عرار!!. وقد سعدت بلقاء التلول.. فبعد الراحل مريود لم أعد أرى أكثرهم وهمتي صارت ثقيلة!.
ونقول: إنّ توثيق كل ورقة، وجمع كل ما تركه مؤسسو الدولة، هو تاريخ بلدنا الحديث. ولعله لم يظلم بلد بكده، ونضاله القومي كما ظلم الأردن... ليس من أعدائه الاستعماريين والصهاينة، وإنما من أشقائه، ومن عرب روجوا لأنفسهم بالتشكيك فيه إلى حد رميه بالخيانة على اعتبار أن الاستعمار البريطاني خلقه، وخلق إسرائيل في مساق واحد!!. وهذا نمط من التشكيك وقع، منذ البداية، على نفس عرار موقعاً مؤلماً، فكانت ردّة الفعل التعصب لديرته: تعالى الله والأردن!!.
ونقول، ونحن نرى نتائج كل هذه الإساءات للعروبة والأردن فيما يجري من حولنا: الله والأردن. فهذا الفجور الوطني والقومي يجعلنا أكثر تمسكاً بالحق والوطن.
كنت اشتمّ رائحة عرار في كل هذه الصفحات الكثيرة.. من ثلاثة مجلدات وكنت أحدق في عينيه السوداوين - وعينا وصفي تشبهانهما - وأعيد الشكر للاستاذ الدكتور زياد الزعبي ولجامعة اليرموك على تبنيها لكرسي عرار!!.
فلقد شهدت نقل جثمانه من التل إلى بيته قبل ثلاثين عاماً. وأشعر الآن بنشر تراث عرار أنه راضٍ في قبره، فقد كان يشكو قلة الوفاء في الناس!!.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة