الجمعة 2024-12-13 12:39 م

عزيزي الأب عزيزتي الأم: ماذا تفعلان لحماية ابنكما؟!

10:41 ص

قالت العرب: عقولُ كل قوم، على قَدْرِ زمانهم.
اما نحن فلا ندير التحديات التي يفرضها زماننا علينا بعقل منفتح يستند الى الأصالة والمعاصرة، فلا يظل حبيس الماضي وإكرهات شروطه وقوانينه.

مستوانا في الصف الرابع بمادة الحساب، حسب اختبارات «تمز» هو في ذيل القائمة 40/44. ومستوانا في الصف الثامن رياضيات هو دون المستوى الدولي 31/34. تراجع كبير (وتحديدا تراجع كارثي) شهدناه العام الماضي.
حدد الخبراء المطلوب وهو يفصح عن البلاء: خطة إنقاذ وطني للنظام التعليمي.
طلابنا (ابناؤكم، اطفالكم، فلذات اكبادكم يا سادة يا كرام)، لا يتعلمون الإبداع ولا الابتكار ولا الاختراع ولا التفكير النقدي ولا حتى التفكير !!.
لقد خمدت الدعوة الى تطوير المناهج، وهو الرافعة التي ترفعنا من وهدتنا وتخَلفنا في العلوم والرياضيات.
ان لم يتعلم أبناؤنا الإبداع والابتكار والاختراع والتفكير النقدي والتفكير حتى، فكيف لا يجرفهم مكر المضللين المغررين ودجلهم وتلفيقهم وتأويلهم الكاذب وتفسيرهم المغرض للتنزيل الحكيم؟
معالي عبد المجيد المخلافي، وزير التربية والتعليم اليمني الأسبق، اختُطِف وسُجن مع شباب من تنظيم داعش، حدثني في جلسة عصف فكري في دارة المحامي الدكتور إبراهيم الطهراوي العام الماضي فقال:
«في المعتقل، وجدت منتسبي داعش الأربعة، يفتحون القرآن الكريم، كل الوقت، على سورة الدخان «وزوجناهم بحورٍ عينٍ». راقبتهم على مدى أيام، فوجدتهم لا يقرأون الا آيات سورة الدخان التي ورد فيها ذكر الحور العين».
أولئك الشباب «مفيزين». قطعوا بطاقات سفر درجة أولى، ذهابا بلا إياب، وهم ينتظرون المناداة الأخيرة عليهم «للصعود» الى الطائرة التي ستحملهم الى الجنة.
حسنأ، طبيعي ان يوجد بين ظهرانينا دعاة نصابون دجالون، يعملون على تعطيل العقل، بحيث يتوقف الشباب عن الشك المفضي الى اليقين، والريبة التي تمكنهم من التحوط ضد المكائد، والتفكيك والتحليل والتركيب الذي يمكن صاحبه من التعرف على المكونات الصحيحة لما بين يديه من اقوال وادعاءات ومزاعم.
هؤلاء المتاجرون بالدين، يستهدفون ابناءكم، فماذا انتم فاعلون؟ ماذا تقدمون لتزويد ابنائكم بالمناعة والحصانة التي تمكن فلذات اكبادكم من الوقوف امام طوفان التضليل والتغرير؟
لقد عرف العالم كل اشكال الإتجار وانواعه، التي تطورت على مدى الازمان والقرون، فقد عرف -وما يزال- تجارة العملات والأوراق المالية وتبييض الأموال المقدرة ب5 تريليونات دولار! وتجارة السلاح المقدرة ب1700 مليار دولار، وتجارة المخدرات المقدرة ب700 مليار دولار، وتجارة التحف الفنية وتجارة النفط وتجارة الدواء وتجارة الغذاء والاتجار بالبشر والاتجار بالجنس وتجارة القمار، غير ان «أربح» تجارة كانت على مرّ القرون - وما تزال - هي الاتجار بالدين !!
يدر الإتجار بالدين على محترفيه ومزاوليه، علاوة على المكاسب المالية الهائلة، مكاسب معنوية وزمنية خارقة، لا حدود لها، تبدأ من الهالة التي يضفيها رجال الدين واتباعهم ومريدوهم على انفسهم، والالقاب الرنانة ذات الوقع التبجيلي الوقور، التي يخلعونها ومريدوهم على انفسهم.
وننزه اليوم وغدا رجال الدين العلماء الذين يخشون الله ويبصّرون عباده بامور دينهم الرحيم العظيم. قال تعالى: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ.
لقد مارس الدعاة الأثرياء ثراء فاحشا، اكبر عملية خداع في العصر الحديث، عندما ساقوا الشباب المسلم والقوا بهم الى التهلكة، حين اعلنوا في بداية الحرب السورية، ان الجنة في سوريا. وان الملائكة تقاتل مع المجاهدين هناك. وان النصر متحقق غدا.
القصة التالية معروفة لأهل المفرق: غرر احد الدعاة باحد الشباب المتحمسين وارسله الى الضفة الغربية المحتلة حيث استشهد في السبعينيات. ذهب اهل الشهيد الى منزل الداعية الذي جند الفتى وشكروه على نعمة الشهادة التي نالها ابنهم لكنهم سألوه: لماذا جاهدت أيها الدجال بابننا، ولم تجاهد بابنك، هذا الذي هو في سن ابننا الشهيد، والموجود في المنزل في حضن امه؟!
علينا استحقاق وطني كبير، كي لا نجد انفسنا وابناءنا، ضحايا المشعوذين المتاجرين بالدين، الذين يزرعون ويغذونالعنف والغلو والتطرف والإقليمية والجهوية والطائفية، وكي يظل ابناؤنا في تمام المعافاة الدينية والوطنية والاخلاقية والثقافية والنفسية وفي تمام الحصانة من التضليل والتغرير الذي يقودهم الى النحر والانتحار.
gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة