السبت 2024-12-14 13:59 م

عمان فاضت

08:25 ص

حين يفيض دلو الماء , فانت تعجز عن حمله ... وحين يفيض الكوب , قد لا تستمتع بالشرب منه , حتى خزان الماء حين يفيض .. فإن السطح يتضرر .

ولكن ماذا نقول عن العاصمة حين تفيض بالبشر ؟ ... في فترة العيد , لم أجد موقفا ولا مكانا في مطعم , ولا حتى منفذا صغيرا كي أهرب منه إلى طريق أخرى .. لقد فاضت عمان بالبشر ... وأنا بحكم كوني صحفي واعرف قياس نبض الشارع , فقد أحسست بنبضها متعبا مثقلا ...
يقول حبيب الزيودي عن عمان :- (يا نغمة شوق يا عمان ياجنة مرابعنا .. وإذا احنا ما ضوينا شموع نضويلك أصابعنا ) ....ويقول حيدر محمود عنها :- ( أرخت عمان جدائلها بين الكتفين .. فاهتز المجد وقبلها بين العينين) ...
وأبي لم يكن شاعرا , ولا كاتبا ..ولكن كان لديه جملة يرددها عن عمان وهي بحجم بلاغة شعر حيدر وجمال قصائد حبيب ... كان يقول :- ( هاي الشوارع بردوها العسكر) ... وأنا لم أكن على خطوط الوعي لحظتها , وعجزت عن فهم المعنى ولكني حين كبرت وقرأت جزءا من تاريخها أيقنت ماذا كان يعني بجملة ( بردوها العسكر) ...
عمان التي أحبها الشعراء , والتي غنت فيها فيروز :- ( عمان في القلب أنت الجمر والجاه) ... وتغزل فيها سعيد عقل ... هل ضاقت بي إلى الحد , الذي لم أتمكن به من الخروج في العيد ؟
يأتي المغترب بسيارته , واللاجئ يأتي بسيارة له وأخرى لزوجته , والذي يبحث عن الهواء ويأتيها بقصد التنزه , أيضا يحضر سيارة ضخمة حتى تتسع الأولاد ... وبعض تلك السيارات تذكر بالمأساة التي يعيشها إخوتنا في العراق , وحجم المعاناة ...فحين تنسى الأنبار , في الأخبار ...وتقرر أن تترك كل كوارث العالم العربي , تصادفك لوحة عراقية في شارع الجاردنز مكتوب عليها ( الأنبار) .
نحن لا نغلق أبوابنا في وجه أحد , ولكن المشي في عمان جميل , وما عادت الشوارع تحتمل سيارات أكثر ..... وعلينا أن نبتكر قانونا جديدا على الأقل .. يخفف من أنين الشوارع التي أثقلت من كثرة سيارات الاشقاء .
ما حدث في العيد , كان مأساة حتى سيارات الإسعاف والشرطة , هي الأخرى علقت في الأزمات ... وأنا أيضا , علق قلبي في كلام أبي حين كان يقول :- (عمان العسكر بردوا شوارعها ) .... على الأقل وفاء للعسكر , لنقم بحماية تلك الشوارع ...


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة