الجمعة 2024-12-13 12:49 م

عن الفساد والمفسدين!!

11:30 ص

وكأن كل الذي يجري في المنطقة التي مكان،الأردن، في قلبها لايهمنا وكأن كل العواصف التي'تزمجر' لاعلاقة لنا بها حتى ننشغل بأمور من المفترض أنها 'ثانوية'.. فالسارق يجب أن تقطع يده والفاسد يجب إلتقاطه بهدوء برؤوس أصابعنا ورميه في إتجاه أقرب'مزبلة'والمعروف أن ثمرة معفنة واحدة إذا تركت في كومة ثمار بحجم جبال جلعاد وعجلون والشراه تفسدها كلها..ونسمع ونسلم ويقال والعلم عند أصحاب العلم أن لدينا بيادر من الفساد وليس مجرد ثمرة 'مخمجة'واحدة..والعياذ بالله!!.


إن هذا ليس جديداً فكل الذي يقال كنا نحن الذين وخط الشيب رؤوسنا وذقوننا وشواربنا أيضا سمعناه في خمسينات القرن الماضي وعندما كانت عمان لا تزال قرية كبيرة وادعة وجميلة وعندما كانت أكبر رشوة تلهج بها الألسن ويتحدث بها الناس في سهراتهم الجميلة في تلك الأيام الوادعة التي غدت بعيدة عنا أبعد من بعد السماء عن الأرض لاتتجاوز ليس'سطلاً'بل رطلاً من السمن'البلقاوي'..أو'الكركي'أو'خريطة'صغيرة من'الجميد'.. أو ثلاثة'شلنات'عندما كان هذا سعر ثلاثة ديوك بلدية.. أو'جديٍّ أصهب'بدون قرنين!!.

الآن ننشغل بفساد يتجاوز بألوف المرات'موازنة'دولتنا، بكل مؤسساتها، عندما كانت بحجم ضمة ورد وعندما كانت الضرائب تلاحق حتى من لا يملك إلا عشرة'شياه'أو بقرتين.. الآن ننشغل بكل هذا وهناك بلدان مجاورة وبعيدة تغرق في الدماء وتتحول حدائق مدنها لمقابر بينما غادرها أهلها لايلوون على شيء وأصبحوا مشردين في دنيا الله الواسعة بعد أن ضاقت عليهم دنياهم..!!.

إن مواجهة الفساد الذي يدعي البعض أنه بات:'فالج لاتعالج'كان يجب أن يبدأ باكراً ومنذ فترة سابقة بعيدة وحقيقة أن أبشع وأخطر أشكال وأنواع الفساد هو'حشو'مؤسساتنا ودوائرنا.. بالعاطلين عن العمل وغير المؤهلين وترك الذين'صرف'عليهم أهلهم دماء قلوبهم يفرون هروباً إلى خارج وطنهم لـ'يبيعوا' 'كفاءاتهم ودماء قلوب' آبائهم وأمهاتهم للآخرين ليبنوا بها أوطانهم.. وكل هذا في حين أن الأولوية يجب أن تكون لهذا الوطن الجميل الذي أسوأ 'فساد' هو الذي يحرمه من كفاءات أبنائه .

وبصراحة فإن الذي نسمعه وفي بعض الأحيان نراه ونلمسه لمس اليد يجعلنا نضع أيدينا على قلوبنا فحقب التاريخ الطويلة أبلغتنا بأن'الفساد'قد دمر دولاً عملاقة وأنهى حضارات مزدهرة تليدة وإن أكبر وأسوأ فساد هو حرمان المؤهلين من المواقع التي يستحقونها وبجدارة وتعبئة هذه المواقع بالمقعدين علمياًّ وتعليمياً والذين يقتصر تأهيلهم على'الوساطات'والوسطاء وعلى'البراطيل'التي يقال أنها هي التي'خرَّبت'جرش!!.

لقد صمد الأردن..منذ بدايات ثلاثينات القرن الماضي أمام كل التحديات التي واجهته وحقيقة أنه بقي مستهدفاً على مدى نحو قرن بأكمله والسبب هو أنه كان منيعاً من الداخل ويومها كان يقال لـ'الأعور.. أعور في عينه'وكان مصطفى وهبي التل هو لسان الأردنيين كلهم وكان المثل الحاضر دائماً وأبداً أن من يمد يده ليسرق'شلنا'من موازنة مؤسسته يستسهل مد يده إلى محرمات الوطن وخيانته في وضح النهار!!.

أنا لا أتهم أحداً ولا أعرف شيء عن كل الذي يقال ولم أسمع بكل الأسماء التي يجري تداولها في كل هذه المجالات المعيبة لكنني أقول أنه كان علينا ومنذ البدايات..أن نأخذ بالآية الكريمة:'ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب'..ويقيناً أن'المال الداشر'هو الذي يشجع الناس على السرقة.. وأن الأوطان لا تحمى بالسيوف فقط بل بأن يكون حراسها.. من الشرفاء الذين لايمدون أيديهم إلى المال الحرام وحتى وإن كان أطفالهم يعانون من أقسى أشكال'المسغبة'!. وحقيقة أنَّ القضاء على الفساد يتطلب قطع الأيدي الطويلة وجندلة الرؤوس الكبيرة.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة