السبت 2024-12-14 17:49 م

غضب لبناني على عادل إمام

10:10 م

الوكيل - لم يكن محبو الفنان المصري عادل إمام، ولا مبغضوه أيضا الذين اعتادوا شنّ حملة شعواء عليه بسبب مواقفه من الثورة المصرية، يتوقعون أن يتوّج الزعيم مسيرته الفنية بعمل فني يحتقر ذكاء المشاهد، من خلال التعكز على القضية الفلسطينية لحصد جماهيرية في العالم العربي، قبل أن يكتشف المشاهد أنه خدع بعناوين عريضة، وأنّ ما عرض لم يكن إلا استخفافاً بالقضايا الكبرى، التي عالجها الفنان بالسطحية التي اعتمدها في فيلمه «السفارة في العمارة»، وأن ما يعرض في فيلم مدته ساعتان، يبدو نافراً في مسلسل من ثلاثين حلقة.

فقبل أيام، نشرت وسائل إعلام عربية، خبر قيام مجموعة من الفلسطينيين في قطاع غزة، بضرب مواطن اسمه «ناجي عطا الله»، كان يقف في طابور لتوزيع المساعدات، قبل أن ينادى عليه باسمه، ما استفز الغاضبين من المسلسل الذي أمعن في تشويه صورة القطاع وأهله، وتسطيح معاناته بحوارات ركيكة.

وبغض النظر عن صدقية هذا الخبر، أعرب فلسطينيو غزة عن سخطهم من العمل، الذي لم يستند إلى أي وقائع حقيقية، ما أثبت جهلاً متعمداً من الكاتب والمخرج وأبطال العمل، بكل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية.



كوميديا فارغة ومغالطات

ولأن غزة باتت مكاناً يصعب الوصول إليه في المسلسل بسبب إقفال المعابر، ولأن أفراد الفرقة اعتقدوا أن العبور من تل أبيب إلى لبنان أشبه بالعبور من القاهرة إلى الإسكندرية، فقد بات لبنان مسرح المسلسل الذي أثبت أنه لا يجهل ما يجري في غزة، لأنها محاصرة فحسب، بل لأن صناع العمل كانوا يهدفون إلى تقديم كوميديا فارغة من أي مضمون، بدليل أنهم قدموا مغالطات أثارت سخرية الشارع العربي، وبات المسلسل عنواناً للتندر.

وبعيداً عن المغالطات، قام عادل إمام بتوجيه أكبر صفعة للبنانيين، في مشهد لم يمر مرور الكرام في بيروت.

فبعد وقوعه أسيراً في يد حزب الله لاعتقادهم أنه وفرقته جنود إسرائيليون، اقترح الحزب عليه أن يعبر إلى اسرائيل ليختطف جنودا يبادل بهم أسرى عرب في السجون الاسرائيلية، لأن تراجع الحزب عن اعلانه اسر جنود اسرائيليين سينعكس سلباً عليه وسيضرب مصداقيته في الصميم.



عملاء ولصوص

ولأن عادل إمام وفريق عمله يعتقد أن النزهة إلى اسرائيل أمر سهل، فقد استقل سيارة تابعة للأمم المتحدة، وعبر إلى مزارع شبعا، وبسهولة عاد بالأسرى ومعهم كبار ضباط الشاباك، وعلى المعبر ذهاباً وإياباً كان البطل يستقبل بضرب سلام من حاجز اليونيفيل (قوات حفظ السلام المتواجدة في جنوب لبنان). وما أن سلم عطا الله أسراه، وأفرج عنه الحزب، حتى بدأ يجهز لعودته إلى مصر، فاقترح عليه شيخ في حزب الله أن يتم ترحيله عبر سوريا عن طريق البر، ومنها إلى مصر، بعد أن أعطاه جوازات سفر سورية مزورة، ولدى اقتراح «البطل» ان تكون عودته مباشرة من بيروت الى القاهرة يجيبه الشيخ وعلى وجهه علامة استهزاء «تريد أن تعبر من بيروت إلى القاهرة بكل هذه الدولارات؟ عندها لن يتبقى لديك قرش واحد» في اشارة الى المال الذي سرقه من مصرف اسرائيلي. وتابع يقول «يوجد الكثير من العملاء المستعدين لدفع ما يفوق المبلغ الذي في حوزتك لتسليمك إلى اسرائيل».



إساءة وسخرية

وكأن شيئاً لم يكن، يركب البطل وفريقه السيارة في طريقهم الى الشام، فيسأله احد اعضاء الفريق، لماذا نعبر الى الشام ولا نسافر مباشرة عبر مطار بيروت، فيجيبه «لأن لبنان غير مستقر وفيه الكثير من المشاكل»، عندها يؤكد السائل معلوماته ويجيبه ان لبنان يشتعل بخلافات هيفاء وهبي ورولا سعد، وبنظرة احتقار يصحح الزعيم معلوماته، فيخبره بطريقة ساخرة عن انقلاب المجموعات اللبنانية بعضها على بعض «دول عايزين يركبوا دول، ودول مش طايقين دول».



تشويه للواقع

بكل استخفاف يقارب عادل امام المسألة، فهو نفسه وكاتب العمل لم يجدوا للعبور الى سوريا بدل المرور بمطار بيروت اي مبرر، سوى اضافة المزيد من المغامرات والاكشن على المسلسل، ولو عن طريق تصوير اللبنانيين لصوصا وخونة وعملاء لإسرائيل وجماعات متناحرة، واختصار ما يعانيه لبنان بفنانتين كل رصيدهما إشاعات وخلافات والقليل من الأعمال التي يصفها النقاد في خانة الأعمال الهابطة.

فهل نلوم بلدية ضهور شوير اللبنانية لأنها منعت عادل امام من تصوير مشاهد من المسلسل في البلدة بسبب مواقفه؟ وهل مقبول أن يسخر العمل من معاناة الفلسطينيين ومن مقاومة اللبنانيين ومن قضية الصراع العربي - الإسرائيلي لإضحاك المشاهد بأقل كلفة؟ وهل يجوز أن يختم عادل إمام حياته المهنية بهذه الطريقة الهزلية؟


القبس


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة