الجمعة 2024-12-13 07:48 ص

فالنتاين الحب وهالوين الزواج

07:03 ص

كل مفهوم لا يحمل نقيضه، لا يعوّل عليه، هل يفقه المحتفلون بعيد الحب اليوم هذه المصطلح او الحكمة، ام نحتفل بالحب في مرحلة ونبتعد عنها لاحقا وكأن الاحتفال بالحب ليوم واحد او لاستدراج الشريك كي يقع في الفخ ثم ننقلب عليه وعلى مخزون الذاكرة الجميل؟ نقيض الحب بالضرورة موجود في دواخلنا، لكنه ليس الكُره، فنقيض الحب هو رتابة الروح وكسر التجديد، وانقلاب الرابط في علاقة الحب الى ارتباط على شكل قيد في مرحلة الزواج، حتى بات الفلانتاين مربوطا بالحب والهالوين مرتبط بالزواج .



لاستدراك المسألة فإن عيد الحب او الفلنتاين هو ذكرى سيلان دم العاشق الراهب من اجل حبيبته ولذلك نحتفل به بالاحمر القاني من الورد والدباديب فيما عيد الهالوين هو يوم الاشباح والملابس الغريبة التي تتلاءم واستحضار الارواح الشريرة، بحكم الرتابة والقيد الزوجي تحولت علاقات الفالنتاين قبل الزواج في معظمها الى ايام هالوين بعد الزواج لاننا كمجتمع لا نجيد الاحتفاظ بموروث الذاكرة الجميل، فتتحول الروابط الى قيود وتنقلب المشاعر الى تراتبية ممجوجة، فتصبح الحبيبة مجرد ام للابناء لا اكثر ويتحول الرجل الى أب يركض نحو هموم واعباء الحياة وتتحول العائلة الى مؤسسة .


استذكر ابن عم لي فسخ خطبة ابنته، فجاء الخطيب راكضا نحوي كي اقوم بالوساطة، وعند مراجعة قريبي قال ما مفاده “ اذا كان في مرحلة الخطبة والحب التي دوما ما يعتريها التكاذب بخيلا وشحيحا فكيف سيكون في ايام الزواج ؟ “ للانصاف اعجبتني الوصفة التي قدمها ابن عمي لمرحلة الخطبة والعلاقة العاطفية، لأن مشاهدات العلاقات الزوجية المبنية على الحب كانت في معظمها سلبية ونهاياتها غير سعيدة على الاطلاق، وادرت شريط الذاكرة اكثر في محاولة لتثقيف الحالة، لماذا نفشل في استنساخ الحب في كل مرحلة من مراحل حياتنا، لماذا تتحول معظم الزوجات الى أمهات، ويتحول العشاق الى اباء فقط .


للاجابة اقول اننا ندخل العلاقة بقصد الزواج او نضع نهاية للعلاقة منذ بدايتها ونسقفها بالزواج ولا نتعامل مع الزواج بوصفه مرحلة من مراحل العلاقة العاطفية وليس نهايتها، فيصل العشاق الى بيت الزوجية بعقلية الذي انجز المهمة المطلوبة منه، وعليه الاستعداد للمهمات القادمة التي تغيب عنها المشاعر، فلا يوجد لدينا ثقافة الانتقال من خطوة الى خطوة وصولا الى مرحلة ثم استكمال خطوات المراحل الجديدة نحو طور جديد، فيكون الابناء ثمرة الحب ويكون التجديد في المنزل مشفوعا بالحب وليس بالكمبيالات التي تقسم الظهر من اجل مماحكة السلَفات والجيران او الصديقات .


نطحن الحب تحت اعباء الحياة وقلة المكاشفة والصراحة، نتفاجأ بالشريك في بيت الزوجية حد الغربة عنه، وندخل مرحلة الزواج بمفاهيم عجيبة، الاستقرار وترك مرحلة الشقاوة ودخول مرحلة الرشاد والتعقل، وكأن الشقاوة الجميلة مقصورة على العلاقات العاطفية فقط، وكأن الجنون الجميل محصور بالعشيقات والعلاقات السرية فقط، لا ندخل الزواج بوصفه طورا جديدا من اطوار العلاقة، فهو حسب المواصفات قيد والتزام، وننسى في غمرة كل ذلك انفسنا، تستمع الى الزوجة وهي تشكو وترضى من اجل الابناء، نرى الزوج يركض ركض الوحوش من اجل الابناء وفي غمرة الركض والشكوى تموت المحبة .


نحتاج الى ثقافة جديدة والى كسر تنميط حياتنا الزوجية، نريد مزيدا من الجنون والمغامرة ونريد ان نتشارك مع اولادنا متعة الحياة ومتعة العشق الحلال، نريد ببساطة ان يبقى الفالنتاين حاضرا ونريد الهالوين من اجل الفكاهة والدعابة، نريد اسرة ولا نريد مؤسسة وهذا ليس صعبا على الاطلاق .


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة