ما يدور من سجال حول انتخابات نقابة الصيادلة، يعد أنموذجا على ما يمكن وصفه بفن صناعة الأزمات في الأردن.
تصنيع المشكلة بدأ قبل نحو عامين، بعد خلافات داخل مجلس النقابة المنتخب حديثا، تلاها قرار بحل المجلس إثر استقالة أعضاء منه، ثم شكلت وزارة الصحة لجنة لإدارة أعمال النقابة، لحين إجراء انتخابات جديدة.
ورغم أنها لجنة مؤقتة مهمتها تسيير أعمال النقابة لفترة قصيرة، إلا إنها ماتزال قائمة بعد مرور أكثر من 400 يوم على تشكيلها!
كسائر النقابات المهنية التي تتنافس على قيادتها أحزاب وتشكيلات سياسية، عانت 'الصيادلة' من تجاذبات بين تلك التيارات، لا بل بين صيادلة التيار الواحد. وانخرطت الجهات المعنية في وزارة الصحة بالخلافات، وساهمت عن قصد، كما يدعي البعض من الصيادلة في تحويل المشكلة إلى أزمة، بلغت حد تنفيذ اعتصامات، وآخرها الاعتصام المفترض تنظيمه اليوم أمام رئاسة الوزراء.
'الصيادلة' نقابة متواضعة من حيث عدد منتسبيها، ودورها في النشاط النقابي محدود جدا مقارنة بنقابات كبرى كالمهندسين والأطباء والمحامين. وغالبا لا يهتم الصيادلة بالنشاطات السياسية، ويشاركون بشكل رمزي فيها.
بمعنى آخر؛ السيطرة على النقابة لاتحدث فرقا في الواقع، ولا تضيف الكثير لأي طرف مهتم بالعمل العام، فما المبرر إذن للتكالب عليها، وتعطيل انتخاباتها، وتصعيد مشكلتها حدّ الأزمة، التي تسببت بشق الصيادلة، وشن حملات اتهامات وتشهير متبادلة، وتأليف جماعات متصارعة داخل الجسم النقابي الواحد، وصولا إلى إصدار البيان رقم واحد، والتلويح بخطوات تصعيدية؟!
تذكرنا أزمة الصيادلة بأزمة أخرى تفننا في تصنيعها، وهي خيمة المعتصمين في ذيبان. فبعد ستين يوما فقط من إقامة الخيمة تنبهنا إلى خطرها على الأمن والاستقرار. وعوضا عن معالجة المشكلة منذ بدايتها، تركت على حالها إلى أن اكتشفت الحكومة وبالصدفة وجود الخيمة فقررت تحريك قوات الدرك لحسم الأمر، لنبدأ فصلا جديدا يعرف السادة القراء تفاصيله.
والمفارقة المبكية المضحكة، أن الأزمة وبعد كل هذا التصعيد ماتزال قائمة، وصار لها ذيول وتبعات، أكثر دراماتيكية من أزمة الخيمة ذاتها، وبات حلها يتطلب مداخلات من مرجعيات متعددة في الحكومة ومؤسسات القرار.
لايفهم المرء حقا كيف تتدحرج المشكلات الصغيرة وتتحول إلى أزمات. أحيانا بسبب الإهمال وحالة عدم الاكتراث التي نتعامل فيها مع القضايا الصغيرة، وأحيانا أخرى بفعل المعالجات المفرطة في غير توقيتها الصحيح.
كان بمقدور اللجنة المؤقتة لإدارة نقابة الصيادلة، أن تضع خطة عمل لإجراء الانتخابات في غضون شهر واحد، ولينجح من ينجح من القوائم المتنافسة. ماذا كان سيحدث يا ترى؟ مجرد نقابة صغيرة لا تشكل سيطرة أي تيار عليها تهديدا يذكر.
لكن المماطلة والتسويف دفعا بالمشكلة إلى مستوى، أصبحت معه أزمة نقابة الصيادلة تتصدر الأخبار، لا بل وتتقدم على أخبار الإنقلاب الفاشل في تركيا.
فن صناعة الأزمات، فتح أردني جديد في علوم الإدارة، يستحق أن يدرّس في الجامعات.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو