الأحد 2024-12-15 02:06 ص

"فورين بوليسي": اهتمام الولايات المتحدة يجب ان ينصب على الاردن

04:34 م

الوكيل - قالت مجلة 'فورين بوليسي' الاميركية ان الحرب الاهلية في سوريا لا تزال تقطف ارواح السكان المدنيين ببشاعة اشد اشمئزازا، فيما يبدو انه ليس لها نهاية. جاء ذلك في تقرير نشرته المجلة للصحافي جوزيف هور قال فيه انه في اعقاب تقارير من المسؤولين البريطانيين والفرنسيين، فان وزير الدفاع الاميركي تشاك هاغل اعترف ان النظام السوري استخدم اسلحة كيميائية ضد المعارضة. وفيما يلي نص المقال:


اشتعل نقاش حول ما اذا كان هناك تجاوز 'للخط الاحمر' في الصراع، وكيف يمكن ان يقوم عليه رد البيت الابيض وباية وسيلة. لكن الولايات المتحدة تحاشت حتى الان – وان كانت أيدت ازالة الرئيس السوري بشار الاسد – اي تدخل مباشر في الصراع، وفضلت تحديد المعونة الى الجماعات المعارضة على شكل مساعدات انسانية غير قاتلة. غير انه مع تصاعد اصوات دق الطبول من اجل تدخل اكثر جرأة، فانه يبدو ان اعداد الخبراء المطالبين بالتريث والمراقبة بدأت في التراجع.

هناك جانب يجب على الولايات المتحدة ان تبدي الاهتمام به. ففي خضم التوجهات المزعجة للحرب الاهلية السورية ظهرت مشكلة الاعداد الهائلة للاجئين في دول ليس لديها الاستعداد للتعامل معها. وقد استوعبت لبنان وتركيا اكثر من 750 ألف لاجئ، الا ان عبء التشريد الواسع للسوريين لم يثقل كاهل أي طرف اكثر من الاردن. ووفق المفوض العام الدولي لشؤون اللاجئين هناك حوالي 450 ألف سوري مسجلين كلاجئين مقيمين في الاردن. أما الارقام غير الرسمية فانها تفيد بان اعدادهم اكثر من ذلك. وبحساب تقريبي فان مجموع اللاجئين في الاردن يشمل حوالي 10 في المئة من اجمالي السكان، ومن المتوقع ان تستمر هذه الاعداد في الازدياد خلال الاشهر المقبلة، حتى ان البعض يتوقع ان يصل عدد اللاجئين المسجلين الى مليون نسمة تقريبا مع نهاية العام. ولغايات المقارنة، يمكن للمرء ان يتصور الوضع كما لو ان 30 مليون مكسيكي قد عبروا الى الولايات المتحدة من حدودها الجنوبية.

وخلال رحلة قام بها أخيرا الى الشرق الاوسط، تعهد الرئيس الاميركي باراك اوباما بتقديم معونة اضافية بقيمة 200 مليون دولار لمساعدة الحكومة الاردنية في محاولتها تغطية التكاليف التي تقدر بـ مليار دولار التي تضاف الى اقتصاد الاردن المرهق. وليس من السهل حساب التكاليف الحقيقية للاجئين المقيمين في الاردن، اضافة الى أنه يهدد بزعزعة استقرار البلاد التي تناضل مع تنامي عدد سكانها من الشبان. وتمثل الازمة في سوريا 'تهديدا للامن القومي'K حسب قول رئيس وزراء الاردن عبد الله انصور في 15 نيسان (ابريل).

ولا يجوز أن ينظر الى هذا التهديد باستخفاف، ولا بانه من سقط المتاع. فالاردن لم يكن يوما بذات الاهمية للولايات المتحدة وحلفائها الاقليميين كما هو اليوم. فعمان بهدوئها كانت من بين اكبر المساهمين في السلام والامن الاقليميين – وهي حقيقة كثيرا ما تغيب عن بال انصار اسرائيل في واشنطن. فالملك عبد الله الثاني سيكون يدا اصيلة في اي امل لانعاش مفاوضات السلام ودفعها الى الامام بين الفلسطينيين والاسرائيليين.

من ناحية اخرى، فان الاردن يواصل لا يتوقف عن القيام بدور حاسم الى جانب الجهود الاميركية لالحاق الهزيمة بالقاعدة والحركات المرتبطة بها، وهو اهتمام قوي بشكل خاص على اساس ان الجهاديين يشاركون بنشاط في المعارك الثورية. وبالنظر الى عدم الاستقرار في مصر وفي العديد من الدول العربية الاخرى، فان الولايات المتحدة بحاجة الى الاردن اكثر من اي وقت مضى.

ولد الربيع العربي بشكل واسع من رحم البطالة والمشاكل الاقتصادية. والاردن يعاني من كلا هاتين المشكلتين لاسباب مختلفة، من بينها العدد الكبير من سكانها من اللاجئين الفلسطينيين ونقص الموارد الطبيعية لديه، مقارنة بالكثير من دول الخليج الشقيقة. وقد تسبب عدم الاستقرار داخل المنطقة وحولها بمزيد من التعقيد في اطار الاستثمار. ورغم ان من مصلحة الولايات المتحدة ان توفر الدعم اللازم، فانها تعوزها الدوافع السياسية والمبالغ المالية للقيام بذلك.

يحتاج الاردن الى استثمار في البنية التحتية ومشاريع التنمية حتى يمكن ايجاد اعمال والحفاظ على نمو اقتصاده. وفي الوقت الذي تستطيع فيه الولايات المتحدة وعرضت تقديم مساعدة محدودة، فان من الحكمة تسليط الضوء على الوضع الراهن للاردن والتركيز عليه امام حلفائها في الخليج وتشجيع الاستثمار في القطاعين العام والخاص – والعون على شكل معونات انسانية مخصصة للاجئين السوريين. وقد اعلنت الكويت عن تعهدها بمبلغ 300 مليون دولار ومولت الامارات مخيم اللاجئين الذي افتتح اخيرا في الاردن. وعلى بقية الدول الاخرى ان تسير على هذا المنهاج. فحلفاء الولايات المتحدة في الخليج ليسوا في وضع جيد للقيام بهذا النوع من الاستثمارات بما لديها من اموال سيادية فحسب، بل ان ذلك يصب في مصلحتها الاستراتيجية.

ان الامن في الشرق الاوسط، مثلما هو في بقية دول العالم، ذو طبيعة تعاونية مشتركة. اذ من دون الاردن فان امن الخليج – وايضا امن النفط العالمي – قد يتهاوى باستمرار. ورغم ان التعهد الاميركي بزيادة المعونة يمثل خطوة ايجابية يتخذها البيت الابيض مع استمرار التدهور في سوريا، فان على الولايات المتحدة ان تتخذ خطوة اخرى بتشجيع حلفائها في الخليج فعلا على القيام بدور اوسع في الامن الاقليمي بتوفير دعم اقتصادي اكبر كثيرا للاردن.

ولا يقتصر هذا الدور على المعونة الانسانية للاجئين السوريين فحسب، ولكن المقصود هو استثمار على نطاق واسع يؤدي الى خلق وظائف ومحافظة الاقتصاد الاردني على التحرك الى الامام. انها خطوة منطقية وضرورية ومجدية بالنسبة لادارة اوباما، وستفيد كل الاطراف المعنية، بما فيها دول الخليج، من العائد.

ان الازمة السورية تمثل للولايات المتحدة وحلفائها تحديات كثيرة في المنطقة – لكن واشنطن وحدها تنقصها الرؤيا والخيارات الضرورية لتغيير الاوضاع الى الافضل. وقد حان الوقت لشركاء اميركا وحلفائها في الخليج لكي يقوموا بدور رئيسي في الاقليم الاوسع، وليس الاكتفاء فقط بتوفير معونة انسانية ولكن باستثمارات كبيرة يحتاج اليها الاردن ومواطنوه. والازمة السورية تتجه نحو الاسوأ، ويحتاج الاردن الى كل الاصدقاء الذين يمكنه ان يعتمد عليهم الان.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة