الجمعة 2024-12-13 08:28 ص

في العراق: أزمات تَلِد أخرى .. صراعٌ مُحتدِم على"الرِئاسات الثلاث"

10:53 ص

في الوقت الذي تتزايد فيه رقعة وحجوم الإحتجاجات الشعبية، ويُحيل فيه رئيس الحكومة العراقية المُنْتَهية ولايته، وزراء'سابقين'ومسؤولين كباراً إلى المحكمة، بتهم تتعلق بالفساد وسوء استخدام السلطة، وبروز اتَهامات ذات طابع طائفي ومذهبي، بأن العِبادي استهدف وزراء المُكوّن 'السُنّي' فقط وأيضاً غياب أي يقين بقرب انفراج الأزمة السياسية المتدحرِجة وانعدام التفاؤل بإمكانية تشكيل كتلة برلمانية كبرى، تسمح بتسمية رئيس الحكومة المقبِل، وسط ترقّب الجميع معرفة نتائج عملية العدّ والفرز اليدوية التي نهضت بها لجنة قضائية، واستبعاد هيئة الانتخابات من هذه المهِمة، تبرز في الأثناء أزمة أخرى ناتجة عن خلاف كردي ـ كردي هذه المرة، حول الشخصية التي ستتولى رئاسة الجمهورية، والتي باتت محصورة... 'عُرفاً' بالمكوّن الكردي، بعد أن ذهبت رئاسة الحكومة إلى المكوِّن الشيعي وغدت رئاسة مجلس النواب من نصيب 'السُنّة'، حيث يعيش هؤلاء أيضاً أجواء من عدم الاتفاق على اسم 'الشخصية' التي ستخلِف سليم الجبوري في رئاسة البرلمان، إثر تواتر أنباء عن أنه لن يستفيد من عملية إعادة الفرز اليدوية، لأن نتائج الانتخابات التي شَابتها شكوك واتهامات بالتزوير منذ اقفال صناديق الاقتراع في الثاني عشر من أيّار الماضي، لم تمنح الجبوري بطاقة الفوز بمقعد نيابي، ما بالك أن 'حصيلة' العدّ اليدوي، جاءت متواضِعة وبلا فوارق حاسمة عمّا كان أُعلِن سابقاً، على ما تقول مصادر متابِعة لعمل اللجنة القضائية المولَجة إنهاء الجدل حول الاتهامات بالتزوير والتسيّب وتواطؤ بعض أركان هيئة الإشراف على الانتخابات.


وإذ تتواصل المناورات والسِجالات المتبادَلة بين الأحزاب والكتل البرلمانية الفائزة، لإنجاح أو إحباط أي محاولات تحالفات حزبية ذات طابع طائفي لتشكيل الكتلة الأكبر، حيث إذا ارتفعت أسهم أحد المرشحين لتشكيل الحكومة العتيدة، لا تلبث أن تهبط بسرعة قياسية في سوق الشائعات، ثم تعود الأمور إلى رتابتِها، وإن كانت حظوظ حيدر العِبادي ما تزال مُرتفِعة نسبياً نتيجة الضغط الأميركي المُعلَن لبعضه وغالبيته تجري في الخفاء، فإن الخلاف الكردي ــ الكردي حول اسم وأحقية أحد الحزبين الكرديين الكبيرين (الاتحاد الوطني والديمقراطي) يتفاقم متصاعِداً وكاشِفاً عن عمق الصراع بينهما، بعد عام تقريباً على 'العِداء' المتأجّج بينهما بعد تداعيات استفتاء 25 أيلول الماضي الكارثي، الذي أصر رئيس الإقليم السابق مسعود بارزاني على إجرائه، فيما عارضه حزب الاتحاد الوطني (حزب طالباني على ما جرى تعريفه) ومسارعة الحزب الديمقراطي (حزب بارزاني) إلى اتهام الاتحاد الوطني بـ'خيانة' القضية الكردية والتواطؤ مع حكومة العِبادي لتسهيل اجتياح الجيش العراقي مدينة كركوك، وإلحاق الهزيمة العسكرية ولاحقاً السياسية والإقتصادية بالإقليم وشعبه.

ثمّة خلافات داخل الاتحاد الوطني (طالباني) حول اسم المرشّح الذي سيخلف الرئيس الحالي فؤاد معصوم، والأخير من قادة الاتحاد الوطني ذاته، إذ تم تداول اسم 'محمد صابر إسماعيل' كمرشح رسمي للحزب، بعد إعلان قيل أنه صدر عن مجلسه المركزي، فيما نفى آخرون صدوره وأصرّوا على أن الرئيس الحالي فؤاد معصوم هو مرشح الاتحاد الوطني 'الوحيد'، ما يعني أن الموقف من بقاء معصوم أو الإتيان بـ'إسماعيل' (بالمناسبة هو (عديل) الرئيس العراقي السابق الراحل جلال طالباني)....لم يُحسم بعد.

المثير بل اللافت في الخلاف الكردي ـ الكردي، المرشح هو الآخر للتصاعد والتفاقم، خصوصاً بين الحزبين الّلذين أحكما سيطرتهما على المشهد الكردي وتقاسما النفوذ والمكاسب والمناصب، منذ ربع قرن على تكريس اقليم كردستان في المشهد العراقي أوائل تسعينيات القرن الماضي، هو دخول الحزب الديمقراطي (حزب بارزاني) حلبة المنافَسة على منصب رئاسة العراق، في محاولة – قد تنجح – لكسر احتكار الاتحاد الوطني لهذا الموقع 'البروتوكولي'، الذي كان نتاج تفاهمات سابقة بينهما، بحيث تؤول رئاسة اقليم كردستان لـ'الديمقراطي' وتُرجم ذلك بأنّ أصبَح 'كاك مسعود' أول رئيس للإقليم، حتى اضطراره للإستقالة على وقع تحميله مسؤولية 'انكسار' الحلم الكردي بالإستقلال، فيما جلس الراحل مام طالباني (تبِعَه فؤاد معصوم) على مقعد رئاسة جمهورية العراق.

أزمات العراق المُتوالِدة.. تُنذِر بمزيد من الإنقسامات الأفقية والعامودية داخل الكتل والمكونات الحزبية والسياسية والبرلمانية، تماماً كما داخل تلك ذات الطابع العِرقي والقومي، إذ الكل ضد الكل والصراعات مٌحتدمة، ومَنْ لا يكسب في أي من 'المعارك' الدائرة الآن، سيخرج من الحلبة السياسية ويطويه النسيان، كما حدث مع أسماء لامعة (سابِقة) ظنّت أنها قادرة بسهولة على العودة إلى الصفوف الأولى، لكنها تواجِه مُعَارَضة شرِسة من قوى أخرى وعضها جديد بزغ مؤخراً وامتلك القدرة وخصوصاً التحالفات العابرة للحدود ودخل سباق المنافسة. ومِثال نوري المالكي وتجربته.. حاضرة بقوة في المشهد المُلتبِس.. الراهِن.

gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة