تحدثنا أمس عن الشَّقاء العاطفي الذي يعانيه الشركاء، رجالا ونساء، وتوقفنا عند حالة عدم وجود شريك أصلا، وتلك معضلة في الشرق، تؤرق حياة الملايين، من أبنائه، خاصة إذا كانت الضحية أنثى!
هي فتاة في نهايات العقد الثالث، لم تزل على مقاعد الدراسة، تغطي مصاريفها من أهلها، تعيش حالة الآلاف من فتياتنا «العزباوات»، صحيح أنها لم تصل سن اليأس من وصول شريك العمر، لكنها في الوقت ذاته تشعر أنها إنسانة غير مجدية لا أهمية لها، ثم تذهب بعيدا في البوح حين تقول أحب أن أكون أهم امرأة في العالم وأعظم أم لكن هذه الرغبة الأخيرة أشعر أنه من غير الممكن حدوثها(!) هكذا أشعر دائما لذلك أشعر بالقلق والخوف من شماتة الناس والنظرة التي سينظرون بها إلينا كوننا لا يطرق باب بيتنا أحد وإن جاء لا يعود وإن كان يريد أن يأتي لا يأتي !! ثم تقول ما أشعر به قد لا يكون مشكلتي وحدي فهي مشكلة الكثير ممن هن في سني» هذه مقتطفات من البوح الشخصي لحالة ما، لكنها في حقيقتها عرض لما تعانيه الكثيرات من فتياتنا اللواتي كتب عليهن أن يجلسن في انتظار مجيء الفارس» الذي قد لا يأتي ابدا!
كلما ذُكرت أمامي مثل هذه الحالات قفزت إلى نفسي فورا قصة زواج أم المؤمنين خديجة برسولنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وكيف خطبته لنفسها على نحو أو آخر، مع أن كثيرا من السادات والرؤساء في مكة كانوا يحرصون على الزواج منها فكانت تأبى عليهم وتردهم جميعا, ولكنها وجدت ما تنشده في محمد -صلى الله عليه وسلم- وهذا ما أفضت به إلى صديقتها «نفيسة بنت منية» التي ذهبت إليه وكلمته أن يتزوج صاحبتها، وقالت: يا محمد ما يمنعك أن تتزوج ؟ فقال: ما بيدي ما أتزوج به، قالت : فإن كفيت ودعيت إلى الجمال والمال والشرف والكفاءة ألا تجيب؟ قال: فمن هي . قالت: خديجة قال: وكيف لي بذلك ؟ قالت: علي، وتم الزواج وكان عمرها رضي الله عنها أربعين عاما وعمر رسولنا خمسا وعشرين!
ترى لمَ لا تخطب فتياتنا من يردن من الشباب، اقتداء بأم المؤمنين خديجة، ولم عليهن انتظار من يأتي ولا يأتي؟!
وللسجون البيتية وجهها الآخر، الأكثر إيلاما، فثمة من الرجال من يقضي شبابه في الضلالات، فلا يترك متعة من متع الشباب إلا ويجربها، يعيش حياته طولاً وعرضاً، يتقلب في «جحيم» من الذنوب، يحيا طيشه كاملاً، حتى إذا دبَّ المشيب في مفرقيه ورأى بناته قد اكتمل نضجهن، استدعى فواتير الشباب، وهُيِّئ له إن أوان التسديد قد حان، فاتخذ ما يرى انه لازم من احتياطات، مغلقا عليهن الباب والشباك والهاتف، خوفا من انتقام مفترض! حبيسات البيوت هنَّ، ليس لذنب اقترفنه، بل تحوطاً من ذنوب محتملة! حبيسات البيوت هنَّ، يبحثن عن منفذ فلا يجدن متّسعاً حتى لمتنفس هواء نقي، أو كلمة حانية، او لمسة إنسانية!
الأنثى في الشرق، غالبا، مطالبة بالاعتذار عن انوثتها وجمالها، ومطالبة أيضا باختيار طريقة ما لوأدها، فهي إما ان تُدفن في بيت والدها للكنس والغسل والجلي وخدمة الاشقاء، او تختار مدفنا آخر يُدْعى بيت الزوجية حيث تتحول الى فقّاسة لإنتاج الأطفال ومربية لشطفهم والسهر على راحة الزوج، فيما هو يمارس ضجره داخل المنزل، وفرحه خارجه، وما عليها إلا أن تتمرس في ممارسة دور الاسفنجة لامتصاص الصدمات والكدمات ايضا والهموم والاستعارة من الطنجرة غطاءها لتستر عوراته وتقصيراته، وحتى ضلالاته ومغامراته النسائية ربما، وتتحمَّل كل ذلك طمعا بتربية الأبناء والحفاظ على تماسك الاسرة!
حبيسات البيوت هنَّ.. وهذه ليست دعوة للتفلت وكسر طوق الحياء، بل دعوة لممارسة الحياة وإعادة الإنسانية لمخلوق جميل ورائع طالما تغزَّلنا وهِمْنا به وأحببناه نحن الرجال قساة القلوب!!
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو