السبت 2024-12-14 14:49 م

في فهم الإسلام .. تحديات كبيرة

07:08 ص

ينعقد في عمان مجدداً المؤتمر السادس عشر لمؤسسة آل البيت وسط ظروف معقدة وصعبة تمر بها الأمة لها علاقة بفهم الاسلام كصيغة سياسية والتعامل معه..

ويبرز الاسلام السياسي في التداول والصراع على السلطة في النموذج المصري ومن المناسب أن نتوقف عند سياسة الاسلاميين التي بدأت وكأنها تسوق الاسلام بصيغ تختلف عليها وتخرج المجتمع والدولة مما هي عليه ونحن في القرن الحادي والعشرين الى صيغ تبتعد عن الدولة المدنية وتذهب باتجاه الدولة الدينية التي تعمل على اعادة اسلمة المجتمع.
ولأن قوى التطرف الاسلامي التي اعتمدت مرجعيات انتقائية من الفكر والثقافة الاسلامية راجت بضاعتها في السنوات الأخيرة وبرزت في المجتمع والدولة من خلال ما سمي بالصحوة الاسلامية بداية فإن هذه القوى نشطت مع وقوع احداث جسيمة في المنطقة وخاصة بعد احتلال العراق وأفغانستان ومع قيام الثورة في سوريا وموجات الربيع العربي حيث استفادت هذه التنظيمات الاسلامية على اختلافها وخاصة الاخوان المسلمين من ما أتيح لهم من تنظيم وامكانيات وامتداد عالمي..
في وجه التطرف الاسلامي ومنابعه ومرجعياته الفقهية وتجاوزاته ومعاركه صدرت رسالة عمان وجرى تفعيل دور الأزهر كمؤسسة علمية اسلامية راشدة كما أن الملك الحسين رحمه الله تنبه لذلك فوجه إلى اقامة المجمع الملكي لبحوث الحضارة الاسلامية آل البيت للاهتمام بالشؤون الفكرية والثقافية واستقطب له مئات العلماء والمفكرين والباحثين الاسلاميين من كل انحاء العالم الاسلامي وكان هذا المجتمع قد عاش فترة ازدهاره آنذاك حين كان يقوده الدكتور ناصر الدين الأسد ومجموعة من العلماء وها هو الأمير غازي بن طلال مستشار جلالة الملك للشؤون الدينية والثقافية يحاول اعادة انتاج هذا الدور بكفاءة..
كما وجه الملك الراحل ايضاً إلى انشاء جامعة آل البيت لتكون جامعة للمذاهب الاسلامية ترعى التعليم واحياء التراث المتعلق بها في حوارات متصلة وتوافق على الجوامع ونبذ للفرقة وتقديم الاسلام بعقلية صافية والتقدم باتجاهه وليس الرجوع اليه كما ظل الملك الراحل الحسين يقول اليوم أمام التحديات الكبرى التي تعصف بعالمنا العربي والاسلامي حيث يزداد مستوى ومنسوب التطرف المفهومة أسبابه ودوافعه وحيث تروج جهات معادية واستعمارية لذلك ليصبح الاسلام عدواً على العالم أن يحاربه كان لا بد من نهوض المفكرين الاسلاميين ذوي النزعات المعتدلة لانقاذ الاسلام من الاختطاف والارتهان الذي تمارسه فئات قليلة تسحب خلفها الدهماء والجهلاء وبائعي الفتاوى على الهواء..
هذه الدورة مهمة رغم تهميش الاعلام لها وغيابه الفاعل عنها ورغم قيامها وسط حروب وصراعات وضجيج وانصراف عن أهميتها ورغم ما تحمله من عنوان (مشروع دولة اسلامية معاصرة قابلة للاستمرار ومستدامة) والحقيقة المرة أن المفكرين الاسلاميين في بلادنا العربية والاسلامية ما زالوا يراوحون مكانهم ويجتر أكثريتهم التراث ويعيدون انتاج الماضي ويدورون في حلقاته مفتقرين الى التعامل بوعي ومعرفة مع الواقع ومعطياته ومقصرين في الانتاج ما يليق بهذا الواقع ويستجيب لتحدياته وكأنهم يحاورون أنفسهم في غرف مغلقة لا تلبث لقاءاتهم أن تنفض دون الاجابة على كثير من الأسئلة ودون ربط مستويات الشباب العربي والمسلم الطالع مع قضاياه..
لا بد أن يكون في دوائر الحوار علمانيون ومتخصصون في علوم الدولة ودساتيرها وفهمها وفكرها ونشوئها وارتقائها فنحن هنا وفي العالم العربي والاسلامي لا نخترع الدولاب ولا نبدأ من الصفر وانما نحن جزء من العالم يساعد الفكر النير والمنفتح على تواصلنا معه حين نتبناه ونؤمن به ويساعد الفكر المغلق على الابتعاد والتهميش والنبذ وبالتالي التطرف..
مفكرونا الاسلاميون في آل البيت كمؤسسة وخارجها في المؤسسات المثيلة والشبيهة أمامهم تحديات كبرى وجدناها ماثلة في مظاهرها الان في مصر حيث يتصادم بعض الازهريين وعلى رأسهم شيخ جامع الأزهر مع الاخوان المسلمين ونجد اصطفافاً داخل الاسلام السني نفسه فكيف مع المذاهب الأخرى خاصة وأن الاخوان المسلمين في تجربتهم الفاشلة في مصر يصعدون من الترويج للمذهبية والطائفية بدل الذهاب إلى الدولة المدنية التي تحفظ لكل الأطراف والمذاهب والطوائف حقوقها وتمكنها من أداء واجباتها فما هو دور المفكر الاسلامي الآن؟ هل هو دور وقائي فقط وواعظ فقط ومطفيء حرائق للمتطرفين فقط أم أن دوره هو في وضع مشروع دولة مدنية حديثة يكون الاسلام في فكره وتعاليمه جزءاً منها لا يحتكر حق الآخرين وانما يتعامل معهم كما بدأ الاسلام «لكم دينكم ولي دين»..!


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة