خلال الأسابيع الأخيرة، استطاعت الأجهزة الأمنية الأردنية إحباط سلسلة من العمليات النوعية لتهريب المخدرات إلى الداخل، أو تمريرها إلى دول الجوار. وقد وُصف بعض هذه العمليات بأنه الأكبر الذي تشهده الحدود الأردنية، بل ووَصف بعض المصادر إحدى العمليات بأنها الأكبر على مستوى العالم؛ الأمر الذي يشير إلى أن الأردن أصبح مستهدفا بهذه التجارة القذرة أكثر من أي وقت سابق، مع الأخذ بعين الاعتبار أن كثيرا من هذه الشحنات يقصد بها دول مجاورة، وأن تجارة المخدرات في المنطقة أصبحت لعبة سياسية، إلى جانب ما تعنيه لعصابات المهربين.
بعيدا عن الجدل الذي لا يتوقف حول كون الأردن بلدا مستهلكا للمخدرات أو مجرد ممر، فإن علينا الالتفات إلى أن معدلات الاستهلاك المحلي لهذه السموم خلال السنوات الأخيرة في تصاعد. ويكفي ما مارسناه من تستر ورفض للاعتراف بالوقائع خلال السنوات الماضية، في بلد يعج باللاجئين، ويكاد يتضاعف عدد سكانه خلال أقل من خمس سنوات، وتزداد فيه العشوائيات والفقر والبطالة بشكل ملفت.
لقد شكل قانون المخدرات والمؤثرات العقلية للعام 2013، والذي رفض من قبل قطاعات كبيرة من المجتمع، بما فيها اللجنة القانونية لمجلس الأعيان، لكن في النهاية مرره البرلمان على عجل، ضربة قوية لجهود مكافحة هذه السموم القاتلة. وهو القانون الذي جعل من تعاطي المخدرات لأول مرة مباحا، ينفي عن هذا السلوك صفة الجرم.
الجديد في هذا الأمر أنه بعد نحو عامين من تطبيق القانون، تؤكد مصادر في الأمن العام أن مؤسسات الدولة تسرعت بالفعل في هذا القانون، وأن نتائج التطبيق تشير إلى تنامي أعداد المتعاطين والمدمنين بشكل واضح. وقريبا، سيطلَب رسميا العمل على إجراء تعديلات على القانون، إذا لم تقف القوى ذاتها التي وقفت مع سن القانون مرة أخرى وأحبطت هذه القناعة الرسمية.
نصت إحدى مواد قانون العام 2013 على أنه 'لا تقام دعوى الحق العام على كل من ضبط للمرة الأولى متعاطيا للمواد المخدرة والمؤثرات العقلية على أن يتم تحويله للمعالجة في المركز المخصص التابع لإدارة مكافحة المخدرات، أو أي مركز آخر يعتمده وزير الداخلية خلال 24 ساعة من إلقاء الضبط عليه'. صحيح أن هذا المبدأ يمنح المغرر بهم فرصة للإقلاع عن التعاطي؛ وصحيح أن ثمة نوايا حسنة معلنة من وراء القانون، تتعلل بالمحافظة على أبنائنا المغرر بهم لأول مرة، على اعتبار أن وجودهم في مركز علاجي يسهم في عملية التوعية والتثقيف من قبل خبراء ومختصين وعلماء نفس ورجال دين، وكأن هذا لا يحدث قبل هذا القانون. والأطروحة الكبرى التي يستند إليها المدافعون أن القانون إصلاحي اجتماعي، جاء نتيجة دراسات وتجارب دول عربية وإسلامية. لكن كل تلك المبررات لا تنطبق على المجتمع الأردني، كما اكتشفنا ذلك بالفعل بعد فترة قصيرة من التطبيق. إذ إن كل ما فعلناه هو التطبيع مع المخدرات ومع التعاطي، وتوفير بيئة خصبة لتجارة قذرة أصبحت تنتشر بقوة شيطانية. ولا نريد أن نعترف بالحقائق؛ عشرات الشباب الذين يموتون سنويا من بلدة أو قرية واحدة نتيجة للإفراط في التعاطي، والاختراق المرعب للجامعات التي تحولت سوقا كبيرة للمخدرات والمنشطات، والخلطة العجيبة بين السياسة والتطرف الديني والمخدرات، والتي ربما هي الأخطر والأكثر غموضا.
تصوروا أنواع الواسطة التي ستجعل من خلال هذا القانون متعاطين عتاة مجربين للمرة الأولى، وتجار مخدرات خربوا البلاد، مجرد أبرياء لم يشاهدوا الحشيش إلا للمرة الأولى. نحتاج إلى بناء رأي عام راشد قادر على تجسيد القناعة الرسمية الجديدة بضرورة تعديل القانون، قبل أن يتم اختطافها.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو