محاذير الحديث الصاخب عن الفساد هي القدرة على إثباته , وهي مهمة القضاء الذي يحتاج لأن يستقبل قضايا مكتملة الأدلة , وإلا فإن مهمته ستكون صعبة , خصوصا وأنه يتعامل مع أدلة وحقائق ولا يتعامل مع شائعات وقد سمعنا هذه المعادلة من رئيس المجلس القضائي هشام التل , وأظنه كان يرمي الى مسألة إستكمال الأدلة وكفاءة التحقيقات شرطا للإحالة .
هذا هو الحال في قضية « الكازينو « التي دخلت في باب التسلية الشعبية في تسلسل حلقاتها وكثرة الشهود وأغلبهم وزراء لا يعرفون شيئا عن القضية ,.وقد سبقنا زميلنا الدكتور فهد الفانك في جرأته المعهودة وتناول قضية « الكازينو « التي لم يثبت فيها تقاضي رشوة حتى اللحظة كما لم يثبت أن الخزينة تكبدت أية خسائر ما يفيد بأن هدرا ترتب على قرار كان من أوله والى أخره في خانة الإجتهاد .
تفضل الجهات المختصة , تحويل القضايا خصوصا تلك التي في دائرة ضوء الرأي العام الى القضاء ليخرج منها بنتيجة وحكم لم تنجح التحقيقات في التوصل اليه وهو ما يصعب من مهمته من جهة ويجعله من جهة أخرى في مواجهة الرأي العام .
في قضية الكازينو مثلا قيل أن الخزينة تكبدت أو ستتكبد 5ر1 مليار دولار غرامة في حال إبطال الإتفاقية , وبينما لا يزال الرأي العام يعتقد بأن الخسارة تحققت لم ينجح وزير العدل الأسبق وعلى مدى حكومتين أو ثلاث في تغيير هذا الإعتقاد وقد كان سببا في إثارة اللغط حول الرقم في بداية تصريحاته أو وفقا لما نقل عنه , وقد ثبت لاحقا أن الخزينة لم تخسر شيئا سوى بضعة ألاف من الدنانير كانت عبارة عن رسوم وغيرها من نفقات هامشية , وقيل أيضا أن مجموع المبالغ المطلوبة في قضايا فساد متفرقة غير القضايا الكبيرة تبلغ 100 مليون دينار , وقيل أيضا أن برنامج التحول الإقتصادي والإجتماعي أهدر مليار دولار وأتى على من عوائد التخاصية بينما بلغ ما توفر من منح لتمويل للبرنامج 579 مليون دينار على مدى اربع سنوات أنفقت عبر وزارات ومؤسسات الدولة وبلغ ما تم تحويله لصالح البرنامج من صندوق التخاصية 40 مليون دينار فقط , وقيل أيضا أن 17 مليار دينار أهدرت في بيع أصول حكومية بينما بلغت حصيلة عوائد التخاصية من كل البرنامج 7ر1 مليار دينار , والأرجح أن من ألقى بالرقم في الشارع أسقط الفاصلة بين الرقم الصحيح وكسره .
وفي ملف الفوسفات قيل أن هناك مالا ضائعا يقدر بنحو 800 مليون دينار وفي موضع آخر قيل أن حجم المال الضائع على الخزينة بسبب بيع 37% من حصتها في الشركة يقدر بملياري دينار وقد تبين أن جميع ما حققته الشركة منذ صفقة البيع عام 2006 ولغاية 2011 بلغ 600 مليون دينار مثبتة في ميزانيات الشركة الصحيحة والمدققة , وبينما نقارن اليوم بين أرباح الشركة عن هذه السنة التي تولتها إدارة حكومية وبين أرباح السنة التي سبقتها في ظل الإدارة السابقة وهي تكاد تكون متساوية نسأل عن المليار دينار التي جرى الحديث عن قدرة الشركة على تحقيقها لولا الفساد .المشكلة ليست في خرافة الأرقام المتداولة ولا فيمن يلقى بها الى الشارع , بل فيمن يتلقفها ويرددها دون تدقيق .
الأكثر دهشة كان في حجم المبالغ التي تدور حولها هذه الإتهامات, والتي إن جمعناها عشوائيا فهي فستتجاوز حجم المشاريع التي قيل أن «الهدر والفساد» قد أتيا عليها بما فيها العوائد والأرباح لسنوات عديدة .
مجددا نقول أن القضاء هو صاحب الفصل في القضايا , لكنه سيحتاج لأن تكون مكتملة , لأن هشاشة الأدلة فيها تجعل منها قضايا ضعيفة بينما قد تنطوي على فساد تمكن من الإفلات .
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو