الأربعاء 2024-12-11 23:48 م

لِمَ لا نبقى بعيدا عن الشبهات ؟

11:38 ص

نحن أمام مرحلة تجريف الشرعيات والبحث عن رسم خرائط جديدة للمنطقة

يزداد الحديث كل يوم عن، أو اتهام، الأردن الرسمي بدور في ترتيبات، على صعيد القضية الفلسطينية، وبالتحديد إيجاد مقاربات سياسية بين مشروع إسرائيل، بما يُسمّى 'الوطن البديل' الذي يدور حول الشكوى من 'الاقصاء والتهميش ' والمطالبة بـ 'المحاصصة' و زيادة التمثيل السياسي 'للأصول الفلسطينية' في البرلمان والحكومة، ومطالبات بتجنيس أبناء الأردنيات، اعتمادًا على حق المواطنة، إضافة إلى دعوات بالتساهل في التجنيس والسماح بدخول اللاجئين الفلسطينيين السوريين.
وكانت نخب برلمانية وإعلامية قد صعّدت من مطالباتها أو رفضها لتلك المطالب، إلى أن جاءت التشكيلة الوزارية الجديدة ببعض الرموز التي اعتبرها بعضهم أنها تصب في الخانة نفسها، في وقت فسّر فيه آخرون تجديد البيعة للهاشميين بالوصاية على الأماكن المقدسة في القدس بأنها تأتي في إطار البحث عن حلول اندماجية بين الأردن والسلطة الفلسطينية، وهو ما نفاه أكثر من وزير.
وقد وُجِّهت اتهامات للحكومة السابقة بتسهيل بعض الأمور، خاصة التساهل في تطبيق تعليمات قرار فك الارتباط أو حتى مخالفتها وتجددت الاتهامات مع تشكيل الحكومة الجديدة والتأشير على بعض أشخاصها الذين يمثلون 'اتجاه المحاصصة والتوطين'، لكن الأخطر ما سمعته شخصيا من مسؤول رفيع المستوى قبل أيام قوله بصريح العبارة إن ' التمثيل الفلسطيني في الحكومة 6 وزراء من 18 لا يتناسب والحجم الحقيقي!!'.
فهل صحيح أننا دخلنا في 'مرحلة قذرة' ؟ رَكِبَتها مجموعة من أنصار'التوطين'، وأن بعض السياسيين يحاولون ركوب الموجة والاستفادة من الأوضاع المحلية والاقليمية، وهل للحكومة هذه دور في تنفيذ المخططات المطروحة، والاستجابة للضغوط الدولية على الأردن، حكومة وشعبا؟
المناخات المحيطة في الإقليم تنبئ بأن تحركا 'قذرا' ابتدأ من الضغوطات الخارجية والداخلية التي يتعرض لها الأردن من كل الجهات، ومروا بـ'الصلحة' الأمريكية بين إسرائيل وتركيا، ونهاية بالضغوطات الأمريكية الجارية للعودة غير المشروطة إلى المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية. فهل نحن أمام مرحلة تجريف الشرعيات والبحث عن رسم خرائط جديدة للمنطقة؟
ابتداءً؛ لا بد من القول إن 'الوطن البديل' ليس مجرد لعب في القضية الفلسطينية والهوية الوطنية الأردنية وفرض شروط جديدة للعبة السياسية الداخلية وتغيير في موازين القوى الاجتماعية والسياسية وصولا إلى ما يُسمّى 'هيمنة فلسطينية على الأردن'، لكن الحقيقة ان الصراع ليس بين الأردنيين والفلسطنيين، بل في تناقضهما مع دولة الاحتلال، وهنا تأتي المؤامرة الصهيونية لتحاول 'فرض جملة مطالب واجراءات تحت شعارات حقوقية يمكن أن تفتتح معارك جانبية تحول دون التصدي الأردني الفلسطيني للمشروع الصهيوني'.
وبقدر ما يكون الأردنيون نظاما وأفرادا وكذلك الفلسطينيون قادرون على تحديد اتجاه البوصلة وتفعيل دور المقاومة وتوفير شروط الانتصار، فانهم يستطيعون حتما التصدي للمؤامرات على الشعبين والبلدين بعيدا عن أداء خدمات طوعية لإدامة الاحتلال وشرعنته.
وقد أدت حملة وزارة الداخلية بالضغط على المواطنين الأردنيين 'لتجديد تصاريح لم الشمل أو إضافة الأبناء اليها' إلى نتائج طيبة لخدمة الحق العربي في أرض فلسطين حيث صوب 9500 شخص وضعهم من أصل 17 ألفا مطلوبون لتلك الغاية، لكن هناك تساهل في الوزارة نفسها منذ أشهر من خلال التغاضي عن عدة آلاف من المخالفين لتعليمات قرار فك الارتباط، خاصة مَن يحمل منهم جواز سفر فلسطيني أو يعمل في السلطة الفلسطينية.
فلمصلحة من هذا التعطيل؟ أليس جواز السفر الفلسطيني وثيقة لا تمنح إلا للمقيمين على الأرض الفلسطينية؟ أليس من حق دولة فلسطين أن يكون لها هوية وشعب ؟ فلِمَ لا نساعدها ونبقي أنفسنا بعيدا عن الشبهات؟



gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة