السبت 2024-12-14 12:59 م

ماذا يخبئ المسح الجديد لنفقات الأسرة؟

07:28 ص

بدأت الفرق الميدانية التابعة لدائرة الاحصاءات العامة هذه الأيام تنفيذ مسح نفقات ودخل الأسرة الأردنية لعامي 2013-2014 الذي يستمر لمدة عام كامل، من أجل توفير بيانات تفصيلية جديدة يمكن لها أن تعكس ما طرأ على الإنفاق الأسري من متغيرات ناتجة عن مختلف العوامل الاقتصادية والاجتماعية، ما يساعد أيضا على تحديد خصائص الفقر والفقراء وأماكن تواجدهم على مستوى جميع المناطق، خاصة وأن ما هو متوفر حاليا من أرقام في هذا الشأن، إنما يعود في معظمه الى ما قبل خمسة أعوام وعلى وجه التحديد منذ عام 2008، حيث تجاوزها واقع الحال الى ما هو أسوأ بكثير.

كل المؤشرات تدل على أن نفقات ومداخيل الأسر الأردنية قد تعرضت الى اهتزازات عنيفة خلال السنوات القليلة الماضية من خلال تآكل شريحة الطبقة الوسطى لتنحدر الى ما هو أقل من نسبة 29% من المجتمع، في حين اتسعت دائرة الفئات المنزلقة نحو خطوط الفقر على اختلاف ألوانها الى ما يزيد على الخمسين بالمئة، أما الفقر المدقع فلا تزال أرقامه تتراوح حول نسبة 14% طبقا للأرقام الرسمية المعلنة!
ربما يكون من باب المصادفة أن تتزامن بداية المسح الجديد لنفقات ودخل الأسرة الأردنية الذي تنفذه دائرة الاحصاءات العامة على عينة تشمل حوالي خمسة وعشرين ألف أسرة، مع إعلان جمعية حماية المستهلك عن نتائج دراسة ميدانية كانت قد أجرتها على حوالي ألفي أسرة بواقع أربع استمارات لكل منها استمرت لمدة أربعة شهور وامتدت مرحلتها بين آذار 2013 ولغاية نهاية حزيران الماضي، بيّنت أن الميزانية الأسرية قد شهدت اختلالات عميقة خلال الآونة الأخيرة انحدرت بها الى تحقيق عجز فعلي شهري عن الإيفاء بالمتطلبات المعيشية الرئيسية.
أظهرت الدراسة أن الأسر ذات الدخل الذي يبلغ خمسمئة دينار فأقل تعاني عجزا في ميزانيتها تبلغ نسبة 28%، أي أن ثلث النفقات تقريبا لا توجد تغطية مالية لها، في حين يتم تعويضها إما عن طريق القروض البنكية وفوائدها المرتفعة أو الخضوع الى التقشف الجبري لاستبعاد بعض الضروريات رغما عن الأنف.
توقعت هذه الدراسة كذلك أن زيادات على الأسعار والأجور ستفرض نفسها على الأسواق المحلية بنسبة لا تقل عن عشرة بالمئة على حوالي 125 سلعة وخدمة في حال رفع أسعار الكهرباء، حتى لو بقيت الفواتير الشهرية الأدنى من خمسين دينارا دون تغيير وفقا للتوجهات الحكومية، ما يؤثر بالتالي على المزيد من الاضعاف للقدرة الشرائية للمواطنين والانحدار بها نحو عجز إضافي عن تلبية احتياجاتها المعيشية.
وفق مثل هذه المعطيات من الأهمية بمكان أن يتم إجراء المسح الجديد لنفقات ودخل الأسرة على أسس علمية وميدانية دقيقة، تأخذ في الاعتبار جميع التحولات التي فرضت نفسها على المستوى الديمغرافي والاقتصادي والاجتماعي وماذا قد تخبئ من مفاجآت، من أجل الخروج بأرقام غاية في الدقة صالحة ليتم الارتكاز عليها في أية خطط تنموية قادمة للنهوض بالمستوى الحياتي للأسرة الأردنية الذي بات يعاني من مشكلات مقلقة، وهذا لن يتم بدون تعاون المواطنين الكامل مع الفرق الإحصائية وتقديم المعلومات الصحيحة لها بلا مغالطات دفعنا ثمنها كثيرا.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة