الإثنين 2024-12-16 01:59 ص

مجزرة خان شيخون

07:47 ص

مجزرة «خان شيخون» قرب إدلب السورية تصيب الإنسان بحس مروع ليس له علاج، ويصيبه الغثيان الممزوج بالمرارة العميقة، ويقع تحت مطارق الحيرة والشعور بالإحباط الشديد ، تحت وقع الأسئلة الداخلية الكثيرة الملحة والمحيرة ، ماذا تستطيع ان تفعل ؟ وما هي الالفاظ والكلمات التي يمكن ان تقولها أمام منظر عشرات الأطفال الذين يتذوقون الموت الزؤام من خلال الاختناق الحاد بالغاز الكيماوي السام ؟ نتيجة قصف الطائرات بالأسلحة الكيماوية وغاز الاعصاب القاتل ؟ حيث انها تؤدي إلى حالات من الإغماء والاختناق المصحوب بخروج الرغوة من أفواه الضحايا وعذاب شديد يصاحب خروج الروح المنهكة.



منظر يخرج الإنسان عن طوره، ويقذفه بقوة خارج إطار الذات الممزقة والمحبطة والمليئة بشعور الخيبة واسوأ معاني الإحباط والتقزز ، خيث اننا لم تعد قادرين على فهم ما يحل بنا من لعنة ، ولا نملك ذلك القدر من البلادة وفقدان الإحساس الذي يجعلنا قادرين على الاحتفاظ ببقايا مروءة أو شيء من لعاعة صبر نستطيع من خلاله أن نتلهى بما تبقى لنا من أيام قبل الذهاب إلى القبر كمداً وقهراً وكبتاً ومقتا.


عندما أعلن «ترامب» أن الشعب السوري هو من يقرر بقاء الأسد او ذهابه، تعبيراً عن موقف أمريكي أكثر وضوحاً في التعبير عن التوافق مع الروس في كيفية اسدال ستارة هذا المشهد من هذا الفصل المروع ؛ في تدمير الدولة السورية وتمزيق شعبها، كان هناك توقعات ذكية بحدوث مجازر مروّعة بحق الشعب السوري الذي اصبح يملك قراره !! وقد كتبت عليه حرب الإبادة على مذبح التوافق الدولي والإقليمي على صياغة سوريا الجديدة ؛ المفرغة من قوتها وجيشها وشعبها، ومن خلال المهارة في ايجاد أداة التطرف والعنف التي صنعت على أيدي الأنظمة المستبدة وتمويل النفط العربي وادارة أجهزة الأستخبارات المحترفة وضحايا البلاهة والحمق التاريخي العربي لتكون ستارا لمخططهم الرهيب.


أشعر بالغيرة والحسد من اؤلئك النفر من بعض أدعياء السياسة وأتباع الأنظمة الذين يمتلكون مهارة تجاهل ما حدث، وغض البصر عن مناظر الاختناق المروّع لأطفال سورية والتمكن من صرف النظر عن الرغوة والزبد المنبعث من افواه الضحايا ، وأحسدهم أكثر عندما يسارعون إلى القول أنها أخبار مفبركة و ليست صحيحة، وهي من صنع القنوات الفضائية العميلة، أو لهروب نحو القاء وابل من الشتائم على عصابات الإرهاب والتطرف، التي كانت جزءاً من مؤامرة الاطراف مجتمعة ، حيث إستطاعت تنظيم عشرات الآلاف من المجرمين ومعتقلي السجون في سوريا والعراق وايران، والتحق بهم كل مجرمي العالم الذين تم توفير جوازات السفر لهم وتأمين سفرهم وتنقلهم عبر الحدود، وتمويلهم وتسليحهم وتدريبهم، وتزويدهم ببعض القادة العسكريين الذين يتلقون الاوامر بدقة.


ما كنت لأشعر بالصدمة لو كان الضحايا و المختنقون هم المجرمون من الطرفين المتقاتلين، وما كنت أشعر بالندم على موت القتلة، ولكن المصيبة عندنا تكون متمثلة بالإجهاز على شعب وأمة، والإجهاز على بقايا الوعي الذي قد شكل أحد عوامل اليقظة والنهوض ولو بعد حين.


ليس هناك أشد مرارة من الشعور بالعجز عن مواجهة الحدث، وليس هناك أشد خطورة من صناعة الإحباط واليأس التي أصبحت فناً يتقنه السياسون العرب، والمغلف بالخداع والتزوير وقلب الحقائق.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة