الجمعة 2024-12-13 17:59 م

محادثات السلام: رفض وسرّية وغياب مرجعية

12:09 م

الوكيل - تغيب عناصر النجاح عن مسار التفاوض الجديد، إزاء ما أرجعته أوساطاً سياسية مختلفة إلى 'التعنت الإسرائيلي، والمناهضة الفلسطينية الواسعة لقرار استئنافها، وضبابية مرجعيتها، بما يجعلها بعيدة عن إنجاز التسوية السلمية'.


وتتوقف تلك الأوساط عند طوق السريّة المفروض حول جلسات التفاوض، مما يثير لديهم مواطن الريبة والشك من نواتج مداولاتها، في حين تلوح مساع أميركية إسرائيلية للخروج بصيغة تسوية 'ما' قد يسهل تمريرها وسط المتغيرات الجارية في المنطقة. ويزيد من ذلك، بالنسبة إليها، ضعف مقومات العودة الفلسطينية إلى المفاوضات، غداة مقاربة أقل من نصف حساب تلبية الشروط الثلاثة لاستئنافها، أمام موقف إسرائيلي 'مبهم' من قضيتي الحدود والاستيطان، و'مراوغ' من مسألة إطلاق سراح الأسرى 'القدامى' في سجونها المحتلة.

وفي حين يستعد المفاوضون الفلسطينيون والإسرائيليون لعقد جلسة مباحثات جديدة الأسبوع المقبل، فإن مسار التفاوض قد يمتد، بحسب الأوساط نفسها، لأكثر من سقفه الزمني المحدد بتسعة أشهر، عند عدم التوصل إلى نتائج ملموسة خلالها.

وبحسب مصدر فلسطيني مسؤول؛ فإن 'الإدارة الأميركية قدمت رسالة خطية رسمية تعتمد أسّ التفاوض وفق حدود 1967 مع تبادل للأراضي، من دون اعتراف إسرائيلي صريح بذلك'، خلا 'صمت جرى تجييره، وفق اتفاق ثلاثي، لناحية الموافقة'.

وقال المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه لـ'الغد'، إن 'الجانب الفلسطيني رفض استئناف التفاوض في ظل استمرار الاستيطان، لما فيه اعتراف بشرعيته، بينما هو غير شرعي ولا قانوني، غير أن سلطات الاحتلال تعهدت بوقف الاستيطان خارج الكتل الاستيطانية الكبرى، مقابل إبطاء وتيرته داخلها'.

وتكاد قضية الأسرى تكون الإنجاز الوحيد الذي تحقق من بعد إرخاء سطوة الشروط الثلاثة حدّ مرونتها، إلا أنها 'ليست إنجازاً كاملاً'، وفق المحامي إلياس صباغ، محامي القائد الفلسطيني الأسير مروان البرغوثي، وذلك أمام 'قلة الأعداد المطلوب إطلاق سراحها، ضمن دفعات، وارتباطه بتقدم المفاوضات، فضلاً عن ترك معايير الإفراج إلى سلطات الاحتلال'.

ومن المنتظر الإفراج عن الدفعة الأولى من الأسرى 'القدامي'، المعتقلين قبل اتفاق أوسلو (1993)، في 13 من الأسبوع الحالي، قبيل جلسة المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية.

ومع ذلك، وبالرغم من إقرار الحكومة الإسرائيلية بالإفراج عن 104 أسرى، إلا أنها 'لم تستجب للمطالب الفلسطينية بخصوص ملفي الاستيطان ومرجعية المفاوضات'، بحسب عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واصل أبو يوسف.

وقال، لـ'الغد' من فلسطين المحتلة، إن المفاوضات تجري 'بدون مرجعية حدود العام 1967، في ظل استمرار الاستيطان وغياب الدعم والإسناد الشعبي، فيما أُدرج ملفا الحدود والأمن كمتطلبات أساسية في مسار التفاوض وكجزء من عملية مناقشة قضايا الوضع النهائي، ومنها القدس واللاجئين والمياه'.


واستبعد 'إحراز نتائج ملموسة من جولة التفاوض الحالية، في ظل الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة التي لا ترغب بالسلام ولا تؤمن 'بحل الدولتين'، والإدارة الأميركية المنحازة لها'.

إلا أن سلطات الاحتلال 'ستنتهز فتح صفحة تفاوضية جديدة للمضي قدماً في فرض الوقائع الجديدة على الأرض وتعميق الخلل القائم لمصلحتها'. ودعا إلى 'استكمال الخطوات اللاحقة للمسعى الأممي، بعد نيل فلسطين صفة 'دولة مراقب' غير عضو في الأمم المتحدة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2012، ومحاكمة الاحتلال على جرائمه ضد الشعب الفلسطيني، وعدم الارتهان على مسار فاشل'.

ورغم المظاهرات والمسيرات الشعبية والفصائلية التي عمّت أرجاء الأراضي المحتلة ضدّ قرار استئناف المفاوضات، إلا أن العجلة دارت في محرك مسارها، بوصفها 'خياراً استراتيجياً وحيداً بالنسبة للسلطة'، وفق النائبة في المجلس التشريعي الفلسطيني عن 'حماس' سميرة الحلايقة.

وقالت، لـ'الغد' من فلسطين المحتلة، إن 'قرار استئناف المفاوضات يخدم الأمن الإسرائيلي فقط، ويمنحه وقتاً إضافياً لترسيخ الوقائع الاستيطانية والتهويدية على الأرض، من دون التزامه بأية ضمانات، باستثناء وعود إعلامية سرعان ما تتلاشى'.

بيدّ أن مفاعيل السرّية وغياب المرجعية وإدارة جولة التفاوض الجديدة برعاية أميركية مباشرة عبر طاقم تفاوضي يتقدمه سفير الولايات المتحدة السابق لدى الكيان الإسرائيلي مارتن انديك، المعروف بانحيازه المفتوح للاحتلال، قد تلقي ظلالاً من الشك حول هذا المسار.

ورأى خبير القانون الدولي أنيس قاسم إن 'الجولة التفاوضية الجديدة في غاية الخطورة، لعدم وجود مرجعية لعملية التفاوض، وبسبب الاشتراط الأميركي بجعلها مفاوضات سرية، فضلاً عن تفويض السفير انديك قيادة المفاوضات نيابة عن الولايات المتحدة'.

وقال، لـ'الغد'، إن 'المرجعية التفاوضية الوحيدة التي طرحها وزير الخارجية الأميركي جون كيري تتمحور حول ما سماها 'التنازلات المعقولة' من الطرفين'، متساءلاً عن طبيعتها ومعايير الاحتكام إليها.

بينما غاب، بحسب قاسم، الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، (2004)، كمرجعية للمفاوضات، رغم مطالبته بهدم الجدار العنصري وإقراره بحدود الأراضي الفلسطينية المحتلة وفق العام 1967، داعياً إلى 'ايجاد رأي عام ضاغط للانسحاب من المفاوضات'.

من جانبه، نفى عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات وجود أية لجان سرية في المفاوضات مع سلطات الاحتلال، معلناً عن 'تشكيل القيادة الفلسطينية لجنة إشراف عليا على المفاوضات'.

وقال، في تصريح أمس، إن 'القيادة الفلسطينية أبلغت الجانبين الأمريكي والإسرائيلي رفضها الحلول الانتقالية، مقابل طرح جميع الملفات النهائية على طاولة المفاوضات وعلى رأسها الحدود والقدس واللاجئين والمياه والمستوطنات'.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة