الوكيل الأخباري - هل سألت نفسك يوماً: ما السعادة.. كيف نُعَرّفها بكلمات بسيطة وكيف نعرف إذا كنا سعداء أو لا؟
إذا سألت شخصاً عن هدفه في هذه الحياة، فالجواب على الفور: أن أكون سعيداً.. وإذا سألت آخر عما يريد لأطفاله فالجواب أن يكونوا سعداء.. فالسعادة هي الهدف والحلم الجميل الذي يسعى إليه الجميع. لكن المشكلة تكمن في حقيقة أن تطور الحياة الحديثة تجعلنا في سباق دائم مع الزمن.. نركض وراء الحلم والأمل والهدف.. نركض وراء السعادة.. وكلما زادت سرعتنا طالت مسافة السباق أكثر فأكثر، وفي كثير من الأحيان تبدو السعادة كأنها وهم أو سراب، فهل هي كذلك فعلاً؟
على الرغم من حقيقة أن السعادة لا تشترى بالمال فإن المليارات تُنفق من أجل تحقيقها.. الكل يحاول أن يشتري ما يعتقد أنه سيزيد سعادته.. يشتري منزلاً ويؤثثه بأفضل ما يستطيع، حتى لو اضطر الى الاستدانة والوقوع في فخ الفوائد والأقساط.. يشتري سيارة وربما طائرة إذا سمحت الميزانية أو القدرة على الاستدانة.. يشتري الملابس والجواهر.. يتناول طعامه في أفخر المطاعم ويقضي إجازاته في مشارق الأرض ومغاربها.. لكن يبقى السؤال: هل أن امتلاكه كل هذه الأشياء واستمتاعه بكل هذه المزايا يجعله سعيداً.. أو على الأقل يقربه شبراً واحداً من السعادة الحقيقية؟
باحثان من عالمين مختلفين ومن ديانتين مختلفتين أيضاً.. أسبانيا والهند.. الكاثوليكية والهندوسية.. أمضيا عشر سنوات زارا خلالها عشرات الدول بحثاً عن تعريف متكامل للسعادة.يقول الباحثان مانيل بوسيلز وراكيش سارين إنهما درسا وتفحصا مئات الدراسات وآلاف التقارير من أجل وضع قانون رياضي ومعادلة حسابية في تعريف السعادة، فكانت النتيجة متقاربة مع قوانين الحياة وكنوز المعرفة البشرية المتراكمة منذ آلاف السنين، ولا تختلف عما توصل إليه الحكماء قديماً وحديثاً بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو تباعد مجتمعاتهم.
معادلة حسابية
تقول المعادلة الحسابية التي توصل لوضعها هذان الباحثان إن السعادة تساوي الواقع ناقص التوقعات أي: السعادة = الواقع – التوقعات.. مع ملاحظة شديدة الأهمية، وهي أن الواقع ليس من السهل تغييره في حين أن التوقعات نحن من يصنعها ونحن من يسيطر عليها.
للتوضيح يقول الباحثان إننا من أجل تحسين حياتنا وواقعنا نعمل ونجهد للحصول على مزيد من المال لكي ننفقه على أنفسنا.. ومع عملية العمل والإنفاق يرتفع سقف توقعاتنا، أي أن التوقعات تزداد مع المستوى الذي نحققه في هذه الحياة.. لا حدود للقناعة بما تم تحقيقه.. نظل نأمل بتحسين حياتنا وتظل توقعاتنا تكبر وتكبر، كأننا في سباق مع أنفسنا.. نسعد حين نشتري منزلاً على سبيل المثال، لكننا سرعان ما نبدأ حلماً جديداً بشراء منزل أفضل أو ربما شراء مزرعة أو جزيرة.. والشيء ذاته حين نسعد بشراء سيارة، لكن هذه السعادة لا تلبث أن تصطدم بحلم شراء سيارة أكثر فخامة وهكذا.
من خلال نظرة فاحصة على المعادلة الحسابية البسيطة نجد أن مقدار السعادة يتقرر على أساس الفرق بين الواقع والتوقعات.. يزيد مع زيادة الفرق بين الواقع والتوقعات، وينقص مع نقصانه.. وكلما كانت التوقعات متواضعة زادت فرص تحقيق السعادة، أما إذا كانت التوقعات متساوية أو أكثر من حقائق الواقع فلا وجود للسعادة مما يعني صحة القول العربي الشائع: القناعة كنز لا يفنى.
أحد الحكماء قال مرة إن محاولة تحقيق مزيد من السعادة أشبه بمحاولة إطالة القامة.. كلاهما مستحيل.. كلاهما وهم وسراب. لكن الباحثين بوسيلز وسارين يقدمان الأفكار التالية لتحسين وزيادة فرص السعادة:
الصعود التدريجي
من المهم جداً لكل منا أن يخطط لحياته، وذلك بالتوفيق بين الواقع والتوقعات والعمل قدر الإمكان على زيادة الفارق الحسابي بينهما بالقناعة، أو على الأقل الحفاظ على هذا الفارق.. أن يعرف كيف يميز بين الممكن واللاممكن من توقعاته في هذه الحياة، لأن التوقعات المستحيلة لن توصله إلى أي مكان، ولن تحقق له أي هدف، بل على العكس سوف تبعده عن السعادة المنشودة.
السعادة ليست في امتلاك كل ما تريد والحصول على كل ما ترغب دفعة واحدة.. لكن بالامتلاك التدريجي لهذه وتلك.. فمن الثابت أن جميع الذين حصلوا على ثروات مفاجئة عن طريق اليانصيب مثلاً، لم يعرفوا السعادة الحقيقية لأنهم وجدوا أنفسهم فجأة وسط بحر من الأحلام التي تفوق توقعاتهم وقدراتهم على الاحتمال.
يعطي الباحثان مثالين لتوضيح وجهة النظر هذه.. الأول حول تربية الأطفال وكيف يجب عدم إعطائهم كل ما يريدون دفعة واحدة حتى لا نحرمهم من متعة العمل من أجل الحصول على ما يريدون.. أما المثال الثاني ففي بيئة العمل حيث يستمتع الموظف بالحصول على الترقيات بالتدريج كمكافأة على جهوده وإنجازاته بدلاً من القفز السريع الذي يسعده مؤقتاً لكن شعوره هذا بالسعادة المفاجئة سرعان ما يتلاشى.
يشير الباحثان إلى أن في الإمكان تصنيف الأشياء التي نود الحصول عليها ضمن ثلاث فئات: حاجات الجسم وحاجات القلب وحاجات العقل.. الأولى تضم الضروريات التي لا يمكن الاستغناء عنها كالغذاء والمأوى والصحة والجنس والأمور الحياتية المشابهة، أما احتياجات العقل والقلب فتضم الأوقات السعيدة التي نقضيها مع من نحب.. الاستماع للموسيقى.. ممارسة هواية محببة، وغير ذلك من الأشياء التي تسعدنا نفسياً.
السعادة خيار
البعض يُشَبه السعادة برقاص (بندول) الساعة.. (يوم فوق ويوم تحت).. لحظة في أقصى اليمين وآخرى في أقصى اليسار.. تغمرنا السعادة حيناً وتخاصمنا حيناً آخر.. ويقول هؤلاء إنه ليس في الإمكان السيطرة على حركة ذلك الرقاص، لكن في الجانب الاخر هناك من يرفض هذا التشبيه بالتأكيد ان السعادة خيار يمكن أن نصنعه بأنفسنا، ويشبه هؤلاء السعادة بمركب شراعي تسيره الرياح لكن ضمن حدود، فالربان الماهر يستطيع إدارة الدفة والتحكم في مسيرة المركب وعدم ترك الأمور للرياح تسيّره كما تشاء.
ويضيف هؤلاء أن في الإمكان السيطرة على دفة الحياة وتوجيهها نحو السعادة بغض النظر عن المكان الذي نوجد فيه على خارطة العالم وبغض النظر عن الظروف المحيطة بنا.. فالسعادة خيار والقناعة مفتاحها.
تنوعت الأقوال والهدف واحد
• السعادة تنبع من داخل الإنسان وتعتمد عليه.
• تتحقق السعادة حين يتم التوافق والتكامل بين ما نفكر فيه وما نقوله وما نفعله.
• لحظات السعادة هي التي تفاجئنا تقتنصنا وليست تلك التي نقتنصها.
• إذا حدث وتجاهلتك السعادة لبعض الوقت، فهي لا يمكن أن تنساك كل الوقت.
• السعادة حين أجد روحي تبتسم.
• السعادة أن ترى نفسك على حقيقتك بلا قناع أو زيف.
• السعادة تكمن في قبول الأشياء التي يستحيل تغييرها.
• السعادة في العطاء ومشاركة الآخرين أفراحهم وأحزانهم.
• السعادة أن تكون قادراً على الابتسام في الأوقات الصعبة.
• السعادة هي أن تعرف كم أنت محظوظ في هذه الدنيا على الرغم من الصعاب التي تواجهها.. أن تتعلم الحب على الرغم من تحطم القلب.. أن تتقن فن المسامحة حين يسيء إليك الآخرون.
الضروريات والكماليات
لكي تكون واقعياً ومنطقياً مع نفسك ومع المحيطين بك لا بد من امتلاك القدرة على التمييز بين الضروريات والكماليات، بين الأشياء التي تود الحصول عليها وتعتقد أنها تشعرك بالسعادة. المسألة بسيطة كما يقول أحد الباحثين، ففي الإمكان التمييز بين الاثنين عبر سؤالين تطرحهما على نفسك بعد أن تضع بين القوسين الشيء الذي تود الحصول عليه.
السؤال الأول: إذا لم يعرف أحد غيري أني حصلت على أو أمتلكت (...) فهل ما زلت راغباً في امتلاك هذا الشيء؟
السؤال الثاني: هل سيسعدني امتلاك (...) في المستقبل.. بعد خمس سنوات مثلاً؟
إذا كان الجواب بالإيجاب عن السؤالين فهذا معناه أن محور السؤال ضروري على الأقل من وجهة نظرك، أما إذا كان الجواب بالسلب لكل من السؤالين أو لأحدهما، فمعناه أن ذلك الشيء يمكن تصنيفه في خانة الكماليات وفي الإمكان الاستغناء عنه.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو