نعود مرةً أخرى إلى سؤال يوجه إلى شاب حلق شعره :- لماذا حلقت شعرك ؟! وكان السائل يتوقع إجابات تحتوي دروسا مستفادة وحكما وأسبابا جوهرية، لكن إجابة الشاب كانت في إتجاه آخر :- نحلق رؤوسنا لأن الشعر أصبح طويلاً.
ومثلما هي حكاية قص الشعر فإن عالم السياسة والعمل العام أفعال وقرارات تصدر، ومهما كانت هذه القرارات تمس مواقع هامة فإنها تكون قرارات إعتيادية تتم لأسباب أعتادت الدولة عليها، لكن البعض يذهب بعيداً في التحليل وأستنتاج الدروس والعبر والحكم المتوقعة، حتى أن صاحب القرار يقف أحياناً مندهشاً من هذا الخيال في التحليل الذي لم يخطر على بال من صنع القرار، وأن الدوافع وراء بعض القرارات ليست إستراتيجية الدولة ولا تحمل تحولاً في التحالفات والعلاقات، بل هو قرار إداري عادي خال من كل هذا الخيال والأبعاد.
والمشكلة أن بعض ما تسمى الأوساط السياسة والإعلامية تتوقف عند تغيير في شخص مسؤول هام أو حتى رئيس وزراء، وتقول إن تغيير الأشخاص لا يعني شيئاً وأن العبرة في النهج، أو تقول أن الحكومات ليست صاحبة تأثير في الملفات الإستراتيجية، وأن تغييرها ليس أكثر من إجراءات إدارية، ثم تسمع بعد حين من ذات الأشخاص والجهات تحليلات وتقييمات وخيالا سياسيا في التعامل مع تغيير عادي لشخص أو حكومة أو رئيس وزراء، وربط هذا بتحالفات المنطقة ومتغيرات أزمات الإقليم، ولا ندري حينها أي التحليلات بل أي خيال هو الدقيق.
ربما علينا أن لا نتعب أنفسنا كثيراً، وأن لا نطلق الخيال بعيداً في تحليل بعض الإجراءات وتقديمها للرأي العام وكأنها تحول سيغير وجه السياسة الأردنية، أو سيتبعه تحولات إقليمية، فالأمر يكون أحياناً أمراً إعتيادياً، ومن يغادر موقعه لا يكون ممثلاً لفكر سياسي أو مرحلة سياسية، ومن يأتي لا يكون هكذا أيضاً، والدليل أن مغادرة الأول وقدوم الثاني أبقت الأمور الكبرى على حالها.
عندما يكون رأس أحدنا بين يدي الحلاق، فإنه يمارس فعلاً روتينياً، وعندما يضع بين (فكي) مقصه خصلة شعر فإنه يقوم بأمر عادي، أما إذا كان أحد المراقبين يذهب بعيداً في تحليل أسباب إختيار هذه (الخصلة) من الشهر، ولماذا كانت أولاً، ولماذا أختار الحلاق الجانب الأيسر وليس الأيمن، فكل هذا مسؤولية المراقب، وربما لو سمع الحلاق هذه التحليلات لضحك، لأنه حين أختار هذه (الخصلة) كان يفكر في أجرة المحل أو عدد الزبائن وليس في الأبعاد الإقليمية لإختيار هذه الخصلة من الشعر.
لنتذكر دائماً أننا نحلق شعرنا لأنه أصبح طويلاً فقط، وليس من المفروض أن يكون هناك حكمة و تحليلات وأرتباط مع صناعة المقصات في العالم أو أسعار الكهرباء أو نتائج إنتخابات الكونغرس الامريكي..!!، كما أن الحلاق يعمل طول النهار على قص الشعر والإنتقال من رأي إلى آخر.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو