السبت 2024-12-14 00:37 ص

مياه الديسي .. أخيرا

03:00 ص

جاءت الحياة ، نعم جاءت المياه التي قال الله عنها في محكم تنزيله ' وجعلنا من الماء كل شيء حي ' .

هاجرت المياه من سهول وفيافي الديسي لتعيش في أوردة الأردنيين الذين عطشوا وظمئوا وتحملوا ، بل قطعوها عن اجوافهم وسقوها للهاربين إلى رحمة الله ، اللاهثين وراء الامن والامان، ملايين وملايين العرب روتهم شربة الماء الاردنية الشحيحية ، قطرات الماء التي أحيت عروق الخوف الناشفة التي جاءنا بها الاشقاء من الشرق والغرب من الشمال والجنوب.
واخيرا جاءت مياه الديسي ، وأفرحنا د. حازم الناصر الذي أعلن وصول أو الغيث ، فلطالما يئس الناس من كثرة الوعود ، وتعدد العثرات ، وكثرة التبريرات . أخيرا سالت مياه الجنوب العابرة للدول وستشرب عمان بالضبط كما ستشرب معان والكرك والطفيله ومادبا منها ، وستستفيد محافظات الشمال من هذا المشروع بعد أن يعاد توزيع المياه ، وتصبح مياه الشمال لابناء مناطقها بعدما هبوا لاطفاء عطش ابناء العاصمة .
يقيني التام وانا ابن الوزارة لما يزيد على 25 سنه أن حازم الناصر وزير المياه سيواصل الاستراتيجية المائية بايقاف الاستنزاف المائي من الاحواض المستنزفة خاصة الازرق واليرموك وعمان الزرقاء وغيرها وغيرها ، فنحن معه نؤمن بأحقية الأجيال القادمة بمياه آمنة نظيفة ، تمكنهم من بناء المسيرة الوطنية ، ونحن على قناعة بان التعامل مع المخالفات والحفر غير المشروع والاعتداء على مياه وممتلكات المياه جريمة كبرى لا بد من الجدية بالتعامل معها ، فوصول المياه من الديسي لا يعني زيادة الفاقد المسروق ولا يعني زيادة عدد الفتحات والثقوب التي سيشهدها خط الديسي ، ولا يعني السكوت على المتطاولين على المحطات والخطوط الرئيسية والفرعية . .
التعامل مع الفاقد الاداري والفني بجدية هو الذي يمكننا من الوصول لنسبة تقل عن 25% على الاكثر خلال مدة لا تتجاوز خمس سنوات ، فالوقت مناسب لجلب مساعدات عالمية لتغيير وتحديث الشبكات وتأهيلها وبالوقت نفسه دفنها وتغليفها ما يصعب تجاوزها والسرقة منها . وهنا فان تغليظ العقوبات على كل من يتطاول على مياه المواطن واظهار نماذج حيه للناس والاعلان عن مثل هؤلاء فاننا نكون قد خطونا خطوات جباره في الحد من الفاقد .
الحديث عن المشروعات الكبرى لا يعني التوقف في الحديث عن المشروعات غير التقليدية ، فالحصاد المائي واعادة الاستخدام حالة اشتهرت بها عائلاتنا ، واستطاعت بناء منظومات استراتيجية لاحتياطات مائية منزليه وزراعية من مياه الامطار لاستخدامها صيفا وعندما يشتد الطلب ، تصريف مياه التنظيف والغسل والجلي والاستحمام عبر مصارف لري حدائق المنزل او شطف ساحات البيت لتكون دورة المياه المنزلية قد مرت بعدة حالات واستخدمت عدة مرات قبل ان تستقر في صحن شجر المنزل مسألة تصب في ترشيد الاستهلاك جنبا لى جنب مع التركيز على تكنولوجيا الترشيد المنتشرة .
انا على يقين بان د. حازم سيركز على الدوام على دور المواطن الاردني في استمرار التعامل الامثل مع المياه كما عودنا وتماشى مع الواقع ، فتدفق مياه الديسي لا يعني وفرة المياه بمقدار ما يعني تخفيف حدة العجز المتزايد الذي سيريح الناس شيئا ما لكننا سنبقى في اطار العجز المدقع ما دامت حصة الفرد تقل عن 15% من مستوى خط الفقر المائي العالمي . لهذا فان الوعي المائي ثابت لا بد من الاستمرار فيه خاصة وان للاردن تجربة رائدة تسجلها المنظمات الدولية وتفخر بها وتعتبرها النموذج الامثل للتعامل مع المياه.
لا نريد ان نغوص في الاستراتيجية المائية ولكن وصول مياه الديسي اخيرا يريح الناس ويشجع المستثمر ، ويطمئن الاباء على ابنائهم في نجاح مسيرة قطاع المياه في الاردن ، ولكن هذا النجاح يحتاج لمن يمسك معوله ومحراث ارضه فيجيد الحراثة .


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة