تبدو العلاقات الرسمية بين الأردن وإسرائيل في مسار متجه نحو التصادم والتصعيد. لا يتعلق الأمر فقط بالغموض الكبير في المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية ودعم الحكومة الإسرائيلية لتوصيات ومطالب تهدد مصالح الأردن الاستراتيجية بل امتد إلى مجالس النواب في الطرفين. في الكنيست الإسرائيلي هنالك حديث عن مناقشة رعاية الهاشميين للأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس، وفي مجلس النواب الأردني مفاجأة بطلب من أغلبية النواب طرد السفير الإسرائيلي من الأردن وإعادة السفير الأردني من تل أبيب وهي تعد عبئا كبيرا ألقي على ظهر الحكومة ولا نعرف كيف تستجيب له.
المشكلة أن هذا الصراع السياسي الصامت بين الأردن وإسرائيل يحدث في وقت باتت فيه ملفات استراتيجية في الأردن مثل المياه والطاقة مرتبطة بإسرائيل وباتفاقيات ثنائية تتطلب المزيد من التجانس السياسي. يمر الأردن الآن باسوأ فترة جفاف مرت عليه منذ عقود، ومع تفاقم ظاهرة تغير المناخ فإن هذا الوضع من المتوقع أن يصبح هو القاعدة لا الاستثناء. لحسن الحظ بالنسبة لسكان عمان والمحافظات الوسطى فإن الانتهاء من مشروع الديسي سيوفر مياه الشرب لهذه المناطق ولكن الحال ليس كذلك في محافظات الشمال التي تعاني من تراجع مصادر المياه الجوفية وتزايد الطلب نتيجة اللاجئين ما يجعل كمية 50 مليون متر مكعب تم الاتفاق على شراءها من إسرائيل بعد سنوات مقابل ضد 50 مليون متر مكعب محلاة من العقبة أحد الخيارات المهمة لإنقاذ محافظات الشمال من العطش.
في مجال الطاقة بدأت شركة البوتاس بكسر الحاجز النفسي واستيراد الغاز الطبيعي من إسرائيل عبر شركة طاقة أميركية وذلك بعد انقطاع الغاز المصري منذ سنتين. شركة البوتاس كانت قد استثمرت الملايين لإنشاء بنية تحتية تعتمد على الغاز الطبيعي وخسرت الملايين ايضا في شراء الوقود النفطي بديلا عنه ما أدى إلى خسائر في الإنتاج وإضعاف قدرتها على المنافسة وهذا ما وضعها في خطر وجودي بدون مصدر سريع للغاز الطبيعي.
بالطبع سيغضب الرافضون للتطبيع خاصة نقابة المهندسين، ولكن -للأسف- فإن النقابة العتيدة التي تضم عشرات الآلاف من المهندسين المهرة والموارد المالية الهائلة لم تقم بأي دور في تطوير مصادر طاقة ومياه داخلية تغنينا عن الحاجة للتعامل مع إسرائيل. لو كان مجلس النقابة هو المسؤول عن شركة البوتاس فكيف يمكنه حل المشكلة الكبرى وحماية الشركة من التراجع وفقدان القدرة التنافسية وبالتالي ايضا تسريح الموظفين؟
مشاكل المياه والطاقة في الأردن عميقة وقديمة ولكن الربيع العربي ساهم في تفاقمها وخاصة استقبال 600 ألف لاجئ سوري بكل ما يحتاجونه من خدمات وسبل معيشة، وكذلك انقطاع الغاز المصري. مواجهة هذه التحديات تتطلب الكثير من الموارد المالية وتعبئة الجهود الوطنية ويجب أن تكون للنقابات المهنية كبيوت خبرة أدوار فعالة وليس مجرد انتقاد التعامل مع إسرائيل. لا أحد يود أن يلجأ للخيار الإسرائيلي ولكن في نهاية الأمر هنالك تحديات لا توجد لها حلول محلية فقط. كنا نتمنى لو كان الغاز المصري يتدفق بشكل مستمر بحسب الاتفاقية، وكنا نتمنى لو بقيت سوريا هادئة والتزمت الحكومة السورية باتفاقية المياه مع الأردن، ولكن لا يمكن بناء السياسات على التمنيات بل على الواقع.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو