ألمح أكثر من مسؤول، خلال الفترة الماضية، إلى أن الحكومة تفكر في عدم التوقيع على اتفاق مع صندوق النقد الدولي للشروع ببرنامج إصلاح اقتصادي جديد. إنما من دون توضيح أسباب هذا التوجه.
بعض الحديث يتجه إلى أن الأردن يفكر، ربما، ببرنامج اختياري. وهذه أيضا فكرة لم يجر توضيحها، رغم أنها تحتاج إلى شرح وتفسير، ليعلم الأردنيون حقيقة ما يجري، وماذا يعني مصطلح 'برنامج اختياري' أصلا. هذا في مقابل تأكيد فريق أن البرنامج المقترح بالاتفاق مع 'الصندوق'، سيركز على الإنتاجية والعمالة وغيرهما.
في كل الأحوال؛ سواء لم تجدد الحكومة اتفاقها مع المؤسسة الدولية أو اكتفت بـ'برنامج اختياري'، فإنه يظل ثمة أسئلة تحتاج إلى إجابات، حتى نعرف إلى أين يتجه الاقتصاد الوطني؟
من أهم الأسئلة: هل تعتقد الحكومة، لاسيما فريقها الاقتصادي، أنها بلغت سن الرشد، فلم يعد هناك من حاجة لـ'وصاية' الصندوق الدولي على خططها وبرامجها؟ وفي هذا السياق، هل يعتقد القائمون على شأننا الاقتصادي أن لديهم خطة ورؤية تمكّنانهم من إنقاذ الاقتصاد، بكل تفاصيله، من الأزمة الخانقة التي يمر فيها؟
وأهم من ذلك؛ هل يتوفر لدى المسؤولين الإيمان بأن الخروج من عباءة 'الصندوق' ومغادرة دائرته، هو خيار آمن، وأن ما أنجز، رقمياً على الأقل، خلال فترة برنامج الإصلاح الأخير (2012-2015) محصن؛ بمعنى أننا لن نجد، بعد سنوات، أن الحال الصعبة تتفاقم بدلا من معالجتها؟
صندوق النقد الدولي لم يكن يوما من أنصار المجتمعات، وما فكر القائمون على برامجه بحماية الطبقات الوسطى وما دونها، وبالتالي مساعدة الدول على تحصين مجتمعاتها وحمايتها؛ على العكس، إذ لطالما وجهت برامج هذه المؤسسة ضربات قاسية للأفراد والعائلات، لكن الحكومات أُرغمت، في نهاية المطاف، على تطبيق هذه الخطط كملاذ أخير لمعالجة اختلالات وتشوهات رقمية متعددة.
ومن ثم، لا أظن أحدا يرفض فكرة قطع العلاقة مع 'الصندوق'. لكن ذلك لا يمنع استحضار تجارب الماضي، ومواجهة ما فيها من حقائق صعبة، وعنوانها الأبرز أن حكوماتنا أيضا لم تكن يوما قادرة على إدارة شأننا الاقتصادي بشكل مستقل. إذ لطالما تعرضت الإيجابيات التي كانت قائمة لانتكاسات بمجرد الخروج من ولاية 'الصندوق'! والأرقام أكبر دليل على ذلك، ومنها عجز الموازنة، وحجم الإنفاق العام والمديونية، وغيرها الكثير.
ففي العام 2004، تخرج الأردن من برامج التصحيح الاقتصادي بعلامة ممتازة، أهلته -ولو نظرياً- لإدارة شؤونه بنفسه. لكن لم يمض وقت طويل حتى أعادتنا الحكومات إلى الأخطاء ذاتها، وتفاقمت المشكلات لدرجة اضطررنا معها إلى اللجوء مجدداً للصندوق، لاحتواء أزمات أكبر متوقعة.
اليوم، لم يبلغ مستوى تحسن المؤشرات الاقتصادية ما حققه قبل عقد. والخطر ما يزال قائما فيما يتعلق بمؤشر الدين العام خصوصاً، والذي يشكل أكبر خطر يواجه البلد. وبالتالي، قبل أن تفكر الحكومة في الاستقلال عن 'الصندوق'، عليها وضع برنامج إصلاح بديل يكون وطنيا بامتياز؛ يحدد بعناية الأهداف المنشودة وسبل تحقيقها بعد سنوات، بشكل يضمن الخروج الآمن من 'الوصاية' الدولية الاقتصادية. وهذه قصة محاطة بكثير من الشكوك، بناء على تجارب الماضي التي اختبرناها مع حكومات سابقة.
مثل أي أردني وأردنية، لدي أفكار سلبية عن برامج صندوق النقد الدولي، تكرّست خلال سنوات التنفيذ الطويلة لهذه البرامج، وماهية ما فعلته بمجتمعات الدول المريضة اقتصاديا. لكن لديّ أيضا، في الوقت نفسه، ضعف ثقة بقدرة الحكومات على إدارة شأننا وعبور المرحلة الصعبة بسلام. فهل تنسف الحكومة الحالية هذه القاعدة السلبية، وتقدم لنا نموذجا استثنائياً مختلفاً في العمل؟
بالنتيجة، على الحكومة تقديم البديل، وأن تشرح بإسهاب خطواتها المقبلة، خصوصا أن بعثة 'الصندوق' ستصل المملكة مطلع الشهر المقبل؛ فعلينا التأكد من أن كل خطواتنا مدروسة قبل أن نقدم عليها.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو