الأحد 2024-12-15 00:10 ص

هل تراجعت الدولة عن مواعيدها الانتخابية؟

08:13 ص

كما لو أن التحرك كان منسقا ومدبرا خارج القبة؛ تقدم أربعة نواب 'معارضون' للحكومة باقتراح أثناء مناقشة قانون البلديات، ينص على أن 'تبقى المجالس البلدية الحالية قائمة حتى تنتهي مدة أربع سنوات على انتخابها'.

رئيس الوزراء د. عبدالله النسور التقط الاقتراح النيابي، وأثنى عليه بطريقة غير مباشرة، فأيدته الأغلبية تحت القبة.
إقرار هذه المادة يعني أن المجالس البلدية الحالية التي انتخبت بعد سنة ونصف السنة على انقضاء مدتها القانونية، ستستمر في عملها حتى تكمل مدتها، أي حتى العام 2017.
من الناحية العملية، إضافة هذه المادة يعد تراجعا عن خريطة الإصلاحات السياسية، والمواعيد الانتخابية المرتبطة بها.
خطة الدولة تنص على إقرار قوانين الأحزاب والبلديات واللامركزية أولا، ثم قانون الانتخاب، على أن تجرى الانتخابات البلدية في صيف العام 2016، والنيابية في العام 2017. وقد دافعت الحكومة في حينه عن هذه الخطة، وعملت بكل طاقتها لإقرار قانون البلديات بأسرع وقت.
فما الذي تغير حتى تبدل الدولة أولوياتها؟ وهل تغري هذه السابقة النواب لإضافة نص مشابه في قانون الانتخاب الجديد، يضمن عدم حل مجلس النواب الحالي قبل أربع سنوات على انتخابه؟
تشير كل الدلائل إلى أن مجلس النواب الحالي سيكمل مدته الدستورية، إذا لم تحدث تطورات تستدعي حله مبكرا. وفي هذه الحالة، من المتوقع أن تجرى الانتخابات النيابية المقبلة قبل نهاية شهر أيار (مايو) من العام 2017، أي خلال أربعة أشهر على انتهاء عمر المجلس الحالي؛ 29 كانون الثاني (يناير) من العام نفسه.
وفي هذه الحالة، سيكون من الصعب على الحكومة إجراء الانتخابات البلدية في الفترة التحضيرية للانتخابات النيابية. ولن يكون أمامها من خيار سوى تأجيلها لما بعد 'النيابية'، أو إجراء البلدية والنيابية في اليوم نفسه، وهذه مخاطرة لسنا مستعدين بعد لخوضها.
تأجيل البلديات لما بعد الانتخابات النيابية، سيتزامن مع المرحلة الانتقالية في البلاد بعد ولادة مجلس نواب جديد، وحكومة جديدة. فهل تستطيع حكومة قيد التشاور والتشكيل، والذي قد يستمر لعدة أشهر، أن تحضر لانتخابات بلدية قبل أن تنال ثقة مجلس الأمة؟
المغزى من إجراء الانتخابات البلدية قبل النيابية بعدة أشهر، هو منح بعض الطامحين إلى العمل العام فرصة التنافس في البلديات، واختصار قائمة المتنافسين في الانتخابات النيابية على الشخصيات الأكثر حضورا وتسييسا. لكن تغيير الجدول الانتخابي على النحو الحاصل سيضر بسوية المترشحين للنيابة، ويخلط الحابل بالنابل.
التراجع عن التزام مسبق بإجراء الانتخابات البلدية السنة المقبلة، يتناقض مع الجدول المعتمد لإقرار تشريعات الإصلاح السياسي في مجلس الأمة، والأهم من ذلك أنه يمس بصدقية خطاب الدولة الإصلاحي من دون أي مبررات.
ثلاثة أطراف فقط تستفيد من هذه 'التحويلة'؛ المجالس البلدية الحالية التي يطيل القانون عمرها، ومجلس النواب الطامح إلى البقاء حتى آخر يوم، وقبل هذا وذاك الحكومة التي تسعى إلى تحصين مواقعها في 'الدوار الرابع' أطول فترة ممكنة.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة