السبت 2024-12-14 23:50 م

هل تنكرت حكومة الملقي الثانية لإرث "الأولى"؟

06:58 ص

في الثامن عشر من حزيران (يونيو) الماضي، رفعت حكومة الدكتور هاني الملقي الأولى إلى جلالة الملك خطة عملها، أو كما سمتها 'البرنامج التنفيذي' للحكومة، وهو ترجمة تفصيلية شاملة لكتاب التكليف. وأكدت الحكومة في ذلك الوقت أن البرنامج هو خطة عمل للمرحلة المقبلة، في إشارة إلى أن حكومة الملقي ليست انتقالية أو مؤقتة، وإنما ستبقى إلى ما بعد الانتخابات النيابية.



حظي البرنامج حينها بنقاش واسع في وسائل الإعلام والأوساط السياسية، ونال ما ناله من تحليل ونقد وإشادة. بعد ذلك بأسابيع، دخلت البلاد في أجواء الانتخابات النيابية، وغرقت النخب في تكهنات حول مصير الحكومة مع مجيء البرلمان.


النهاية كانت معروفة؛ كُلف الملقي بتشكيل حكومة ثانية، وجاء التشكيل أقرب ما يكون إلى التعديل الوزاري. ثم نالت الحكومة ثقة البرلمان، وبعد نحو ثلاثة أشهر شهدت تعديلا نوعيا، طال رموزها الرئيسيين.


في الحكومة الثانية لم يعد أحد، حتى رئيس الوزراء، يأتي على ذكر خطة الحكومة الأولى، مع أنها برنامج العمل المعتمد لأربع سنوات، وهي الابن الشرعي لرئيس الوزراء وبالتالي للحكومة.


سألت وزراء ممن دخلوا حكومة الملقي الثانية ووزراء التعديل الأخير عن الخطة، إلا أن أحدا منهم لم يسمع بها، ولم يتسلم نسخة عنها.
الخطة التي تطلب إعدادها أياما وليالي، وسهر الملقي مع فريقه لتنقيحها حتى الصباح، استقرت في الأدراج. لم تتذكر الحكومة الجديدة والمعدلة من مضامينها سوى بند واحد لتطبيقه، هو البرنامج الموقع مع صندوق النقد الدولي. وانشغلت بكل كوادرها وفرقها بهذا الملف، من دون ربطه بحزمة سياسات وتوجهات كانت قد تبنتها في تلك الخطة.


رجعت إلى بنود الخطة قبل كتابة هذه المقالة، فوجدت فيها الكثير من البرامج التي تدعم صدقية الحكومة وتوجهاتها المبكرة لتحقيق إصلاحات جوهرية في مختلف القطاعات، جنبا إلى جنب مع إصلاحات الموازنة العامة.


وقد التزمت الحكومة فعليا وبدأت بتنفيذ بعض منها في عديد القطاعات. لكن التغيرات التي طرأت على تشكيلة الحكومة، كانت تستدعي إخراج الخطة من الأدراج، ووضعها من جديد على طاولة مجلس الوزراء ومكاتب الوزراء، ليتسنى لكل واحد منهم العمل على تنفيذ ما على وزارته من إصلاحات نصت عليها الخطة. ومن ثم تفعيل أدوات قياس الإنجاز، وتذليل العقبات التي تحول دون تنفيذها في المستقبل.


في المناقشات العاصفة مع النواب حول مشروع قانون الموازنة، لم تتطرق الحكومة أبدا لتلك الخطة، مع أن فيها الكثير مما يسعف الحكومة للرد على قضايا طرحها النواب، تخص إصلاح الإدارة العامة، وتنشيط دورة الاقتصاد، ومعالجة ملفات ما تزال حتى وقتنا الحالي محل شكوى الكثيرين.
لم يكن الزمن الفاصل بين إعداد الخطة وتشكيل الحكومة الثانية طويلا، حتى نقول إنها تقادمت ولم تعد صالحة لهذا الوقت؛ فالمشاكل هي ذاتها، والتحديات ماثلة بنفس درجة خطورتها، والإصلاحات المطلوبة في قطاعات التعليم والصحة والخدمات الحكومية، لم تتبدل.


إذا لم تكن الخطة ذات قيمة، حتى يتجاهلها أصحابها على هذا النحو، فمعنى ذلك أن الحكومة والنخب ووسائل الإعلام أهدرت وقتها في مناقشات عقيمة، وأن الخطة لم تكن سوى 'بروباغاندا' لعبور المرحلة الانتقالية، صوب حكومة الأربع سنوات.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة